نظارات إلكترونية لمساعدة ضعاف النظر على الرؤية

تصميم يمزج بين النظارة الشمسية ونظارة الواقع الافتراضي

نظارات «إي سايت 3»
نظارات «إي سايت 3»
TT

نظارات إلكترونية لمساعدة ضعاف النظر على الرؤية

نظارات «إي سايت 3»
نظارات «إي سايت 3»

سوف يغير نظام من النظارات الإلكترونية «إي سايت 3 - ESight 3»، الطريقة التي يبدو بها العالم للأشخاص ضعاف النظر. ويصمم النظام على شكل «مقدمة خوذة» يستخدم كاميرا سريعة جداً وذات جودة عالية. وبينما كان ضعاف النظر يرون ظلالا ضبابية مبهمة، فقد أصبح بمقدورهم بواسطته رؤية التفاصيل مثل التعبيرات على الوجوه.
* تجربة شخصية
ونشرت «يو إس إيه توداي» تفاصيل استخدام إحدى ضعيفات النظر لهذه النظارات الإلكترونية، إذ وصفت إيفون فليكس وهي تستخدم النظارة «إي سايت 3» ما تشاهده، بالقول لمراسلة الصحيفة: «أستطيع رؤية كل شيء، عينيك، وأرى أنك تبتسمين، وكذلك الرسوم المطبوعة على البلوزة التي ترتدينها». وأضافت فليكس التي تعمل حالياً متحدثة باسم الشركة المنتجة للنظارات: «لولا هذا الجهاز لكنت أرى فقط ظلا مظلما ضبابيا بلا أي ملامح أو تعبيرات مرتسمة على الوجه. يبدو الأمر مثل الرسم، وأنت تلطخ يديك بكل الألوان المستخدمة».
وكان ضعف النظر قد زحف على فليكس حين كانت في السابعة من العمر، وكان ذلك حين صدمتها سيارة لم تستطع رؤيتها قادمة باتجاهها. وتقول إيفون، التي بلغت السادسة والثلاثين من العمر، وباتت أُمّا لطفلين، ومصابة بضعف نظر شديد: «تم تشخيص حالتي بأنها تنكس بقعي، وحين بلغت الثالثة عشرة من العمر، فقدت النظر مركزياً، وفي نهاية مرحلة المراهقة وبداية العشرينات كنت أستخدم عصا، وطريقة برايل في القراءة؛ لقد كنت أشعر بالوحدة والعزلة الشديدة».
* تصميم إلكتروني
تبدو النظارات «أو مقدمة الخوذة» مزيجاً من نظارة الشمس العادية ونظارة الواقع الافتراضي؛ فهي كبيرة، لكنها ليست ضخمة. ويمكن ارتداؤها فوق النظارات الطبية، باستخدام زوج من شريط محكم مرن مغناطيسي. وفي الجهة الأمامية هناك كاميرا درجة دقتها 1080 بيكسل، تلتقط مقاطع مصورة حية مباشرة لكل شيء في نطاق الرؤية، وتنقلها إلى وحدة معالجة يمكن وضعها في جيب أو حقيبة يد، وتقوم هذه الوحدة بدورها بإرسال المقاطع المصورة إلى زوج من الشاشات المصنوعة من الصمامات الثنائية العضوية الباعثة للضوء.
يرى الشخص الذي يرتدي الجهاز صوراً متحركة ملونة بوضوح، دون أي تباطؤ زمني، ويمكنه كذلك تقريب الصورة. كذلك يمكن للمرء التقاط صور ومقاطع مصورة باستخدام هذا الجهاز.
وتمثل فليكس واحدة من بين نحو 300 شخص حول العالم يتمتعون بقدرة محدودة على النظر، أو يفتقرون إلى هذه القدرة تماماً. وحسب الأكاديمية الأميركية لطب العيون، فإن 1.2 مليون أميركي ممن تتجاوز أعمارهم أربعين عاما مصابون بضعف نظر شديد، ونحو 3 مليون شخص لديهم قدرة محدودة على النظر، أو تقل حدة النظر لديهم عن 40/20.
وتحاول الشركة الكندية التي تقدم هذا الجهاز، تغيير هذا الواقع، إذ أوضح براين ميك، الرئيس التنفيذي لـ«إي سايت» قائلا: «الجانب الفريد في هذا الجهاز هو أنه يمكّن إيفون فوراً من التنقل ذاتياً في البؤرة بين الرؤية قصيرة المدى عند قراءة كتاب أو كتابة نص على الهاتف الذكي مثلا، والرؤية متوسطة المدى عند رؤية الوجوه أو مشاهدة التلفزيون على سبيل المثال، إلى الرؤية طويلة المدى عند التطلع إلى ممر أو خارج النافذة على سبيل المثال».
* تحكم تقني
ويستطيع كل شخص يستخدم «إي سايت 3» التحكم في اللون، ودرجة التباين والبؤرة، ودرجة الإضاءة، وحجم الصورة. وأضاف ميك قائلا: «لقد نجح الجهاز مع 70 في المائة من الأشخاص الذين جربوه، وأتاح للأشخاص المصابين في النظر، أو المصابين بنوع من أنواع المياه الزرقاء، إلى جانب أكثر من عشرات الحالات الأخرى، الرؤية على الفور».
استخدمت فليكس، ونحو ألف شخص من المصابين بضعف النظر الشديد في كندا والولايات المتحدة الأميركية، نسخاً أقدم من نظارة «إي سايت» الإلكترونية منذ ظهورها عام 2012. ويمكن أن يسفر بحث سريع على موقع «يوتيوب» عن عشرات من المقاطع المصورة لأشخاص في سنّ مبكرة مثل الرابعة من العمر، وأشخاص طاعنين في السن مثل السابعة والتسعين من العمر، وهم يستخدمون «إي سايت» ويرون بوضوح للمرة الأولى؛ وفليكس من بين هؤلاء الأشخاص.
تقول فليكس: «لقد كان الأمر رائعاً، كأنه شيء يلمع في ذهنك. أتذكر جيداً رؤية زوجي وهو يبتسم ويمسك بأيدي ابننا الصغير. تمكنت من رؤية أن زوجي لم يحلق ذقنه، ونمت له لحية، لكن رؤيته وهو يبتسم، ورؤية التعبيرات على وجه ابني هي أمور لم أعايشها من قبل».
تبلغ كلفة «إي سايت 3» 9995 دولارا، بعدما كان سعرها 15000 دولار. ولا تغطي شركات التأمين هذا الجهاز، لكن ميك قال إن الشركة كثيراً ما تجد وسيلة لتوصيل النظارة إلى أيدي من هم بحاجة إليها من خلال جمع الأموال، والمنح، و«إبداع الروح الإنسانية». وتعبر فليكس عن امتنانها لذلك الجهاز إلى الأبد، حيث تقول: «التمكن من الرؤية شعور بالحرية؛ إنها حرية حقيقية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».