«بر بحر» فيلم يختبر المحرمات في تل أبيب

تدور قصته حول 3 نساء عربيات تتباين شخصياتهن في مجتمع محافظ

الفيلم يدور حول نمط حياة علماني
الفيلم يدور حول نمط حياة علماني
TT

«بر بحر» فيلم يختبر المحرمات في تل أبيب

الفيلم يدور حول نمط حياة علماني
الفيلم يدور حول نمط حياة علماني

أثار فيلم يتناول قصة 3 نساء من عرب إسرائيل تركن قراهن للعيش في تل أبيب غضب بعض المتمسكين بالتقاليد داخل المجتمع العربي في إسرائيل.
وفاز فيلم «بر بحر»، وهو لمخرجة عربية ومنتج يهودي بجائزة أفضل فيلم في مهرجان حيفا السينمائي الدولي في أكتوبر (تشرين الأول)، وتم الاحتفاء به في تورنتو وسان سيباستيان، وتدور قصته حول 3 نساء شخصياتهن متباينة تمامًا يعشن معًا في شقة في أكثر المدن الإسرائيلية تحررًا. إنه الفيلم الكامل الأول للمخرجة الفلسطينية الشابة ميسلون حمود. تشارك حمود، التي من مواليد قرية دير حنا في شمال إسرائيل وتحمل الجنسيّة الإسرائيلية، في المشهد اليهودي - العربي البديل في يافا وتل أبيب، الذي يظهر في الفيلم أيضًا. يدور الحديث عن نمط حياة علماني، حيث يعيش شبان وفتيات حياة منفتحة ومتساهلة؛ «غربية».
الشخصيات الثلاث هن ليلى، وهي محامية ومسلمة متحررة تذهب للحفلات كل ليلة. وسلمى، وهي من عائلة مسيحية تقليدية تعمل منسقة أغانٍ ونادلة في بار. ونور، وهي مسلمة متدينة تدرس علوم الكومبيوتر اعتدى عليها خطيبها.
وقالت مخرجة وكاتبة الفيلم ميسلون حمود لتلفزيون «رويترز»: «الفيلم هو قصة 3 صبايا فلسطينيات يعشن في تل أبيب ويواجهن المشكلات التي تخرج من مجتمعهن والعادات والتقاليد التي اخترن أن يعشن داخلها، وبالوقت نفسه، يواجهن العنصرية الموجودة بتل أبيب باعتبار أنهن فلسطينيات. حبينا نضع هذه المواضيع المهمة وما طرح بعد (لم تُطرح) بهذا الفيلم».
وأضافت حمود: «الموجة التي تحصل (حاليًا) هي موجة تعود إلى جيل جديد، وكثير من ناس فنانين وعندهم شي يقولنه وهذا الجيل بيرفع رأسه ولا يخجل من يحكي عن مواضيع التي كان من قبل يمكن لا يقدر حد في الحديث عنها».
ويتناول الفيلم أمورًا يفضل عرب إسرائيل عدم مشاهدتها على الشاشة. ويمثل العرب وأغلبهم مسلمون نحو 20 في المائة من سكان إسرائيل البالغ عددهم 8.5 مليون نسمة. ودعت القيادة المحافظة لمدينة أم الفحم الكبيرة التي يعيش فيها عرب إسرائيل لمقاطعة الفيلم.
وقال عبد المنعم فؤاد، المتحدث باسم بلدية أم الفحم: «نحن مع الفن الهادف والأصيل وصاحب الرسالة وصاحب رسالة النقد للمظاهر السلبية في المجتمع. لكن في الوقت نفسه، نحن ضد الفيلم الذي يشوه المجتمع. يشوه صورة المجتمع الفحماوي. وفي البيان الذي أصدرناه نحن دعونا لمقاطعة هذا الفيلم وعدم التعاطي معه وعدم الذهاب لمشاهدة هذا الفيلم».
وقالت الممثلة سنا جمالية، التي تلعب دور سلمى، إن هذه المرة الأولى بالنسبة لمجتمع عرب إسرائيل التي يتعرض فيها فيلم لقضية مهمة.
وقالت سنا جمالية، التي تلعب دور سلمى في الفيلم، إن الوقت حان كي يعالج المجتمع العربي المسألة التي تناولها الفيلم.
وقالت: «لا أحد يريد التحدث عن المرأة التي تشعر بأنها حرة بما يكفي للسهر كل ليلة، ولكن تجب مناقشة ذلك حتى يمكن للمجتمع العربي اللحاق بالعالم الحديث».
وتوقعت الممثلة منى حوا، التي لعبت دور ليلى هذا النقد، لكنها قالت إن العمل يعكس كثيرًا من الحياة الواقعية ويستحق العناء. وأضافت: «هذه مواضيع التي نحن غير متعودين نشوفها. وكان متوقع إنه أكيد سوف يكون علينا النقد، نحن موجودون هنا عشان نعمل فن ونحن عن طريق الفن بننتقد حالنا وبننتقد المجتمع». وأن صنع هذا الفيلم يتطلب شجاعة، ولكنها تشعر بأنها مقتنعة بأنه يعكس قدرًا كبيرًا من الحياة الواقعية في مجتمعها.
وقالت هبة مزاوي، وهي ممن شاهدوا الفيلم: «أنا بفتكر إن الفيلم جريء جدًا. قوي جدًا. المضامين التي يطرحها، القضايا التي يطرحها قوية جدًا. لكن الرسالة التي وصلها بطريقة مهمة وأفكار مهمة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».