العلاقات السعودية ـ الإيرانية تدخل المرحلة الانتقالية

العلاقات السعودية ـ الإيرانية  تدخل المرحلة الانتقالية
TT

العلاقات السعودية ـ الإيرانية تدخل المرحلة الانتقالية

العلاقات السعودية ـ الإيرانية  تدخل المرحلة الانتقالية

هل أصبحت المملكة العربية السعودية وإيران على مسار التخفيف من حدة التوتر القائمة في العلاقات الثنائية؟
هذا هو التساؤل الذي حاولت وسائل الإعلام الإيرانية معالجته خلال الأسابيع القليلة الماضية. وأسفرت الأجوبة المتناقضة على هكذا تساؤل عن حالة واضحة من التأرجح بين الإيجاب والإعراض.
موقع «انتخاب» الإيراني اليومي، الموالي والمؤيد للرئيس حسن روحاني قال في مقالة نشرت الأسبوع الماضي: «من مصلحة إيران حاليا التخفيف من حدة التوتر القائمة مع المملكة العربية السعودية في الوقت الذي تخلق فيه إدارة الرئيس ترمب المزيد من الشكوك وعدم اليقين».
وأشارت صحيفة «أرمان» اليومية إلى سبب آخر يدعو إلى تخفيف حدة التوتر بين الرياض وطهران، من خلال تسليط الضوء على رسالة التعزية التي أرسلتها قيادات خليجية إلى عائلة الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني، الذي وافته المنية الشهر الماضي. وكان رفسنجاني دائم الدعوة إلى تقريب العلاقات بين البلدين.
وعلى الطرف الآخر من الطيف السياسي الإيراني، أشارت صحيفة «كيهان» اليومية، وهي من الصحف التي تصرح بمعارضة الرئيس روحاني، في مقالة افتتاحية نشرت يوم الثلاثاء الماضي إلى أن السعودية قد نصحت الرئيس الأميركي الجديد بألا يلغي الاتفاق المبرم بشأن المشروع النووي الإيراني.
وبلغت التكهنات بشأن احتمالات ذوبان الجليد بين الرياض وطهران ذروتها من خلال الزيارة الخاطفة التي قام بها وزير الخارجية الكويتي إلى طهران الذي نقل خلالها رسالة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر، مما يشير إلى فتح حوار جديد وواسع بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران.
يقول الباحث مهدي رجبي من طهران: «دخلت إيران موسم الحملة الانتخابية الرئاسية مع مخاوف بشأن التوترات الاجتماعية الداخلية المحتملة. ويستعد معارضو الرئيس حسن روحاني إما إلى منعه من خوض السباق الانتخابي في المقام الأول وإما إلى هزيمته في انتخابات الربيع المقبل إن قرر خوضها».
وكان الرئيس روحاني قد أسس رئاسته للبلاد على أركان الاتفاق النووي مع إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما والتي وصفها الرئيس الإيراني بأنها «أكبر انتصار دبلوماسي في التاريخ الإسلامي»، واتخذها ذريعة للمزيد من جهود التطبيع المستقبلية مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من كل ذلك، تسبب انتخاب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة في هزة شديدة للاستراتيجية الإيرانية المشار إليها، حيث تقوضت مزاعم روحاني بالنجاح المطلق في مجال السياسة الإيرانية الخارجية.
يقول المحلل السياسي الإيراني ناصر زماني: «مع آمال التطبيع مع الولايات المتحدة التي تأجلت، إن لم تكن تبددت، والاقتصاد الإيراني الذي يعاني أعمق أزماته في الوقت الراهن، يحتاج الرئيس روحاني إلى نجاح جديد في مضمار السياسة الخارجية. وأية بادرة على تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية سوف تنال قدرها المعتبر من الشعبية لدى الناخبين الإيرانيين، وبالتالي تكون ذات فائدة سياسية كبيرة بالنسبة للرئيس روحاني».
ومع ذلك، فإن الحسابات الانتخابية الداخلية قد لا تكون السبب الوحيد وراء تراجع لهجة العداء الواضحة التي اعتمدها الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، في الآونة الأخيرة، حيال المملكة العربية السعودية. حيث يعتقد بعض المحللين السياسيين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد لعب دورًا مهمًا في إقناع طهران بإعادة النظر في المواجهات القائمة مع المملكة العربية السعودية وحلفائها من دول الخليج العربي.
تجاهل الرئيس بوتين الرئيس روحاني وحكومته وعقد علاقات مباشرة ووثيقة مع المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي الذي له الكلمة الأخيرة في كل ما يتعلق بالقضايا الرئيسية والمهمة في شؤون الجمهورية الإسلامية.
ووفقا للمحللين النفطيين، كان التدخل من جانب الرئيس الروسي حاسما ومهما في التوصل إلى اتفاق غير رسمي بين منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) والدول غير الأعضاء في المنظمة، ويهدف إلى خفض الإنتاج أملا في الوصول إلى استقرار أسعار النفط الخام العالمية. وتنفيذ مثل هذا الاتفاق يستلزم درجة من التعاون الوثيق بين المملكة العربية السعودية وإيران.
ومع ذلك، لم يكن الاتفاق النفطي غير الرسمي هو البادرة الوحيدة على التخفيف من حدة التوترات بين البلدين العملاقين داخل منظمة (أوبك)، فلقد صدرت من جانب إيران، في العام الماضي، لفتة تتسم بالإيجابية من خلال مجموعة من المسلحين المتهمين بالهجوم على، ونهب مبنى، السفارة السعودية في طهران.
وأظهرت المحاكمة أن المهاجمين قد تحركوا وفق موافقة ضمنية غير علنية من جانب أجهزة الأمن الإيرانية، مما يعني أن القادة الحقيقيين للاعتداء لم يتعرضوا للملاحقة القضائية في إيران. وعلى الرغم من ذلك، كانت تلك هي المرة الأولى التي يوصف فيها الاعتداء على السفارات الأجنبية بأنه جريمة ويُدان مرتكبوها في محاكمة علنية في إيران.
وهناك إشارة أخرى تفيد بتخفيف التوتر، جاءت مع اتفاق تسليم السلطة في لبنان، والذي بموجبه تولى العماد الأسبق ميشال عون، المرشح المدعوم من إيران، رئاسة لبنان، في حين تولى السيد سعد الحريري، المدعوم من دول مجلس التعاون الخليجي، رئاسة الوزراء في البلاد.
وجاءت إشارة أخرى خلال الشهر الماضي عندما أسقطت طهران شروطها الـ16 التي وضعتها من قبل بشأن عودة الحجاج الإيرانيين إلى موسم الحج هذا العام.
وللتأكيد على ما يمكن أن يكون عليه موقف إيران الجديد، أخفى السيد علي خامنئي رسالة كبيرة في واحدة من خطاباته الهجائية القاسية حول البحرين؛ حيث قال: «ليست لدينا النية للتدخل في شؤون البحرين». تلك الرسالة التي جاءت مثل الماء البارد الذي أطفأ لهيب خطبة جمعة سابقة عليها هاجم فيها المرشد الإيراني الأعلى مملكة البحرين داعيا خلالها إلى ضرورة العمل والتحرك العاجل هناك.
وتبنى المسؤولون من المملكة العربية السعودية ومن إيران، خلال الأسابيع القليلة الماضية، لهجة تتسم بالهدوء والاعتدال حيال بعضهما البعض، وكانت في غالبها تدور حول الإشادة بالروابط الدينية والثقافية التي تجمع بين البلدين الكبيرين.
هناك صراع بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، بقيادة المملكة العربية السعودية، في عدد من المواقع في منطقة الشرق الأوسط، ومن أبرزها العراق، وسوريا، والبحرين، واليمن.
في العراق، يمثل الوجود المستمر لجنود الجيش الأميركي، والذي من المرجح أن يزيد في عهد الرئيس دونالد ترمب، عقبة كبيرة في مواجهة مشروع الهيمنة الإيرانية الطموح في المنطقة. ربما، وبمزيد من الأهمية، حتى الشيعة العراقيون ليسوا حريصين كل الحرص على رؤية بلادهم تتحول إلى دولة تابعة للنظام الإيراني بقيادة طهران. ووفقا لذلك، فإن الفرص السانحة أمام إيران للحصول على النفوذ الدائم في المحيط العراقي باتت مشكوكا فيها، إن وصفت بأدنى العبارات.
وفي سوريا، لا تزال إيران ضالعة وحتى أسنانها في الصراع هناك، وتمارس الحد الأقصى الممكن من النفوذ على البقية المتبقية من النظام البعثي. وعلى الرغم من ذلك، فإن الملف السوري لم يغادر، وربما لن يغادر، الطاولة الروسية في الوقت القريب، حيث لا تتمكن إيران إلا من لعب الدور الثانوي على أحسن الأحوال الممكنة.
ومع اكتساب العراق وسوريا للمزيد من الزخم ابتعادا عن مجال النفوذ الإيراني ومنافسته لمجال نفوذ دول الخليج العربي حيال نفس القضايا، لم يتبق سوى البحرين واليمن باعتبارهما أسخن نقاط المنافسة الراهنة.
يقول المحلل الإيراني زماني: «إن اختزال الصراع الكبير الممتد في قضيتي البحرين واليمن فقط من شأنه أن يمهد الطريق أمام الحوار البناء في المستقبل».
ومن المحتمل أن رسالة أمير الكويت السرية إلى طهران قد تطرقت إلى هكذا احتمال.
لا يتجاوز الدور الإيراني الكبير في البحرين حدود الدعاية، والخدمات اللوجستية، والدعم المالي للجماعات المتمردة هناك. والاتصالات بين أجهزة الأمن الإيرانية وجماعات المعارضة البحرينية، غالبا ما تتم خارج إيران، بما في ذلك مدينتا لندن وبيروت. ويسهل على إيران بكل بساطة الحد من تلك الاتصالات باعتبارها وسيلة من تهدئة التوترات مع دول مجلس التعاون الخليجي، ومن دون التخلي عن مزاعمها بدعم الطائفة الشيعية في البحرين.
لكن التورط الإيراني في اليمن هو الأكثر تعقيدا، ومصدر من أكبر مصادر القلق للمملكة العربية السعودية وحلفائها، حيث تتلقى الميليشيات الحوثية اليمنية الجانب الأكبر من موارد التسليح والتمويل من إيران في حين أن الخبراء العسكريين الإيرانيين لعبوا دورا رئيسيا في تصميم الأساليب التكتيكية بواسطة التحركات التي تتخذها الوحدات المقاتلة هناك.
ومع ذلك، بدأت طهران في رؤية مغامرتها في اليمن باعتبارها مقامرة خاسرة. وربما ذلك هو السبب في أن زيارة الوفد الحوثي إلى طهران، والتي كانت مقررة خلال الشهر الحالي، قد أجلت إلى أجل غير مسمى، وفقا للمصادر الإيرانية. كما يساور طهران القلق أيضا من احتمال أنه، على أدنى تقدير، قد تعقد جماعة الحوثي اتفاقا مستقلا مع الرياض في مقابل تأمين نصيب من المشاركة في السلطة، مما يترك إيران مثل المتطفل في هذا الشأن.
وهناك عامل آخر قد يدفع صناع القرار السياسي الإيرانيين إلى مراجعة سياساتهم إزاء اليمن. فالحكومة البريطانية ضالعة وبشدة في الجهود الرامية إلى إنهاء الصراع الدائر في اليمن في أسرع وقت ممكن. وفي الوقت نفسه، فإن طهران شديدة الحرص على تعزيز علاقاتها مع لندن لضمان استمرار الاتفاق النووي المبرم، والمحافظة على قناة الاتصال مفتوحة إلى واشنطن عبر الحكومة البريطانية.
والتساؤل الذي يطرحه العديد من المحللين الآن يتعلق بما إذا كانت العلاقات الأفضل بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي هي من الأمور الممكنة.
ومع ذلك، ربما ليس هذا هو السؤال الصحيح؛ فالعلاقات مع إيران لا يمكن أن تتحسن طالما أن المشاكل التي تتعلق بإيران ذاتها لم تلق حلولا أو تسوية.
ولذلك، فإن السؤال الحقيقي المطروح، كما هو الحال على الدوام، هو: هل من الممكن الحيلولة دون تدهور العلاقات مع إيران لمستويات هي أدنى مما عليه الآن؟ الإجابة الممكنة على هكذا تساؤل هي: أجل.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)