عواصف ثلجية ورياح عاتية تضرب أوروبا وتتسبب بعشرات القتلى

قلق أممي على أوضاع المهاجرين في مخيمات اليونان

بريطانيان يغالبان العاصفة الثلجية في لندن أمس (إ.ب.أ) - رجل بوليس يشير لسائق شاحنة بالوقوف بسبب الثلوج الكثيفة على الطريق بالقرب من باد هرزبورغ بوسط ألمانيا (أ.ف.ب) - تعرضت بلجيكا أمس لموجة من العواصف القوية (إ.ب.أ)
بريطانيان يغالبان العاصفة الثلجية في لندن أمس (إ.ب.أ) - رجل بوليس يشير لسائق شاحنة بالوقوف بسبب الثلوج الكثيفة على الطريق بالقرب من باد هرزبورغ بوسط ألمانيا (أ.ف.ب) - تعرضت بلجيكا أمس لموجة من العواصف القوية (إ.ب.أ)
TT

عواصف ثلجية ورياح عاتية تضرب أوروبا وتتسبب بعشرات القتلى

بريطانيان يغالبان العاصفة الثلجية في لندن أمس (إ.ب.أ) - رجل بوليس يشير لسائق شاحنة بالوقوف بسبب الثلوج الكثيفة على الطريق بالقرب من باد هرزبورغ بوسط ألمانيا (أ.ف.ب) - تعرضت بلجيكا أمس لموجة من العواصف القوية (إ.ب.أ)
بريطانيان يغالبان العاصفة الثلجية في لندن أمس (إ.ب.أ) - رجل بوليس يشير لسائق شاحنة بالوقوف بسبب الثلوج الكثيفة على الطريق بالقرب من باد هرزبورغ بوسط ألمانيا (أ.ف.ب) - تعرضت بلجيكا أمس لموجة من العواصف القوية (إ.ب.أ)

تضرب موجة برد مصحوبة بثلوج وعواصف قوية منذ أيام مختلف دول أوروبا مخلفة حتى الآن عشرات القتلى فيما حبس سكان مناطق شرق بريطانيا أنفاسهم أمس تحسبا لفيضانات.
وانقطع التيار الكهربائي عن أكثر من 330 ألف منزل في فرنسا ليل الخميس الجمعة بينما تسببت العواصف بمقتل أكثر من 60 شخصا بالإجمال منذ نهاية الأسبوع الماضي في أوروبا. وفي ألبانيا، عثر على امرأة في الحادية والستين من العمر ميتة أول من أمس أمام منزلها في ساراندا (جنوب)، كما ذكرت الشرطة. وباتت الحصيلة ثمانية قتلى في هذا البلد منذ السبت.
وتعرضت فرنسا من جانبها منذ مساء أول من أمس «لعاصفة شتائية قوية بالغة العنف» سميت ايغون، وتسببت بمصرع امرأة في الثالثة والأربعين من العمر لقيت حتفها صباح أمس من جراء سقوط شجرة اقتلعتها الرياح في حديقة بيتها في سان - جانيت (الألب - ماريتيم). ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جهاز الدرك أن «شجرة السرو سقطت عليها بينما كانت تستعد لإيصال أولادها إلى المدرسة، ولقيت حتفها على الفور». وفي خضم العاصفة، انقطع التيار الكهربائي عن نحو 330 ألف منزل، كما أعلنت شركة اينيديس المشغلة لشبكة توزيع الكهرباء الفرنسية.
وفي بريطانيا، دفع تشكل برك كبيرة من الماء والعواصف الوكالة البيئية على إصدار اثني عشر إنذارا من مخاطر حصول فيضانات خطيرة. واستنفر نحو مائة جندي في مدينة سكيغنس (شرق بريطانيا) لمساعدة الناس واستعدادا لاحتمال إجلاء 3000 شخص. وقالت تيريزا كوفي وزيرة الدولة لشؤون البيئة المسؤولة عن الأوضاع في الأرياف، إن «أولويتنا على الإطلاق هي حماية الأشخاص والمنازل والمؤسسات». وأضافت: «لذلك استعنا بجنود يساهمون في إبلاغ الناس بالخطر وإجلائهم».
وفي ألمانيا، تسببت العاصفة ايغون بأضرار في عدد كبير من مناطق البلاد التي كانت تتوقع أمس سقوط كميات كبيرة من الثلوج - نحو 30 سنتيمترا - في الوسط والغرب، كما ذكرت الوكالة الوطنية للأرصاد الجوية.
وفي بلجيكا، حرمت آلاف المنازل من التيار الكهربائي خلال الليل، وخصوصا في منطقة نامور. ووقع عدد من حوادث السير في ضواحي بروكسل بسبب الثلوج التي تتسبب أيضا في ازدحامات خانقة.
وفي هولندا، استعدت إدارات المناطق الساحلية لمواجهة ارتفاع مستويات المياه الناجمة عن العاصفة والأمطار في الأيام الأخيرة. وأغلقت السدود في عدد كبير من المناطق الساحلية. وقد تعمد السلطات أيضا إلى إقفال سد ماسلانتكيرينغ الكبير القريب من مرفأ روتردام. وفي أمستردام وضواحيها، تم تشغيل المضخات لخفض مستوى المياه في الأراضي المستصلحة، كما ذكرت وكالة الأنباء الهولندية.
وفي سويسرا، ضربت عاصفة عنيفة البلاد ليل الخميس الجمعة، قبل وصول الثلوج المتوقع في نهاية الأسبوع، وأربكت العواصف في وقت مبكر الجمعة رحلات السكك الحديد على عدد كبير من الخطوط في شمال البلاد، قرب بازل.
من جهتها، قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أمس إن لاجئين ومهاجرين يموتون جراء موجة البرود في أوروبا وحثت الحكومات على بذل المزيد من الجهود لمساعدتهم بدلا إعادتهم عند الحدود وتعريضهم للعنف. ونقلت وكالة رويترز عن سارة كرو، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن «الأطفال على وجه الخصوص عرضة لأمراض الجهاز التنفسي في وقت كهذا. الأمر يتعلق بإنقاذ الأرواح وليس بالإجراءات الإدارية والالتزام بالترتيبات البيروقراطية... الوضع قاس الآن في اليونان».
بدورها، قالت سيسيل بويلي المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين إن خمس حالات وفاة سجلت حتى الآن بسبب البرد وأشارت إلى وجود ألف شخص في خيام ومساكن غير مزودة بوسائل للتدفئة في جزيرة ساموس اليونانية ودعت إلى نقلهم إلى مأوى أفضل على البر الرئيسي. وأضافت بويلي أن جثتي رجلين عراقيين وامرأة صومالية شابة وجدت على مقربة من الحدود التركية في بلغاريا كما نقل مراهقان صوماليان إلى المستشفى جراء الصقيع بعد قضائهما خمسة أيام في غابة.
إلى ذلك، قالت الهيئة الوطنية الأميركية للأرصاد الجوية إن عاصفة جليدية في طريقها إلى وسط الولايات المتحدة وتنذر بانقطاع الكهرباء وجعل السفر والتحرك على الطرق خطيرا. ونقلت وكالة رويترز عن الهيئة في تقرير إرشادي أن التحذير من الجليد والأمطار المتجمدة والعاصفة الشتوية يسري على قطاع كبير من منطقة السهول من أقصى شمال ولاية تكساس إلى ولاية أيوا وشرقا عبر وسط ولاية إنديانا. وتابعت: «تراكم كميات كبيرة من الجليد سيجعل التنقل خطيرا أو مستحيلا. والتنقل غير محبذ بشدة ومن المرجح أن تتضرر التجارة كثيرا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».