وزير الآثار المصري وبوكوفا يشهدان أول نموذج مقلد لمقبرة سيتي الأول بالأقصر

افتتحا بيت المرمم الإيطالي الشهير ستوبلير عقب تحويله لمركز دراسات وتراث

منزل المرمم الإيطالي الشهير ستوبلير بالبر الغربي في الأقصر ({الشرق الأوسط})
منزل المرمم الإيطالي الشهير ستوبلير بالبر الغربي في الأقصر ({الشرق الأوسط})
TT

وزير الآثار المصري وبوكوفا يشهدان أول نموذج مقلد لمقبرة سيتي الأول بالأقصر

منزل المرمم الإيطالي الشهير ستوبلير بالبر الغربي في الأقصر ({الشرق الأوسط})
منزل المرمم الإيطالي الشهير ستوبلير بالبر الغربي في الأقصر ({الشرق الأوسط})

افتتح الدكتور خالد العناني وزير الآثار المصري، ترافقه إيرينا بوكوفا مدير عام اليونيسكو، والسفير ماركوس ليتنر سفير سويسرا، أمس بيت المرمم الإيطالي الشهير ستوبلير بالقرب من منطقة وادي الملوك الغنية بالبر الغربي بمدينة الأقصر (جنوب مصر). إلى جانب ذلك شهد وزير الآثار وبوكوفا، أول نموذج مقلد لمقبرة الملك سيتي الأول كخطوة أولى لعمل نموذج مقلد للمقبرة، على غرار نموذج مقبرة الملك توت عنخ آمون والموجود بجانب استراحة مكتشف المقبرة هيوارد كارتر بالبر الغربي.
وقال محمود عفيفي رئيس قطاع الآثار المصرية، إنه «تم البدء في مشروع ترميم بيت ستوبلير العام الماضي، بهدف تحويله إلى مركز للتدريب والأرشفة والتراث والمسح الضوئي ثلاثي الأبعاد على أعلى مستوى».
وقالت مصادر أثرية إنه «جرى ترميم بيت ستوبلير، الذي قام ببنائه المعماري المصري الشهير حسن فتحي عام 1950 والذي كان مقرا لمدير قسم الترميم بمصلحة الآثار المصرية آنذاك، ليصبح مركزا لتدريب الفريق المصري من الأثريين والمرممين، الذين سيشاركون مع فريق إسباني في عملية استنساخ مقابر ملوك ونبلاء الفراعنة خلال السنوات المقبلة».
من جانبه، أكد آدم لوو مؤسس مؤسسة «فاكتوم» للتكنولوجيا الرقمية في مجال التراث، التي قامت بتمويل مشروع المنزل، أهمية مركز التدريب، الذي سيعمل على استقدام تكنولوجيا المسح ثلاثي الأبعاد للأقصر، بما في ذلك المسح طويل ومتوسط المدى، والمسح السطحي عالي الدقة من المدى القريب، والتصوير الفوتوغرافي المركب والتصوير عالي الدقة، بالإضافة إلى توفير التسجيل والتوثيق عالي الدقة لإيجاد حلول فعالة ماديا لتوثيق التراث مما يعود بالنفع على المجتمع المحلي.
وأضاف لوو أن المؤسسة بدأت في عام 2016 في تدريب عدد من العاملين المحليين في مصر تحت إشراف علياء إسماعيل، متخصصة العمارة والمصريات، كما تم تزويد المركز بكافة التجهيزات اللازمة، وستشهد الفترة المقبلة زيادة عدد المتدربين على تسجيل ومعالجة وحفظ البيانات.
في ذات السياق، أوضح الدكتور مصطفى وزيري مدير عام آثار الأقصر، أن إيرينا بوكوفا أبدت إعجابها بأعمال الترميم التي تمت في بيت ستوبلير وتحويله إلى مركز بحوث ودراسات للآثار والتراث.
وأضاف أن الوفد المرافق لوزير الآثار المصري زار أمس، مقبرة الملكة نفرتاري بوادي الملكات، ومقبرة الملك سيتي الأول بوادي الملوك، وأبدت مدير عام اليونيسكو إعجابها أيضا بالماكيت الإلكتروني الثلاثي الأبعاد لمقبرة الملك سيتي الأول، الذي أنجزته البعثة السويسرية من جامعة بازل ومؤسسة فاكتوم للتكنولوجيا الرقمية في مجال حفظ التراث بالتعاون مع وزارة الآثار، كخطوة أولى لعمل نموذج مقلد للمقبرة غرار نموذج مقبرة الملك توت عنخ آمون والموجود بجانب استراحة مكتشف المقبرة هيوارد كارتر بالبر الغربي بالأقصر. وكانت مبادرة الحفاظ على جبانة طيبة قد اكتسبت شهرة في عام 2014 عندما تم افتتاح نموذج طبق الأصل من مقبرة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون» بالقرب من منزل كارتر.
وأشار الدكتور شريف عبد المنعم معاون وزير الآثار، إلى أن الوفد زار أيضا منطقة دير المدينة، حيث مقبرة نخت آمون والخاصة بالخادم في مكان الحق، حيث أعجبت بوكوفا بألوان المقبرة وعظمة وعبقرية ودقة الفنان المصري القديم الذي استطاع أن يزين المقبرة بهذه الطريقة واستخدامه الألوان، التي ما زالت تحتفظ برونقها وجمالها بعد آلاف السنين.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».