«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين الدولي (4) : برلين بوابة التألق للمخرجات حول العالم

مهرجانات السينما العربية في ازدياد... لكن هل ستحدث إضافة؟

المخرجة إلديكو إنايدي خلال التصوير - لقطة من «منزل الحاكم»  للهندية غوريندر شاذا - لقطة من «أثر» للبولندية أنييشكا هولاند
المخرجة إلديكو إنايدي خلال التصوير - لقطة من «منزل الحاكم» للهندية غوريندر شاذا - لقطة من «أثر» للبولندية أنييشكا هولاند
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين الدولي (4) : برلين بوابة التألق للمخرجات حول العالم

المخرجة إلديكو إنايدي خلال التصوير - لقطة من «منزل الحاكم»  للهندية غوريندر شاذا - لقطة من «أثر» للبولندية أنييشكا هولاند
المخرجة إلديكو إنايدي خلال التصوير - لقطة من «منزل الحاكم» للهندية غوريندر شاذا - لقطة من «أثر» للبولندية أنييشكا هولاند

مع تكاثر الرغبة في إقامة مهرجانات سينمائية في أنحاء العالم العربي، يرتفع عدد المخرجين الراغبين في الانخراط فيها ويسود، لما قد تخلقه هذه الفعاليات من فرص ثمينة أمام المخرجين الجدد.
لكن، يؤكد أحد المرشحين لقيادة أحد المهرجانات، والحاضر حاليا في مهرجان برلين، أن «هذا ليس هو واقع الحال». ويضيف: «المسألة في اعتقادي لا تخلو من الرغبة الفردية للمخرجين الذين يبحثون لأنفسهم عن موقع».
على ذلك، تتردد دومًا قرب انطلاق مهرجان جديد عبارة: «لن يكون مهرجانًا كبيرًا، لكن الحجم لا يهمنا». لكن الحجم مهم لدى الآخرين من ناحية، وتكاثر المهرجانات الصغيرة في أكثر من بلد يجعل المسألة تبدو كما لو كانت مجرد ملء خانات.
* البيت الخاص
هذا الواقع مطروح هنا في برلين، حيث هناك حضور لبعض القيادات المهرجاناتية العربية. لكنه واقع مصحوب بأمل كبير، فهناك مهرجان ستديره يد انتشال التميمي الخبيرة في منطقة الغردقة في مصر، يقوم على تمويله رجل الأعمال نجيب ساويرس، والاثنان لديهما من الخبرة والطموح ما يهدد مهرجانات كثيرة قائمة في مصر بالانضواء.
انتشال التميمي، الخبير في هذا الحقل منذ عشرين سنة، مديرًا لبرمجة مهرجان روتردام العربي، قبل التحاقه بمهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، حتى توقف هذا المهرجان الجيد سنة 2015، يؤكد لـ«الشرق الأوسط»: «كل شيء يسير في اتجاهه الصحيح وفي الموعد المحدد. نرغب في أن نكون إضافة نوعية، وليس فقط مجرد مهرجان آخر في حياة السينما العربية».
هذا لا يمنع أن البعض في مصر بدأوا ينتقدون قيام التميمي، وهو عراقي الأصل، هولندي الهوية، عنوة عن مصريين آخرين، بقيادة هذا المهرجان الجديد.
وفي حين أن مثل هذه الأصوات المنتقدة ترتفع من حين لآخر إزاء أي عمل يتولاه غير مصري (كما حدث فعلاً عندما تسلم سليم سحاب مايسترو دار الأوبرا قبل سنوات) إلا أن استقلالية المهرجان غير المدعوم من الدولة، كشأن المهرجانات المصرية الأخرى، تؤمّن بحد ذاتها الرد على هذا الانتقاد، من حيث إن هذا القرار في النهاية قرار مصري في منطلقه. لكن الرد الأمثل حقيقة أن كثيرًا من الإخفاقات ساد كثيرًا من المهرجانات في مصر، بسبب قلة الخبرة من ناحية وتصرّف بعض مديري المهرجان كما لو كان سيدير شؤون العالم بأسره، أو معتبرًا المهرجان بيته الخاص، علمًا بأنه من غير المجدي توفر الطموح من دون توفر التمويل الصحيح لتحقيقه.
ما تعمد إليه هذه المهرجانات غالبًا هو العمل بما توفر، ما يسبب النواقص وغياب البديهيات، وبالنسبة للبعض منها، غياب القدرة على تحقيق أدنى المطلوب من إقامة مهرجان ما، وهو إثارة النشاط الثقافي بين الهواة والمتابعين.
البعض يتحدّث هنا عن عدم رضا مهرجان القاهرة السينمائي عن مهرجان ساويرس. وهذا ليس بالشأن الغريب. منذ سنوات ثلاث ومهرجان العاصمة المصرية الدولي يحاول بإخلاص وجدية (عبر رئيسين متواليين هما سمير فريد وماجدة واصف) تأكيد أولويته وتثبيت حضور عربي - عالمي على الصف ذاته الذي يقف فيه دبي ومراكش. لكن مهرجان القاهرة محاط بالمنافسات إن لم يكن من مهرجان دبي الذي بات محطة الاختيار الأولى لدى المخرجين العرب، فمن تلك المهرجانات المتخصصة التي تقام في أكثر من مكان داخل مصر (الإسكندرية مثلاً) أو خارجها (قرطاج التونسي).
وكل ما يرغب فيه الآن قيام مهرجان مشيد بقوّة وتمويل كافيين، خصوصا أنه سيسبق المهرجان القاهري بشهرين أو ثلاثة أشهر من كل عام.
* نصيب المرأة كبير
كم يختلف حديث المهرجانات هذا في العالم العربي عما هو في برلين، حيث تجاوزت المهرجانات الغربية مثل هذه المشكلات منذ عقود. صحيح أن التنافس على القمّة بين برلين وفينيسيا و«كان»، قائم، لكن الصحيح كذلك أن لكل مهرجان وضعه الثابت وخبراءه الذين يولون جهودهم صوب المستقبل وليس صوب القيام بإصلاحات وتغييرات آخر لحظة.
بل يمكن القول إن هناك ثلاث قمم، وكل مهرجان من هذه المذكورة يحتل واحدًا منها: فينيسيا لتحبيذه الجانب الفني، و«كان» بسبب شيوعه وقوّة جذبه، وبرلين لضخامته وقدرته على جمع شمل المخرجين الصغار والكبار في صف واحد.
على ذلك، المنافسة باقية، وعليها أن تبقى، والأفلام المعروضة هنا تتحدى اختيارات المهرجانين المنافسين، كما الحال مع هذين المهرجانين حيال برلين.
وفي الأيام القليلة الماضية، شاهدنا مزيدًا من الأفلام التي يمكن لها أن ترد في اهتمامات مختلفة، فهي عن التعصب وعن المجتمع وعن البيئة وعن التاريخ في الوقت ذاته. وثلاثة منها من إخراج نساء.
المرأة لها نصيب أكبر في العروض الرسمية (داخل المسابقة وخارجها) مما تحظى به في «كان» أو «برلين»، والأفلام التي شوهدت من إخراج نساء هي ثلاثة حتى الآن: «عن الجسد والروح» للتشيكية إلديكو إنايدي، و«أثر» للبولندية أنييشكا هولاند، و«منزل الحاكم» للهندية غوريندر شاذا. وبرمجة أول من أمس (الاثنين) احتوت على فيلم للبريطانية سالي بوتر عنوانه «الحفلة».
يلتقي أسلوبا المخرجتين التشيكية والبولندية، ويختلف عنهما أسلوب عمل المخرجة الهندية. كل من إنايدي في «عن الجسد والروح» وهولاند في «أثر» يمارسان النحو الأوروبي من الإخراج، حيث الرعاية أولاً تصب في خانة الشخصيات وتسبق، قدر ما يتيح السيناريو لها، الأحداث كمحرك فعلي. أما المخرجة شاذا في «منزل الحاكم»، الوحيد بينها خارج المسابقة، فيتبع المعالجة الأممية، إذا ما صح التعبير، حيث هناك رعاية للشخصيات، لكن المنطلق والمنهج هو إبداء الحدث على الأسلوب الخاص وعلى عمق الشخصيات، كون الرغبة هنا هي الوصول إلى ما كان فيلم الراحل رتشارد أتنبورغ «غاندي» (1982) وصل إليه من جمهور الشبّاك.
موضوع «منزل الحاكم» يعود بنا إلى الهند سنة 1947، قبيل الاستقلال. البلد يغلي بالعداء والعنف بين المسلمين والهندوس (والسيخ) والحاكم البريطاني الجديد لورد ماونتباتان (الجيد هيو بونفيل) يصل وزوجته (جليليان أندرسون الممتازة) إلى دلهي للإشراف على مغادرة البريطانيين البلاد بعد قرون من الحكم. لكن الوقت يداهم الجميع. على بريطانيا الرحيل سريعًا وتسليم القيادة إلى جواهر لال نهرو في الوقت الذي تقع فيه المذابح المتبادلة بين الفرقاء في عموم الهند. هناك قصّة حب مثالية بين هندوسي ومسلمة لا تصل إلى مبتغاها في نهاية الأمر، لكنها تحتل محل الوسط فيما يدور كطرح خيالي وسط فيلم يريد أن يحدد أوضاعًا مرتبطة بالتاريخ. فالمسلمون يريدون الانفصال وباكستان باتت على وشك الولادة كدولة نتيجة عدم القدرة على ضبط اتفاق سياسي بين زعماء الهند.
تهتم المخرجة بالتفاصيل الفنية (تصاميم، ديكورات، تصرّفات، سلوكيات خدم) قدر المستطاع، وتنجز رونقًا عامًا غير مضر. لكنها لا تعمد، إما عن ذكاء وإما بسبب الميزانية، إلى تصوير المذابح التي دارت في ذلك العام، بل تتوقف عند حد الاستعانة ببعض الوثائقيات المصوّرة حينها. هذه تحط في أماكن مناسبة، لكنها تحرم الفيلم من الحدة، خصوصا أن المخرجة حريصة على ألا تنتقد أو تقف مع فريق ضد آخر. صحيح أن الفيلم يذكر أن الإنجليز تسببوا في نشأة الخلافات، كما يتحدث الفيلم، بين المجموعات الدينية، عبر المحافظة على التقسيم القائم بينها، لكنه لا يطرح ذلك إلا من خلال حوار عابر. كذلك هو حوار عابر، لكنه مهم، التذكير بأن البريطانيين «ماهرون في التقسيم» كما يذكّر أحد نهرو، على طريقة «فرّق واحكم» مضيفًا: «كما حدث في فلسطين».
على ذلك، كان من الأفضل أن يتبنّى العمل معالجة ذات وجهة نظر فعلية من مجرد توريد المسلمات.
* حلم مشترك
«عن الجسد والروح» يختلف كثيرًا في كل شيء. هو حكاية واقعة في الزمن الحاضر ذات مضمون غريب بعض الشيء، ويلقي نظرة فاحصة على علاقات إنسانية وأخرى بين الإنسان والحيوان، وبينهما فكرة أنه بالإمكان حدوث لقاء بين رجل وامرأة يشتركان في حلم واحد من دون أن يدركا ذلك.
يبدأ فيلم إلديكو إنايدي هذا بمشهد لغزالين (ذكر وأنثى) فوق ثلوج منطقة جبلية في المجر. على أن الأحداث (البشرية) تقع في بودابست ذاتها. المشرف المالي أندريه (غيزا مورشاني) على مسلخ كبير يلتقي بالمرأة ماريا (ألكسندرا بوربلي) التي دخلت العمل للتو مشرفة على نوعية المواشي المذبوحة (هناك مشاهد لأبقار مسكينة يُدلف بها إلى القتل ثم كيف تُسلخ وترفع ويُقطع رأسها) وعندما تقع جريمة قتل ويتم انتداب طبيبة نفسية لمقابلة العاملين، لعلها تستطيع أن تحلل شخصياتهم، تكتشف أن أندريه وماريا يسردان أمامها، كل على نحو منفصل، الحلم ذاته. هو يحلم بأنه الغزال وهي تحلم بأنها الغزالة، ما يفسر سبب لجوء الفيلم إلى مشاهد الغزالين في البرية، لكنه لا يفسر كيف أن ذلك ممكن.
مع وجود هذه الاستحالة (مبدئيًا على الأقل) توجه المخرجة همّها إلى توطين هذه الفكرة غير المحتملة وتشييدها كحالة واقعة. تنجح في ذلك باستثناء أن العودة إلى هذه الاستحالة تبقى حتمية. ما يوفر الجانب المضيء لهذا العمل، التصميم المسبق للكيفية التي ستلتقط بها المخرجة يوميات الحياة هذه وتصاميم المشاهد بحيث لا توجد لقطة في غير مكانها.
فيلم أنييشكا هولاند «أثر» يدور أيضًا عن الحيوان لكن في نحو محوري. بداية هناك مشهد لغزلان أخرى في البرية البولندية ثم تتوالى مشاهد الحيوانات الهاربة من رصاص الصيادين. بطلة الفيلم دوجيكو (أنييشكا ماندات) تعيش في البرية في بيت خشبي بالقرب من بلدة مترامية الأطراف. مشكلتها أنها لا تستطيع قبول قيام حاكم البلدة ورجاله بصيد الحيوانات، خصوصًا في الأشهر التي ينص القانون على عدم الصيد فيها. ذات يوم تعود إلى منزلها لتكتشف افتقادها لكلبيها («ولديّ» كما تقول للراهب الذي ينهرها عن هذا الوصف). زياراتها للبوليس متعددة ودائمًا شاكية إغماض البوليس عينيه أمام تجاوزات ذلك الحاكم. في الوقت نفسه هناك جرائم قتل مرتكبة في الغابة، والجامع بينها أن الضحايا من بين أولئك المنتمين إلى زمرة الحاكم الذين يشاركونه رحلات الصيد. ثم يشمل الأمر المتعاونين مع الوضع، كرئيس مركز البوليس وكالراهب. تتضح الصورة بعد حين عندما يكشف الفيلم، في الوقت المناسب، وقبل أن يذبل الاهتمام، بأن أنييشكا هي القاتلة، وينتهي وقد تم تهريبها من المنطقة وتفجير منزلها، لكي يبدو أنها انتحرت في داخله.
محكم في منهجه ومعالجته، ولا خطأ يشوبه في أي ناحية مهمّة، وفي الوقت ذاته مختلف، على نحو مثير للاهتمام، عن أعمال المخرجة السابقة. هولاند من بين مخرجي بولندا الممارسين للمهنة منذ الخمسينات، وأفلامها الماضية كانت صغيرة الإنتاج، وتدور حول موضوعات شخصية في إطار أحداث أقل طموحًا. هذا الفيلم كبير الإنتاج بالمقارنة مع ما حققته من قبل، ويشي بالرغبة في إثبات وجودها على نحو عالمي من جديد.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».