شباب سعوديون يحولون شغفهم بالطبخ إلى مهنة مربحة

تجاوزوا عقبة الخجل الاجتماعي لتأسيس مشروع مبتكر

استطاعوا تحضير 600 وجبة خلال 4 ساعات في إحدى المناسبات
استطاعوا تحضير 600 وجبة خلال 4 ساعات في إحدى المناسبات
TT

شباب سعوديون يحولون شغفهم بالطبخ إلى مهنة مربحة

استطاعوا تحضير 600 وجبة خلال 4 ساعات في إحدى المناسبات
استطاعوا تحضير 600 وجبة خلال 4 ساعات في إحدى المناسبات

حوّل ثلاثة شبان سعوديون، عدم رضاهم عن مطاعم «البرغر» العالمية والمحلية التي يقصدونها لتناول وجبات العشاء، إلى دافع لشراء أدوات إعداد الوجبات الخفيفة، والبدء في سلسلة من التجارب على اللحوم الطازجة والخبز حتى توصلوا إلى إعداد وجبات برغر لاقت قبولاً من المقربين، ما شجعهم على المضي في إعداد وجبات أخرى وتأسيس مشروع صغير لبيع إنتاجهم.
وذكر محمد باخشوين أنه واجه مع صديقيه معاذ القرني وفيصل الغامدي، مشكلة الوجبات السريعة التي لا تروق لهم رغم شغفهم بالبرغر، فبدأوا يتولون الطبخ بمفردهم في بيت أحدهم.
واتفق الأصدقاء على ألا يأكلوا أي شيء مجمد، فباتوا يقصدون محال اللحوم الطازجة ليختاروا لحومًا بأنفسهم، ويجربوا طبخها بطرق مختلفة حتى باتوا يتقنون ذلك، إضافة إلى إحضار نوع خاص من الخبز من الخارج، وإعداد خلطات من البهارات لتعطي طعمًا خاصًا يميز وجباتهم.
وقرر الأصدقاء الثلاثة الذين جمعهم العمل في واحدة من كبريات شركات الاتصالات السعودية، البدء بمشروع لبيع الوجبات الخفيفة، وفي بداية الأمر كان الأمر مخجلاً بالنسبة لهم ومقتصرًا على الأقارب وبعض المعارف، لكن الإقبال جعلهم يتجاوزون هذا ليؤسسوا قاعدة كبيرة من العملاء في كل مناسبة وحفل يحضرونه.
وأشار باخشوين إلى أنه وجد دعمًا من المحيطين به: «زوجتي دعمتني في كل فترات عملي الرسمي وحتى في خوضي تجارب الطبخ في بداية الأمر إلى أن وصلت إلى هذه المرحلة، كما وجدت في ضيوفنا قبولاً كبيرًا لما أعده من مأكولات من المطبخ السعودي والعربي بشكل عام، وبتّ أبتكر يوما بعد يوم إضافات خاصة ودائما ما تجد القبول والطلب من قبل الأهل والضيوف».
وأشار إلى أن عمله سابقًا في نادٍ رياضي ومرافقته في رحلات خارجية وتجريب مطاعم برغر كثيرة، منحته خبرة للوصول إلى تركيبة من أجزاء اللحم البقري لإعداد وجبات البرغر، لافتًا إلى أنه استثمر هواية التصوير في نشر الوجبات التي يعدها على مواقع التواصل الاجتماعي، ما جلب له الكثير من العمل.
ولم يقف الأمر على مدينة جدة، إذ باتت بعض الطلبات تأتيهم من خارجها، إضافة إلى المشاركة في مهرجانات كثيرة تخص الأطعمة، حتى أنهم أعدوا في إحدى المناسبات 600 وجبة خلال 4 ساعات.
ويطمح الأصدقاء الثلاثة لتحويل مشروعهم إلى سلسلة مطاعم متنقلة، إضافة إلى إنشاء مطعم في موقع ثابت يقصده الزبائن بشكل دائم. وتابع: «نريد أن نثبت أن العمل الحر وطرق باب الرزق وتنويع مصادر الدخل لا يحكمها العادات والتقاليد التي يضعها الشاب عائقا يخيفه، بل على الشباب البدء في تنفيذ هواياتهم ليكتشفوا أن كل ما يظنون أنه سلبي في العمل لا يعدو كونه وهمًا تكسره أول تجربة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».