إعلان الفائزين بجائزة الطيب صالح

مصر والمغرب والعراق وسوريا تحصد جوائز صاحب «موسم الهجرة للشمال»

الفائزون بجائزة الطيب صالح في دورتها السابعة
الفائزون بجائزة الطيب صالح في دورتها السابعة
TT

إعلان الفائزين بجائزة الطيب صالح

الفائزون بجائزة الطيب صالح في دورتها السابعة
الفائزون بجائزة الطيب صالح في دورتها السابعة

فاز كتاب من دول مصر والمغرب والسودان والعراق وسوريا بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي التي ترعاها الشركة السودانية للهاتف الجوال (زين)، وفي فروعها الثلاثة، الرواية والقصة والدراسات النقدية.
وحصلت مصر على جائزتين من جوائز الرواية، فيما نال المغرب جائزتين من جوائز القصة القصيرة، وحاز السودان جائزتين في مجال الدراسات النقدية، وذهبت بقية الجوائز لأدباء من العراق وسوريا. وأعلن مجلس أمناء جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي مساء أول من أمس، أسماء في فروع المسابقة الثلاثة بالخرطوم أمس، بحضور النائب الأول للرئيس السوداني بكري حسن صالح، وضيف شرف الجائزة رئيس الجمهورية التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، وشخصية العام الثقافية البروفسور فدوى علي طه، وجمع من المهتمين بمجالات الأدب والثقافة.
ففي مجال الرواية، نالت الكاتبة المصرية سناء عبد العزيز جائزة المركز الأول عن روايتها (فيد باك)، فيما نالت المركز الثاني السورية رامية عادل عن روايتها (زمن الخيانة)، فيما حصل المصري السيد فهيم على المركز الثالث عن روايته (رواية النهر). أما في فرع القصة القصيرة فقد نال المغربي لحسن باكور المركز الأول بقصته (الزرافة تظهر في غابة الإسمنت)، فيما نال العراقي ضياء جبيلي المركز الثاني عن قصته (ماذا نفعل من دون كالفينو)، أما المغربي سعيد بودابوز فقد حصل على الجائزة الثالثة عن قصته (ثورا وثورة). وفي مجال الدراسات النقدية، الذي خصص هذا العام لنقد الرواية الأفريقية جنوب الصحراء، حصل السوداني عمر السنوسي على الجائزة الأولى عن دراسته (المنجز الروائي في شرق أفريقيا)، والمصري مصطفى عطية جمعة المركز الثاني عن دراسته (الرواية الأفريقية وأدب ما بعد الاستعمار)، والمركز الثالث كان من نصيب السوداني أبو طالب محمد عن دراسته (أنماط السرد في الرواية الأفريقية).
وقال الأمين العام للجائزة الناقد مجذوب عيدروس، إن نسخة الجائزة التي تحمل رقم سبعة، جاءت تحت شعار: «حضارتنا كلها قائمة على فكرة التسامح» وهو شعار مأخوذ من مقولات الأديب الراحل الطيب صالح، وإن لجنة الجائزة اختارت أستاذ التاريخ بالجامعات السودانية والسعودية الدكتورة فدوى عبد الرحمن علي طه شخصية العام الثقافية، تقديرًا في مجالات الدراسات التاريخية والعلمية. وأوضح عيدروس أن 28 دولة من مختلف أنحاء العالم شاركت بأعمال إبداعية في الجائزة، وتقدم 208 متنافسين في مجال الرواية، و367 متنافسا في مجال القصة القصيرة، و18 دراسة نقدية، وبلغت الجوائز التي قدمت للفائزين 98 ألف دولار، 15 ألف دولار للفائز الأول، و10 آلاف جنيه للثاني، و8 آلاف جنيه للثالث، لكل فروع الجائزة.
وقال عيدروس إن الجائزة تناولت في هذه الدورة التيارات الحضارية المؤثرة في الأدب الأفريقي، والتأثير الأفريقي في الفنون والآداب، وإن من حصلوا على الجائزة في دوراتها السابقة مثلت لهم مهمازًا دفعهم للفوز بجوائز أدبية عالمية ومحلية في بلدانهم، وأضاف: «كان السودان فاعلاً ورائدًا في محيطه العربي والأفريقي». من جهته، قال ضيف شرف الجائزة محمد المنصف المرزوقي إن لجنة الجائزة دفعت بالشباب لملامسة مقام الطيب صالح، وإن الجائزة لعبت دورًا في «توليد الثقافة العربية، وجعلها ولادة أكثر»، وأضاف مشيدًا بالأديب الراحل: «من لم يقرأ الطيب صالح مات جاهلاً، فقد جاء من الجنوب المهمش ليقلب الطاولة على المركز الحضري الغربي».
فيما قال عضو لجنة التحكيم فخري صالح إن الطيب صالح رسخ اسم السودان في ذاكرة الأدب العالمي، وأهدى العالم رسالة في التسامح من خلال مواقفه الإنسانية، وأضاف: «تقدمت للجائزة نصوص كثيرة تستحق الفوز، ما جعل مهمة لجنة التحكيم تبدو عسيرة، وهو أمر يدل على تطور الإبداع السردي والثقافي العربي، وعلى بروز أسماء جديدة قدمتها الجائزة»، وتابع: «جائزة الطيب صالح واحدة من الجوائز العربية الكبيرة، وتكمن قيمتها في أنها ترشح أسماء جديدة باضطراد، وبالتالي تضخ دماءً جديدة في دم الكتابة العربية». يشار إلى أن الأنشطة المصاحبة للنسخة السابعة من الجائزة، التي استمرت ليومين، ناقشت عدة أوراق عمل ودراسات نقدية وأدبية، شارك فيها أدباء ونقاد من مصر والسودان والأردن وسلطنة عمان ومن دولة النمسا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».