ملحمة الأب الروحي... مافيا سلاح وعصابات تهريب ونفوذ عائلات البيزنس

دراما مصرية بنكهة عالمية وموسيقى تصويرية رائعة

ملصق مسلسل «الأب الروحي»
ملصق مسلسل «الأب الروحي»
TT

ملحمة الأب الروحي... مافيا سلاح وعصابات تهريب ونفوذ عائلات البيزنس

ملصق مسلسل «الأب الروحي»
ملصق مسلسل «الأب الروحي»

يعرض حاليًا، حصريًا على شاشة «dmc»، المسلسل العربي «الأب الروحي»، المستوحى من الفيلم العالمي «The Godfather» (العرّاب)، ويعد الأطول من حيث عدد الحلقات، حيث يصل عددها إلى 300 حلقة. كما يضم في طاقم التمثيل مشاركة ضخمة من النجوم العرب، خصوصًا الممثلين المصريين.
المسلسل من إخراج بيتر ميمي، وتامر حمزة (مخرج منفذ)، وعبد الرحمن أبو غزالة (مساعد مخرج)، والمعالجة الدرامية والسيناريو هاني سرحان، وإنتاج ريمون مقار ومحمد محمود عبد العزيز، والموسيقى التصويرية الموسيقار التونسي أمين بوحافة.
قصة المسلسل تدور حول عائلة كبيرة يسيطر عليها الأب زين العطار، الذي يجسد دوره الفنان محمود حميدة، وله عدد كبير من الأبناء، منهم من يعيش معه في المنزل، ويسرد علاقة هذا الأب مع عصابات السلاح والمهربين، وتتمحور الأحداث حول عائلة كبيرة من كبار رجال الأعمال والنفوذ، وهم تجار سلاح متحكمون بتجارة السلاح بمصر.
أفراد عائلة العطار، وعلى رأسها «زين العطار» كبير العائلة المتحكم، وفروعها المتمثلة في «صبري وعبد الحميد وسيف وعبد القادر»، يتحكمون في الشركات وتجارة السلاح، والوسطاء في تخليصها، والصفقات بالخارج ودخولها مصر عن طريق النوبة. وإضافة إلى عائلة العطار، هناك أيضًا عائلات أخرى من التجار، مثل عائلة «هاشم الدهبي» (الفنّان الراحل أحمد راتب)، الذي يدخل السلاح عن طريق أهله بمرسى مطروح، وسيف العزازي «إيهاب فهمي»، وهو ضابط سابق بأمن الدولة، والوسيط بين تجار السلاح ومؤسسات الدولة العليا والحكومة، وجلال «سناء شافع»، مالك الإعلام والميديا والقنوات الفضائية، ومتولي «محمد مزربان»، الوسيط بين التجار الصغار والذي يبيع «قطاعي». وخلال الحلقات، يعقد اجتماع بين تجار السلاح ومسؤولين في الدولة لتحديد قوانين جديدة حاكمة للسوق، ويثور خلاله خلاف بين المشاركين، ولكن زين العطار يقود الجلسة، وينهي الخلاف بقوة. وتتوالى الأحداث، من خيانة أحد الأقطاب المتحكمة في السوق، بأن يدفع أحد أعوانه لقتل زين العطار في بيته، فيقتل أخوه بدلاً منه «شريف»، في يوم توليته ليكون «الكبير» الذي يدير الشركات ودار الأيتام في النوبة وصفقات السلاح. ثم تتوالى الأحداث، من نصب زين العطار كمينًا، ليكتشف الخائن، وهو فتحي الرايق «لطفي لبيب»، ويتم الإيقاع به، ولكن يعفو عنه مقابل ألا يراه. ثم تتوالى الأحداث، ليضع زين خليفة له لإحساسه باقتراب أجله، ويضع ثقته في ابنه، ويجمع العائلة ليخبرهم بالقرار الذي لا يخبر به إلا ابنه، ويذهب لإخبارهم به، ولكن يموت في غرفة مكتبه. وفي الحلقة الثامنة والتاسعة، يكون هناك «فلاش باك» لخلفية زين من صعيد مصر 1970، وكيف بدأ. وبعدها، يجهز سيف «أحمد عبد العزيز» وزكريا «أحمد فلوكس» لأكبر صفقة لدخول السلاح لمصر، تنتهي بالقبض على سيف في الطريق العام لاتهامه بجريمة قتل. وفي هذه الأثناء، يتنافس تجار المخدرات والسلاح على من سيقود «المافيا»، ويخططون للخلاص من عائلة زين العطار جميعًا.
يختلط الحوار ما بين الصعيدي والقاهري، ولكن هناك ممثلين يتقنون اللهجة بطريقة ممتازة، مثل الكبار محمود حميدة وأحمد عبد العزيز وصبري عبد المنعم ودياب. وبالمقابل، هناك ممثلون لم يتقنوا لغة الحوار واللهجة الصعيدية بعد، وأغلبهم من الممثلين الشباب، وهناك ممثلات أتقن اللهجة بطريقة جيدة، مثل دنيا عبد العزيز.
بالنسبة لتصاميم الأزياء، فكانت مناسبة للغنى الفاحش والرفاهة التي عليها الأبطال، مثل بدلات الممثلين أحمد فلوكس ومحمود حميدة، وفساتين ميرهان حسين ومي سليم وسلمى العطار. تميزت أيضًا ديكورات القصر الفخم جدًا، والإضاءة كانت مناسبة؛ فيها هدوء رغم حركة الأحداث، وأيضًا غرف الممثلين تتسم بالاتساع والديكور الأثري الفخم، وأسرة الأبطال مطلية بالذهب المطفي.
أكثر الممثلين تميزًا، من حيث النظرة وطريقة الحوار، هم محمود حميدة وأحمد عبد العزيز، وإيهاب فهمي الممثل البارع في تلبس الشخصية المستغلة، وأداء الراحل أحمد راتب كان حكيمًا وقويًا وذكيًا وممتازًا في الحوار والنظرة، فهو يمثل بنظرة عينه.
أما أجمل ما في المسلسل، فموسيقى أمين بوحافة، فقد ملأ المسلسل بالموسيقى في مشاهد الحب والصفاء ومشاهد الجريمة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».