مخططات ذهنية للمساعدة في تنظيم الأفكار

تطبيقات تصمم خرائط مع الصور لتجسيدها

مخططات ذهنية للمساعدة في تنظيم الأفكار
TT

مخططات ذهنية للمساعدة في تنظيم الأفكار

مخططات ذهنية للمساعدة في تنظيم الأفكار

يعتبر رسم خرائط الذهن (العقل) من الأساليب المستخدمة في تحديد الأفكار بشكل بصري يسهل التعرف عليه، حيث يمكنك رسم الخرائط الذهنية خاصتك على الورق، ولكنها تصبح أكثر فائدة مع إنشائها على تطبيق إلكتروني.
* فكر احترافي
وهناك تطبيق «مايند نود MindNode» الخاص بالأجهزة العاملة بنظام «آي أو إس»، الذي يجعل الخرائط الذهنية تبدو أكثر احترافية. وفي العادة يجري رسم الخريطة الذهنية النمطية بشأن فكرة معينة، مع كثير من العقد شبه العنكبوتية التي تمتد من المركز إلى الخارج، وتتصل كل عقدة منها بقسم فرعي من الفكر الأم.
ويسهل التطبيق المذكور من عملية الرسم هذه، إذ وعبر خطوات قليلة وبسيطة، يمكنك البدء في رسم الخريطة مع فقاعة تحتوي على اسم المشروع أو مسمى توصيفي، وسرعان ما تضيف إليه كثير من العقد ذات الأسماء المختلفة.
ويتولى التطبيق التحكم في تنسيق العقد المتكونة وترتيبها على الصفحة نيابة عنك. كل ما عليك هو كتابة أفكارك والنقر على الشاشة بضع مرات قليلة أثناء إنشاء الخريطة الجديدة. ولا يقف التطبيق في طريقك، حيث لا يعيق أو يقطع عمليات التفكير الخاصة بك.
واجهة التطبيق سهلة وبسيطة، ويمكن تحرير المعلومات المدخلة مسبقًا بكل سهولة ويسر، سواء عن طريق تغيير ما كتبته سابقًا أو نقل الأفكار إلى موضع جديد على الشاشة. ولا يقيدك التطبيق بالخرائط الذهنية النصية فقط، حيث يمكنك إلحاق الصور على الصفحة لمزيد من التوضيح البصري المضاف.
ويقدم التطبيق الأنماط الملونة المختلفة حتى يمكن للمستخدمين تغيير شكل الخرائط الذهنية خاصتهم. ولا يتجاوز سعر التطبيق 10 دولارات للنسخة الواحدة.
* صور وأفكار
وهناك تطبيق آخر باسم (مايند فيكتور Mind Vector). وهو من التطبيقات الجيدة للغاية في رسم الخرائط الذهنية، وهو متاح للأجهزة العاملة بنظام (آي أو إس) و(أندرويد). وتوجد فيه مزايا تشبه تلك الموجودة في تطبيق (مايند نود)، ولكن هذا التطبيق يقوم بإنتاج خرائط ذهنية أجرأ وأوضح مع ألوان أزهى. حتى أنه يمكنك اختيار الصور المدمجة خلفية لهاتفك الذكي.
يقدم هذا التطبيق أيضًا وسائط الصور حتى يمكن متابعة الأفكار المترابطة ببعضها بعضًا بطرق مختلفة - على سبيل المثال، على غرار نظام الشجرة من الخطوط والكلمات، أو في شكل أكثر رسمية من الترتيب الهرمي المباشر.
كما أنه يقدم خيارات مثل البحث عن نصوص معينة بين المدخلات المختلفة للأفكار، والعمل التعاوني المشترك، وواجهة السحب والنقل البسيطة. وتحميل التطبيق مجاني ولكنه يتكلف 10 دولارات للنسخة الواحدة حتى يمكن استخدام خاصية العقد اللانهائية، وإزالة الإعلانات المدمجة من التطبيق، وفتح الخصائص المتقدمة.
يحمل تطبيق «بوبليت Popplet» واجهة للاستخدام سهلة وممتازة مع كثير من الإشارات البصرية المفيدة، والتصميمات والخرائط التي ينشئها هي أكثر سهولة من حيث الاستخدام من تطبيق «مايند نود».
وهناك خطط بألوان زاهية على هذا التطبيق تمنحه واجهة غير رسمية المنظر، ولكنها من الأدوات القوية التي يمكنها مساعدتك في إنشاء الخرائط الذهنية الكبيرة والمعقدة. والتطبيق مصمم أيضًا حتى يمكن لكثير من المستخدمين التعاون على إنشاء خريطة ذهنية واحدة، مما يجعله مفيدًا بالنسبة لمجموعات الأعمال المشتركة، كما أن هناك خيار المشاركة العامة في التطبيق حتى يمكن للمستخدمين مراجعة الأعمال المنتهية. وهو سهل الاستخدام للغاية، ولا يتجاوز سعره 5 دولارات على أجهزة نظام (آي أو إس).
* خريطة ذهنية
ويقف تطبيق (مايندلي Mindly)، المجاني على أجهزة (آي أو إس) و(أندرويد)، في حالة وسط بين تطبيق «مايند نود» وتطبيق «بوبليت» من حيث المظهر وسهولة استخدام الخرائط الذهنية عليه والواجهة. حيث ينشئ التطبيق الخرائط على شكل شبكة متصلة ومترابطة من الكلمات والصور، تشبه التطبيقات الأخرى، ولكنه يضع الكلمات والصور التي تقوم بإدخالها في عقد مستقلة عبارة عن فقاعات دائرية.
ويجري تنظيم هذه الفقاعات إلى دوائر تراتبية تتمحور حول الفكرة المركزية لكل خريطة ذهنية تقوم بإنشائها. مما يساعد على أن تبدو الخرائط الذهنية مرتبة ومنظمة، إلى جانب السهولة في قراءة الخريطة الذهنية في أي وقت من الأوقات. كما يمكنك، على غرار التطبيقات الأخرى المذكورة هنا، إضافة الصور إلى الخرائط، أو مذكرة ما، أو أيقونة مصورة لكل فكرة من الأفكار التي تتضمنها الخريطة، وهذه الطريقة تنشئ المزيد من النتائج البصرية الجاذبة للانتباه.
وتطبيق «مايندلي»، هو تطبيق مجاني من حيث النسخة الأولية، ولكنه يمنحك عددًا محدودًا من العقد. ولإنشاء الخرائط الذهنية المعقدة يجب عليك التحديث إلى النسخة الكاملة لقاء 7 دولارات، ولكنها تمنحك المزيد من الخيارات لنقل الخرائط الذهنية المنتهية إلى منصات أخرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)