كيف تحتفل الملكة إليزابيث بالذكرى الـ 65 لتوليها العرش؟

تقضي اليوم في خصوصيتها المفضلة خلف الأبواب المغلقة

ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لدى وصولها إلى مركز سينسبري للفنون البصرية في جامعة إيست إنجليا في نورويتش في 27 يناير (أ.ف.ب)
ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لدى وصولها إلى مركز سينسبري للفنون البصرية في جامعة إيست إنجليا في نورويتش في 27 يناير (أ.ف.ب)
TT

كيف تحتفل الملكة إليزابيث بالذكرى الـ 65 لتوليها العرش؟

ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لدى وصولها إلى مركز سينسبري للفنون البصرية في جامعة إيست إنجليا في نورويتش في 27 يناير (أ.ف.ب)
ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لدى وصولها إلى مركز سينسبري للفنون البصرية في جامعة إيست إنجليا في نورويتش في 27 يناير (أ.ف.ب)

تدخل الملكة إليزابيث، في يوم الاثنين السادس من فبراير (شباط) المقبل، التاريخ، حيث تصبح أول ملكة بريطانية تصل إلى 65 عاما على عرش البلاد. وسوف يكون اليوبيل الياقوتي بمثابة مناسبة كبيرة ومعلم مهم من معالم حكمها للبلاد، فكيف سوف تكون احتفال جلالتها بهذه المناسبة؟
وعلى الرغم من الإنجاز المذهل، فمن غير المتوقع أن تقيم جلالة الملكة أي احتفالات عامة بتلك المناسبة، حيث من المقرر أن تقضي اليوم في خصوصيتها المفضلة خلف الأبواب المغلقة، ولن تكون هناك أي ارتباطات رسمية تظهر فيها الملكة.
ولسوف تتذكر الملكة، بعد كل شيء، والدها العزيز الملك جورج السادس، الذي وافته المنية في ليلة الخامس من فبراير (شباط) وصباح السادس من ذات الشهر في عام 1952. ولقد توفي جلالة الملك جورج السادس، إثر إصابته بانسداد في شرايين القلب أثناء نومه في عمر يناهز 56 عاما، وبين عشية وضحاها، تحول مصير كريمته من الأميرة إليزابيث إلى صاحبة الجلالة ملكة البلاد.
ومن المفهوم، أن تمر ذكرى وفاة الملك الوالد على جلالة الملكة في خصوصية وهدوء. وسوف توجد الملكة في ساندرينغهام هاوس برفقة زوجها الأمير فيليب، ومن المتوقع أن تقضي جزءا من اليوم تطالع الصندوق الأحمر من الوثائق الرسمية، كما كانت تفعل في كل يوم من أيام جلوسها على العرش. ولقد أوضحت الملكة على الدوام أن طول سنوات حكمها للبلاد هو نتيجة طبيعية لوفاة والدها في سن مبكرة، وبالتالي ليس هناك ما يدعو للاحتفال.
وفي عام 2015، تجاوزت الملكة إليزابيث الملكة فيكتوريا من حيث أطول الملكات حكما في تاريخ البلاد. وحتى ذلك الحين، وبأسلوبها المتواضع المعروف، أقرت الملكة البالغة من العمر 90 عاما بتلك المناسبة، غير أنها أوضحت كذلك أنها بمنأى تماما عن الاحتفال بهذه المناسبة التي تناهز ذكرى وفاة الملكة فيكتوريا. وطالبت الملكة بعدم إجراء أي احتفالات رسمية، وبدلا من ذلك عقدت عشاء منزليا خاصا في المنزل فحسب.
وتقدمت الملكة بشكرها إلى المهنئين والممتنين خلال خطاب موجز ألقته في أدنبرة باسكوتلندا، حيث كانت تتابع بعض الارتباطات الملكية هناك. وخلال حديثها في محطة «تويدبانك»، عقب افتتاح خط السكك الحديدية الحدودي الجديد، قالت جلالة الملكة: «يمكن أن تمر الحياة الطويلة، ومن دون شك، بعدد من الإنجازات والمعالم المهمة على طول الطريق - وليست حياتي استثناء من ذلك - ولكنني أشكر لكم جميعا، كما أشكر للكثيرين من غيركم، في الداخل والخارج، تلك الرسائل الرقيقة اللطيفة التي تحمل كل آيات اللطف والعطف والمحبة من قلوبكم». وأضافت جلالة الملكة أن طول فترة الجلوس على عرش البلاد «ليس بالأمر الذي أنشده في أي لحظة من لحظات حياتي».
ومن المقرر أن تعود جلالة الملكة إلى العاصمة البريطانية لندن في أوائل شهر فبراير (شباط)، بعد إقامتها الشتوية في ساندرينغهام هاوس. ومن المرجح أن يكون ارتباطها الملكي الرسمي المقبل في يوم عيد الحب، حيث سوف تفتتح برفقة دوق أدنبرة مركز الأمن السيبراني الجديد في مقاطعة فيكتوريا بوسط العاصمة لندن، الذي يبعد مسافة موجزة عن قصر باكينغهام الملكي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».