انطلاق محادثات فنية في آستانة حول آليات تثبيت وقف إطلاق النار

لافروف يرحب باستئناف «جنيف» ويؤكد أن مفاوضات اليوم ليست بديلا عنها

سوري مع طفله يمشيان في بلدة دوما التي يسيطر عليها «جيش الإسلام» المعارض في الضواحي الشرقية لدمشق (أ.ف.ب) - انعكاس في مرآة سيارة لعناصر من «جيش الإسلام» على خط المواجهة في بلدة البلالية شرق العاصمة (أ.ف.ب)
سوري مع طفله يمشيان في بلدة دوما التي يسيطر عليها «جيش الإسلام» المعارض في الضواحي الشرقية لدمشق (أ.ف.ب) - انعكاس في مرآة سيارة لعناصر من «جيش الإسلام» على خط المواجهة في بلدة البلالية شرق العاصمة (أ.ف.ب)
TT

انطلاق محادثات فنية في آستانة حول آليات تثبيت وقف إطلاق النار

سوري مع طفله يمشيان في بلدة دوما التي يسيطر عليها «جيش الإسلام» المعارض في الضواحي الشرقية لدمشق (أ.ف.ب) - انعكاس في مرآة سيارة لعناصر من «جيش الإسلام» على خط المواجهة في بلدة البلالية شرق العاصمة (أ.ف.ب)
سوري مع طفله يمشيان في بلدة دوما التي يسيطر عليها «جيش الإسلام» المعارض في الضواحي الشرقية لدمشق (أ.ف.ب) - انعكاس في مرآة سيارة لعناصر من «جيش الإسلام» على خط المواجهة في بلدة البلالية شرق العاصمة (أ.ف.ب)

تنطلق اليوم الاثنين في العاصمة الكازاخية آستانة محادثات فنية بمشاركة ممثلين عن روسيا وتركيا وإيران والأمم المتحدة، وذلك بعد أقل من أسبوعين على مفاوضات غير مباشرة جرت هناك بين وفد فصائل المعارضة السورية المسلحة والنظام السوري، وانتهت بتعهد روسيا وتركيا وإيران بتشكيل لجان لوضع آليات مراقبة وقف إطلاق النار والحد من الخروقات. في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية الروسي، أمس، إن مخرجات آستانة لن تكون بديلا عن عملية جنيف.
وقالت مصادر مطلعة من العاصمة الكازاخية لـ«الشرق الأوسط»، إن الدول الراعية لمحادثات آستانة، أي روسيا وتركيا وإيران «ستعمل عبر المحادثات الفنية بين العسكريين على التوصل إلى تفاهمات ترضي جميع الأطراف، حول آليات محددة تساهم في ردع خروقات اتفاق وقف إطلاق النار»، فضلا عن «ضمان وصول المساعدات الإنسانية، وغيرها من مسائل»، وذلك حسب قول المصدر الذي شدد على «ضرورة خلق أجواء مناسبة قدر الإمكان، تمهيدًا للمفاوضات المرتقبة بين السوريين في جنيف في العشرين من فبراير (شباط) الجاري».
من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي أن الدول الراعية للمفاوضات في آستانة، لا تخطط لجعل المفاوضات وفق صيغة آستانة بديلا عن المفاوضات في جنيف. وفي حديث لصحيفة «بروفايل»، نشرته الخارجية الروسية أمس على موقعها الرسمي، رحب لافروف باستئناف المفاوضات في جنيف، مؤكدًا دعم روسيا لها، مشددا على أهمية التمثيل الشامل للقوى السورية في تلك المفاوضات، ومؤكدًا، أن روسيا تقوم بخطوات محددة لدعم عملية جنيف، التي «منحتها مفاوضات آستانة نبضا جديدًا»، حسب قول وزير الخارجية الروسي.
ووصف لافروف مفاوضات آستانة 23 - 24 يناير (كانون الثاني) الماضي، بأنها كانت «خطوة نوعية جديدة على درجة من الأهمية في جهود تسوية الأزمة السورية»، لافتًا إلى أن وفدي المعارضة السورية والنظام «وإن لم يغيرا أسلوب تعاطيهما (أي رفضهما المفاوضات المباشرة)، إلا أنهما أكدا، استعدادهما للحوار، بداية، في إطار غير مباشر»، معربا عن أمله في أن ينتقلا بعد ذلك إلى المفاوضات المباشرة.
وبينما يواصل النظام السوري وما يُسمى «حزب الله» والميليشيات الطائفية الأخرى، هجماتهم على مناطق انتشار فصائل المعارضة المسلحة المشاركة في اتفاق 29 ديسمبر (كانون الأول) 2016، حول وقف إطلاق النار، اعتبر لافروف في حديثه، أمس، أن المجتمعين في آستانة «تمكنوا من تثبيت وقف إطلاق النار»، مؤكدا التوصل لاتفاق قبل مفاوضات آستانة، بضمانات روسية وأردنية، على انضمام فصائل «الجبهة الجنوبية» إلى اتفاق 29 ديسمبر (كانون الأول) لوقف الأعمال القتالية.
في شأن متصل نفت وزارة الدفاع الروسية أمس المعلومات حول مقتل خمسة جنود روس قرب مدينة طرطوس على الساحل السوري. وقال إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية في تصريحات أمس إن «الخبر الذي ذكرته قناة (الجزيرة)، وتزعم فيه أن خمسة جنود روس لقوا حتفهم في سوريا، ليست سوى فبركات إعلامية جديدة»، مؤكدًا أن جميع الجنود الروس في سوريا بخير وينفذون مهامهم.
وتحت عنوان «العمل لإنقاذ سوريا» بدأت «هيئة التنسيق الوطنية» التحضير لعقد مؤتمر «إنقاذ وطني» يهدف إلى «توحيد قوى المعارضة وتشكيل قطب ديمقراطي في مواجهة القطب السلطوي»، بحسب ما أكد رئيس الهيئة حسن عبد العظيم. وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الفكرة التي بدأت الهيئة العمل عليها اليوم كنت طرحتها نهاية العام الماضي بعد انسداد أفق الحل السياسي وتفشي ظاهرة الإرهاب، واليوم بدأ التواصل مع أطراف معارضة عدة في داخل سوريا وخارجها لتشكيل هذا القطب، وأبرزها: (جبهة التحرير) و(تيار الغد السوري) و(التحالف الوطني الكردي) و(مجلس سوريا الديمقراطي) و(إعلان دمشق)».
وأوضح رئيس الأمانة العامة لـ«إعلان دمشق» سمير نشار، أن الدعوة وجهت لأشخاص مفصولين عن التجمّع وليس للقيادة. ورجّح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون إيران وراء الدفع باتجاه عقد هذا المؤتمر، بعد التباينات الواضحة بينها وبين روسيا وفي ظل النوايا الأميركية للحسم في التعامل مع الوجود الإيراني في المنطقة. واستبعد في الوقت عينه أن يكون هذا المؤتمر محطة لتشكيل منصة جديدة تكون بديلة عن وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» إلى مؤتمر جنيف، مضيفا: «أما إذا حصل ذلك قبل العشرين من الشهر الحالي فيعني ذلك هناك رغبة إيرانية للمواجهة مع روسيا وطروحاتها».
وعما إذا كان سيتم دعوة المعارضة في الخارج، ولا سيما المتمثلة بـ«الائتلاف الوطني» يقول عبد العظيم «علاقتنا مع الائتلاف جيدة وتنسيقنا معهم دائم وتمثل بشكل أساسي عبر المشاركة في وفد واحد ضمن الهيئة العليا إلى مؤتمر جنيف، من هنا وضعناهم في جو الخطوة التي نقوم بها، لكننا لن نعرض الناس إلى الخطر لا سيما إذا تقرر تنظيم المؤتمر في دمشق»، ويضيف «طبعا أهمية المؤتمر تكمن في إقامته في دمشق لكن إذا لم نحصل على ضمانات دولية سيكون هذا الأمر صعبا وقد نختار عاصمة أخرى».
وعن الوثيقة السياسية التي من المفترض أن يطرحها المؤتمر وتحديدا الموضوع المتعلق بمصير رئيس النظام بشار الأسد، قال عبد العظيم «يتم الآن البحث بورقة تفاهم مشتركة مطروحة للتوقيع من قبل الذين سيشاركون في المؤتمر وبعد ذلك ستوجه الدعوات ويحدد المكان والزمان، آملا أن يعقد في وقت قريب». وأضاف: «مع تأكيدنا أننا نريد الانتهاء من النظام السابق وإنشاء نظام جديد بعيدا عن الاستبداد واحتكار السلطة».
وكانت صحيفة «الوطن» السورية التابعة للنظام، نقلت عما سمتها «مصادر مقربة من شخصيات سورية معارضة شاركت في لقاء موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 27 الشهر الماضي»، أن هيئة التنسيق وقوى أخرى تعمل الآن على عقد «مؤتمر إنقاذ وطني» في دمشق بـ«ضمانات روسية إيرانية»، مشابه لذلك الذي عقد في سبتمبر 2012 لـ«تشكيل جبهة لقوى التغيير الديمقراطية» و«وضع رؤية لجمع القوى والشخصيات والناس الذين يؤمنون بالحل السياسي ويرفضون التدخل الخارجي».
وتوقعت المصادر التي تحدثت لـ«الوطن»، مشاركة «هيئة التنسيق» و«تيار الغد السوري» برئاسة أحمد الجربا و«تحالف وطني كردي» يضم خمسة أحزاب و«مجلس سوريا الديمقراطي» الذي يضم «الاتحاد الديمقراطي»، وقوى من «إعلان دمشق» و«حزب التضامن» المرخص المعارض من دمشق و«منصة القاهرة»، في حين سيتم «استثناء» منصة موسكو.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.