داخل ترشيحات النقابة وخارج ترشيحات الأوسكار

توم فورد يتحدّث عن «حيوانات ليلية»

المخرج توم فورد
المخرج توم فورد
TT

داخل ترشيحات النقابة وخارج ترشيحات الأوسكار

المخرج توم فورد
المخرج توم فورد

الجزء الأكبر من هذه المقابلة دار خلال انعقاد مهرجان فنيسيا في خريف العام الماضي حيث قدّم الكاتب والمخرج توم فورد فيلمه (الثاني) «حيوانات ليلية». آنذاك لم تكن أمواج الترشيحات لموسم الجوائز ارتفعت كما هو حالها الآن. هذه الأمواج التي تجلت عن ترشيح هذا الفيلم لجائزة «نقابة الكتاب الأميركية» في عداد أفضل سيناريو مقتبس وعن غيابه من قائمة الأوسكار.
* «حيوانات ليلية» كما شاهدناه على شاشة مهرجان «فينيسيا» متميّـز بكونه فيلمين في فيلم واحد وكلاهما يستحق الاهتمام: هناك المرأة المسؤولة في إحدى دور النشر وهناك الرواية التي تسلمتها من زوجها السابق التي ننتقل بسببها إلى مكان وزمن آخرين.
- هذا ليس تمامًا ما جاء في الرواية. عندما بدأت الكتابة قررت أين سأختلف عن المادة الأصلية وأين سألتقي بها. بالنسبة لي يأتي الاقتباس مناسبة لالتقاط عبارات وترجمتها إلى مشاهد في البال. إذا أحببتها كان علي أن أحمي هذه المشاهد وألا تمر سريعًا. صياغة الفيلم على النحو الذي ذكرته تمّت انطلاقًا من هذا الفعل. تجمّعت لدي أفكار بصرية في مطلع الأمر ولو أني اعتمدت بالطبع على الحكاية المزدوجة التي أوردها (الكاتب) أوستن رايت.
* واحد من وجوه المقارنة بين عالم المرأة التي تمثلها آمي أدامز وعالم الرجل الذي يمثله جايك جيلنهال هو ذلك الفضاء من حولهما. أقصد أن مشاهد الزوجة وهي مستلقية على سرير واسع تقرأ النص الذي بعثه إليها زوجها السابق يتم في إطار غرفة واسعة. هذا لا يرد في الرواية.
- لا. لا يرد. ما لاحظته هو رغبة مني في تحديد الوحدة التي يعاني منها كل من هاتين الشخصيّتين.
* طبعًا لجانب أنهما متناقضان دائمًا: واحد داخلي والآخر خارجي.
- صحيح. لكني شاهدت بعض الأفلام التي أرادت حشر الشخصية المنفردة بنفسها في لقطات قريبة وابتعدت عن هذا الأسلوب. ليس هناك أفضل من لقطة عامة للفرد كسبيل لإشعار المشاهد بوحدته.
* مثل غاري كوبر في «منتصف النهار» (Hight Noon).
- صحيح.
* عندما تكتب سيناريو فيلمك، هل تغيّـر كثيرًا في الرواية التي تقتبسها؟
- يعتمد ذلك على الرواية كثيرًا. في فيلمي السابق قمت بتغييرات كثيرة. بالنسبة لي الرواية هي التي تقترح الالتزام بها أو الخروج عنها مع الحفاظ بالتأكيد على روحها وفكرتها وموضوعها.
* كيف تقرر؟
- كما ذكرت، أكتب ما تقترحه علي العبارات الواردة. أقوم بتحويلها إلى مشاهد صامتة. مشاهد تبقى في البال إذا كانت جيدة أو تزول إذا لم تكن. عليك أن تثق بإحساسك صوبها وهو معينك الأول في هذه الحالة.
* هل تفكر أيضًا بالحوار في هذه المرحلة؟
- لا. الحوار هو ما سيضاف لاحقًا حتى وإن كانت الرواية تحتويه. سيكون سهلا اقتباسه أو تحويره.
* «حيوانات ليلية» داخل مسابقة نقابة الكتاب وخارج مسابقة الأوسكار. كيف تفسر ذلك؟
- هذا يرجع لقرار الناخبين وهم من يستطيعون الجواب عليه.
* هل هي مفارقة؟
- لا أرى ذلك، لأنها ليست المرّة الأولى التي يرشح فيها فيلم في إحدى هاتين المؤسستين ويغيب عن الأخرى. أعتقد أنها كانت سنة ثرية بالسيناريوهات الجيدة. شاهدت معظم الأفلام المرشحة في هذا الموسم ولفت اهتمامي أنها جميعًا مكتوبة جيدًا ولو بتفاوت بين بعضها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».