الأزهر والكنيسة ومثقفون وفنانون و6 وزراء يترجمون تجديد الخطاب الديني على أرض الواقع

الطيب: حرب الإرهاب ما زالت مستمرة حتى الآن... والمصريون أفشلوا مخططًا جهنميًا

الاجتماع التشاوري الذي رعاه الأزهر والكنيسة المصرية بحضور 6 وزراء من الحكومة بمشيخة الأزهر بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
الاجتماع التشاوري الذي رعاه الأزهر والكنيسة المصرية بحضور 6 وزراء من الحكومة بمشيخة الأزهر بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الأزهر والكنيسة ومثقفون وفنانون و6 وزراء يترجمون تجديد الخطاب الديني على أرض الواقع

الاجتماع التشاوري الذي رعاه الأزهر والكنيسة المصرية بحضور 6 وزراء من الحكومة بمشيخة الأزهر بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
الاجتماع التشاوري الذي رعاه الأزهر والكنيسة المصرية بحضور 6 وزراء من الحكومة بمشيخة الأزهر بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

قالت مصادر مطلعة إن «الاجتماع التشاوري الذي رعاه الأزهر والكنيسة المصرية بحضور 6 وزراء من الحكومة بمشيخة الأزهر بالقاهرة، أمس، حول (مبادرة تعزيز القيم والأخلاق)، يُعد ترجمة فعلية لخطة تجديد الخطاب الديني»، مضيفة أن «تجديد الخطاب الديني ليس حصريا على الأزهر والكنيسة؛ بل على كل أطياف المجتمع، وأن كل الآراء التي تحدثت كانت محل تقدير واحترام».
وأوضحت المصادر أن «الاجتماع يهدف مناقشة سبل استعادة القيم المجتمعية والأخلاق والتماسك الاجتماعي في المجتمع المصري، خاصة بين فئة الشباب، وذلك بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات المعنية، في وضع خطة عمل تتولى من خلالها كل جهة تنفيذ ما يخصها منها».
بينما قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن «الاجتماع هو نتاج لفكرة مشتركة بينه وبين البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في جلسة من جلسات التفكير في هموم الوطن، للعمل بروح الفريق على تلمس الحلول وأقرب الطرق لبعث هذه القيم في شباب مصر وشعبها»، مضيفا أن «حرب الإرهاب التي راح ضحيتها خيرة شباب مصر وما زالت مستمرة حتى الآن، أكبر تحدٍ للشعب المصري».
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تجديد الخطاب الديني، واجتمعت قوى وطنية ودينية أمس بمشاركة عدد من المثقفين ورجال الإعلام والصحافة والفن، لبحث القيم المجتمعية. وقال مراقبون إن «الخطاب الديني يمثل ضرورة حالية للمجتمع المصري، خاصة مع استشراء الأفكار المتشددة وانتشار التيارات المتطرفة».
وقال الطيب إن «الشعب أنقذ مصر من براثن مخطط جهنمي، أريد منه تدمير مصر والمصريين، وصمد لكل التجارب التي ألمت به، وقد لا يكون صمود هذا الشعب نابعا من ثقافة يتلقاها أو يتلقنها، وإنما لسر كامن في أطوائه البعيدة، يتمثل في القيم المستكنة في تراثه الحضاري والديني والتاريخي».
وأضاف أن «تآكل قيم هذا الشعب النبيل بصورة مقلقة، هو نتيجة لما تعرض له في العقود الأخيرة من تغيرات اجتماعية أثرت تأثيرا مباشرا على منظومة القيم، وانعكست سلبا على تماسك الشعب، وترنح كثير من القيم الاجتماعية الحاكمة لحركة المجتمع وسط ركام اللا وعي»، لافتا إلى أنه لا سبيل إلى علاج هذه الأزمة المستحكمة إلا بعودة الوعي بالقيم الأصيلة وفي مقدمتها القيم الإنسانية المشتركة، ولا مانع من استشراف قيم حديثة ترتبط بالجذور، وتدعم مناعة الشباب في مقاومة الأعاصير التي تهب عليه من الشرق والغرب».
وأوضح الطيب أنه لا ينبغي لرموز هذا الشعب الذين يقودون مسيرته التعليمية ونهضته الثقافية والفنية والإعلامية وغيرها، لا ينبغي لهم أن يهونوا من شأن الموروث الحضاري المدفون في تراب مصر، والكامن المستكن في عروق شبابها، ويظنون أنه تبدد وتلاشى إلى غير رجعة، فهذا الموروث موجود بفعل قوانين الوراثة التي لا تتخلف، وهو جاهز ومستعد للعودة وللتجلي – من جديد - إذا وجد من يبعثه من مرقده، ويوقظه في قلوب الشباب، شريطة أن يتعاون المسؤولون جميعا – كل في مجاله - على توفير الشروط اللازمة، والأسباب الحقيقية التي تبعث الشباب من جديد، علما وعملا وثقافة ومسؤولية وتضحية، وتشعل في نفسه جذوة الثقة والأمل والانتماء.
وتقول المصادر المطلعة إن «تجديد الخطاب الديني هو مسؤولية جميع الوزارات والهيئات المعنية بهذا الأمر ومع الأزهر والكنيسة، من أجل التوصل للهدف المنشود والخروج بخطاب ديني تنويري وسطي». مضيفة: «سيكون للمؤسسات دور حيوي في نشر الفكر التنويري بمعناه الشامل، وسيتم التعاون بين جميع مؤسسات المجتمع».
من جهته، قال البابا تواضروس في كلمته بالاجتماع التشاوري، إن احترام المرأة منذ الصغر أمر مهم؛ لأنها المسؤول الأول عن التربية؛ لأنها صانعة الرجال، كما يجب احترام رموز المجتمع، متابعا: «أرفض أي عمل فني يظهر تلك الرموز بصورة ضحلة، تحقر من شأنها. كما أن احترام الرموز لا يقتصر على الرموز القريبة؛ بل يشمل رموز البطولة البعيدة»، مقترحا أن تخرج كليات التربية من فكرة المجموع، وأن تعمل خارج هذا السياق، ليتم اختيار الطالب الذي يدرس فيها بعناية فائقة؛ لأن المدرس مفتاح هذا الوطن، إذ يشكل الوعي والضمير والثقافة في نفوس أبنائنا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.