إقبال كبير على أول «كوميك كون» في جدة

شاركت فيه وجوه سينمائية محلية وعالمية

توافد الزوار على حضور فعاليات «كوميك كون» الذي يقام للمرة الأولى بالسعودية (أ.ب)
توافد الزوار على حضور فعاليات «كوميك كون» الذي يقام للمرة الأولى بالسعودية (أ.ب)
TT

إقبال كبير على أول «كوميك كون» في جدة

توافد الزوار على حضور فعاليات «كوميك كون» الذي يقام للمرة الأولى بالسعودية (أ.ب)
توافد الزوار على حضور فعاليات «كوميك كون» الذي يقام للمرة الأولى بالسعودية (أ.ب)

حالة واضحة من الحماس تطغى على مواقع التواصل الاجتماعي بين الشباب السعودي، بسبب إقامة معرض «كوميك كون» العالمي لأول مرة في السعودية، والذي يختتم فعالياته اليوم.
خلال اليومين الماضيين ازدحم مركز «تيك أوف» الاجتماعي بجدة، بأعداد كبيرة من الشبان والشابات الذين وجدوا فرصة لمعاينة مختلف فنون الأنيميشن والشخصيات الكرتونية. وانشغل عدد كبير منهم بالتقاط الصور مع شخصيات القصص المصورة، مثل شخصية «الجوكر» وشخصيات «ستار وارز» (حرب النجوم). كما سجل نجوم «اليوتيوب» بالسعودية حضورا كبيرا في ركن خاص بهم، وشاركوا في الفعاليات المختلفة. وحضرت شخصيات أبطال «مارفيل» الخارقين، وأقيمت ورشات عمل لإنتاج وإخراج الأفلام ورسم الشخصيات الكرتونية، ومسابقة في الألعاب الإلكترونية، وأفلام التلفزيون، والخيال العلمي، والقصص المصوّرة.
من جانبه، علق محمد العمري (14 سنة) لـ«الشرق الأوسط» على زيارته للحدث بقوله إن العرض كان «مرتجلا ولكن بطريقة مبتكرة»، وأضاف أن زوار المعرض أظهروا حماسة شديدة وشاركوا بطرق مبتكرة للدخول في أجواء الشخصيات الكارتونية. أما رائد العمري، وهو مهندس جيولوجي، فقال إنها المرة الأولى التي يرى فيها الجمهور السعودي يتفاعل مثل ذلك، وأضاف أن هناك روحًا من الصداقة والحماسة جعلت أفراد الجمهور يلتقطون الصور فيما بينهم، ويعلقون على ملابس الشخصيات الكارتونية التي ارتداها عدد كبير من الحضور.
أما حمزة أيمن كامل، فلم يكن على نفس الانبهار بالحدث، وعلق لـ«الشرق الأوسط» بقوله إن إدارة المعرض لم تكن موفقة، خاصة أن الأعداد الضخمة التي حضرت مثلت مشكلة تنظيمية للإدارة، ما اضطرها لغلق الأبواب وإيقاف الدخول والخروج لفترة. وقال حمزة الذي حضر فعاليات «كوميك كون» في لوس أنجليس العام الماضي، إن فعالية جدة لم تنجح في استقطاب شخصيات عالمية أكثر، ولكنه أبدى سعادته بوجود لعبة جديدة «Full Horizon» التي لم تطرح في الأسواق بعد، ولكن الإقبال الشديد من الجمهور عليها لم يتح الفرصة لكثيرين لتجربتها. وعلق الطالب في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز، سعيد شعبان بقوله إنه لا يستطيع مقارنة «كوميك كون جدة» بغيره، كونه الأول من نوعه في المملكة. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي علقت بسمة فلمبان بقولها: «الجمهور يريد أن يستمتع دون أن يسافر».
وقالت لينا الميمان، الطالبة بكلية دار الحكمة، إنها زارت المعرض في اليوم الأول، وإنها استمتعت بالجو العام وبالموسيقى، وأيضًا بعرض شخصيات «حرب النجوم» وبعض ورش العمل.
وأضافت: «أكثر ما أعجبني هو أنني قابلت شخصيات رائعة من فنانين وهواة». ولكن التجربة لها جانب آخر. كما تضيف لينا: «أعتقد أن مكان المعرض كان من الممكن أن يكون أكبر، وهو ما تسبب في الازدحام الشديد، لدرجة أنك كنت لا تستطيع الالتفات حولك، أيضًا لم يكن هناك تنظيم لحلقات النقاش، فعلى سبيل المثال من أحد أسباب حضوري هو رؤية الممثلين العالميين تشارلز دانس وجوليان غلوفر بطلَي مسلسل (لعبة العروش)، واضطررت للانتظار ساعة أمام الباب، ولكن المنظمين قالوا لنا إن القاعة امتلأت ولا يمكننا الحضور».
أما سلمى، فقالت: «أعتقد أن الحدث كان ناجحًا، ورغم أن اليوم الأول لم يكن منظمًا، فإنه في اليوم الثاني تم تدارك ذلك، عمومًا كانت تجربة جميلة وأفضل من توقعاتي».
وكان المهرجان العالمي قد انطلق الخميس الماضي، وسط حضور لافت للاستمتاع بالفعالية المقامة، حيث منح السعوديين والمقيمين فرصة عيش الأجواء الترفيهية التي يتسم بها الحدث العالمي، الذي شارك فيه وجوه سينمائية محلية وعالمية، مثل الممثل البريطاني تشارلز دانس، بطل مسلسل «لعبة العروش»، والممثل الأميركي جيانكارلو سبوزيتو، وغيرهما.
في حين أرجع المهندس عمرو المدني الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه السعودي، استضافة الحدث الترفيهي في بلاده، لما شهدته السنوات الأخيرة من حضور سعودي كبير لفعاليات «كوميك كون» خارج المملكة، ووجود رغبة قوية في استضافة مثل هذا النوع من الفعاليات.
وأشار المهندس المدني إلى أن معارض «كوميك كون» تضع العائلة في المقام الأول، مشيرًا إلى سعادته بإدراج مدينة جدة في قائمة المدن العالمية التي استضافت الحدث. وأضاف: «يتمثل هدفنا في تقديم خيارات ترفيهية متنوعة للسعوديين والمقيمين على حد سواء، تتيح لهم قضاء أجمل الأوقات برفقة العائلة والأصدقاء».
إلى ذلك، أشار عبد الرحمن خليفة، مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للترفيه، إلى استهدافهم أنشطة ترفيهية مختلفة تشمل جميع المناطق السعودية، قائلاً: «يأتي ذلك إيمانا من الهيئة بأن المواطن شريك أساسي في نجاحها، وهو العنصر الأساسي والمستفيد الأول من هذا القطاع».
في حين تعرف الجمهور من خلال فن الكوميكس - وهو فن القصص المصورة التي اشتهرت لأجيال كثيرة - على بعض الشخصيات التي شغلت خيال كثيرين، وظهرت في أفلام أدرت موارد عالية، من قبيل سوبرمان، والرجل الوطواط، والرجل العنكبوت، وميكي ماوس.
ويعد «كوميك كون» حدثًا كبيرًا يتجمع فيه فنانو الكوميكس، وينتج عنه كثير من الأفكار والقصص المصورة والصناعات الجديدة في ألعاب الفيديو والأفلام والرسوم المتحركة.
وكانت شركة «تايم» الأميركية للترفيه، التي تشرف على المهرجان بالتعاون مع هيئة الترفيه السعودية، أعلنت أن المهرجان يشمل معارض، ومنصات ألعاب ومسابقات، وورشات عمل، إضافة إلى سلسلة حوارات مفتوحة مع بعض الفنانين المشهورين، الذين شاركوا في بعض المسلسلات العالمية، لنقل تجاربهم للجمهور.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».