إردوغان يبحث المناطق الآمنة مع ترمب

أنقرة تكذب أنباء محاصرة قوات النظام السوري لـ«الباب» من الجنوب

إردوغان يبحث المناطق الآمنة مع ترمب
TT

إردوغان يبحث المناطق الآمنة مع ترمب

إردوغان يبحث المناطق الآمنة مع ترمب

جرى في الساعات الأولى من صباح اليوم، الأربعاء، أول اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس الأميركي دونالد ترمب، تناول، حسب مصادر تركية، التطورات في سوريا وعملية درع الفرات التي تدعم فيها تركيا فصائل من الجيش السوري الحر في شمال سوريا والتعاون في مجال مكافحة التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها «داعش» ومكافحته في سوريا والعراق، والدعم الأميركي للقوات الكردية في سوريا الذي ترفضه تركيا، ومقترح المناطق الآمنة الذي طرحه ترمب مؤخرا.
وفي تطورات عملية الباب الجارية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ضمن عملية درع الفرات التي انطلقت في 24 أغسطس (آب) الماضي، كذب الجيش التركي ادعاءات النظام السوري حول قيام قواته بتطويق مدينة الباب بريف حلب الشرقي من الجهة الجنوبية.
وقالت رئاسة الأركان التركية في بيان، ليل أول من أمس، إنه لا صحة على الإطلاق لما تناقلته وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري حول هذا الأمر، مشددة على أن عملية درع الفرات مستمرة وفق الخطة المرسومة لها التي وضعها الجيش التركي.
وكانت قنوات موالية للنظام السوري ذكرت أول من أمس أن القوات التابعة لجيش النظام والميليشيات الأجنبية الموالية له تمكنت من تطويق مدينة الباب من الجهة الجنوبية، واستطاعت قطع الطريق الواصل بين المدينة المذكورة ومحافظة الرقة معقل تنظيم داعش في سوريا، وهو ما أكده أيضا المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا.
وتحاصر قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا مدينة الباب الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش من الجهات الشرقية والغربية والشمالية، وتسعى لطرد عناصر «داعش» منها، غير أنّ استخدام الأخير للمدنيين دروعا بشرية في وجه تقدم الجيش الحر، يعيق عملية تحرير المدينة.
وتمكن الجيش التركي أمس من تحييد 21 من عناصر «داعش» في قصف للمقاتلات التركية على الباب.
في السياق، طالبت تركيا الحكومة الألمانية بالسماح لها بالاطلاع الكامل على نتائج الطلعات الاستطلاعية التي تنفذها طائرات تورنيدو التابعة للجيش الألماني والمشاركة في التحالف الدولي للحرب على «داعش». وقال نائب رئيس الوزراء التركي المتحدث باسم الحكومة نعمان كورتولموش: «نحن نعرف أن الألمان يشاركوننا في جزء مهم من المعلومات التي يتوصلون إليها خلال الطلعات الاستكشافية، لكننا نطالب بألا يقتصر تبادل المعلومات مع الشركاء في التحالف الدولي المناوئ لـ(داعش)، على جزء من هذه المعلومات بل تبادل كل المعلومات».
وأكد كورتولموش الذي كان يتحدث ليل الاثنين عقب اجتماع مجلس الوزراء، أن هذا الموضوع لا يتعلق بمعلومات عن «داعش» فحسب، لافتًا إلى أن بلاده تطالب بنتائج استطلاعات عن عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وانتقد كورتولموش شركاء التحالف لعدم تقديمهم الدعم الذي تطلبه تركيا.
وتلتقط طائرات الجيش الألماني طراز تورنيدو المتمركزة في قاعدة إنجرليك الجوية في أضنة جنوب تركيا، صورًا فائقة الدقة لمواقع «داعش» تحدد أهدافا لغارات التحالف الدولي، ويقدم الجيش الألماني جزءًا فقط من المعلومات التي يجمعها لتركيا لتتمكن من استخدام هذا الجزء ضد «داعش» وليس ضد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وكانت مجلة «دير شبيغل» الألمانية ذكرت في الأسبوع الماضي، أن جنرالاً تركيا رهن تصاريح بناء يحتاجها الجيش الألماني بشكل ضروري في إنجرليك، بحصول تركيا بشكل مباشر على صور طلعات الاستطلاع التي تقوم بها طائرات تورنيدو التابعة للجيش الألماني.
في سياق متصل، أكد كورتولموش أن مفاوضات السلام السورية التي عقدت مؤخرا في العاصمة الكازاخية آستانة، ليست بديلا عن محادثات جنيف المقرر عقدها في 20 فبراير (شباط) الحالي.
وقال كورتولموش إن أنقرة تدعم محادثات جنيف القادمة وتسعى إلى إحلال السلام والأمن والاستقرار للشعب السوري، لافتا إلى أن بلاده بذلت مساعي كبيرة لعقد مفاوضات آستانة، مشيرا إلى أن أبرز نتائج تلك المفاوضات تمثلت في لقاء ممثلي المعارضة والنظام السوري للمرة الأولى وجها لوجه منذ ستة أعوام على طاولة واحدة.
واعتبر أن مفاوضات آستانة تكللت بالنجاح من الناحية الدبلوماسية لافتا إلى أن تركيا وروسيا وإيران ستراقب انتهاكات وقف إطلاق النار في عموم سوريا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.