استنفار لبناني لمعالجة أزمة الطيور التي تهدد الملاحة في مطار بيروت

ترجيحات باستخدام الملف ورقة سياسية لتحصيل مكاسب في ملفات أخرى

استنفار لبناني لمعالجة أزمة الطيور التي تهدد الملاحة في مطار بيروت
TT

استنفار لبناني لمعالجة أزمة الطيور التي تهدد الملاحة في مطار بيروت

استنفار لبناني لمعالجة أزمة الطيور التي تهدد الملاحة في مطار بيروت

استنفرت الحكومة اللبنانية في الساعات الماضية عبر وزاراتها المعنية لمعالجة أزمة الطيور التي تكاثرت في الآونة الأخيرة نتيجة إقامة مطمر للنفايات في منطقة الكوستا برافا في بيروت، ما بات يهدد حركة الملاحة في المطار المدني الوحيد في البلاد، مطار رفيق الحريري الدولي.
ويعقد رئيس الحكومة سعد الحريري اجتماعات متواصلة منذ أيام، كان آخرها مساء يوم أمس، كما يتابع الموضوع مع وزيري النقل والبيئة للخروج بحلول سريعة للأزمة التي كان رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط أول زعيم سياسي تلقفها بعد سلسلة تحذيرات أطلقها ناشطون في المجال البيئي، مطالبا بـ«إبعاد مكب النفايات عن مطار بيروت أيا كان الثمن، كي لا تقع الكارثة»، موضحا أمس أن «الأخطار على الطيران المدني متعددة ومتنوعة منها نهر الغدير (نهر ملوث بالمياه الآسنة يمر بجوار المطار) ومنها مكب الكوستا برافا وبالتالي من الجريمة اغفال أحدهما».
واستبق القضاء اللبناني الإجراءات السياسية، فأصدر قاضي الأمور المستعجلة في منطقة بعبدا (شرق لبنان) القاضي حسن حمدان، ليل الأربعاء، قرارًا قضى بوقف نقل النفايات بشكل مؤقت إلى مطمر الكوستا برافا، بانتظار أجوبة كل من وزارتي الصحة والزراعة والمديرية العامة للطيران المدني، وذلك في سياق الدعوى المقامة أمامه من جانب عدد من المحامين لإقفال مطمر النفايات.
وفي إجراء سريع للحد من الأزمة، قرر الحريري بوقت سابق زيادة عدد الأجهزة في الكوستا برافا والمطار التي تقوم بإصدار أنواع من الأصوات كصوت طائر الباشق وغيرها من الطيور الكبيرة والترددات لإبعاد طائر النورس ومنعه من الاقتراب من المدرجات. إلا أن هذا الإجراء برأي الناشطين غير كاف، وهم يطالبون بإقفال المطمر بشكل كلي.
وقال وزير الزراعة غازي زعيتر، الذي كان وزيرا للأشغال في الحكومة السابقة إنه وجّه «تحذيرات كثيرة بحينها خلال جلسات مجلس الوزراء كما عبر وسائل الإعلام من خطورة إقامة مطمر بالقرب من المطار، لأن ذلك من شأنه أن يهدد سلامة الطيران»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأزمة موجودة حتى قبل إقامة المطمر بشكل رسمي حين كانت عدة بلديات ترمي النفايات وبشكل عشوائي ومن دون معالجة في المنطقة». وأضاف: «على كل الأحوال هناك إجراءات فنية يمكن اتخاذها لحل الأزمة من دون إقفال المطمر، ولكن في النهاية الملف بيد وزير الأشغال الحالي وباقي الوزارات المعنية».
وأنشئ مطمر الكوستا برافا، وهو واحد من ثلاثة مطامر مؤقتة تنقل إليها نفايات بيروت ومحافظة جبل لبنان، بناء على خطة أقرتها الحكومة في مارس (آذار) 2016 بعد أشهر عدة من أزمة نفايات في البلاد. وفي أغسطس (آب) الماضي، حذرت نقابة الطيارين اللبنانيين من إمكانية اصطدام الطيور بمحركات الطائرات.
وقال وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني يوسف فنيانوس قبل أيام إن «حركة الطيران في مطار بيروت مهددة بسبب ازدياد أعداد الطيور التي تحلق بالقرب من مقلب للنفايات بالقرب من المطار»، مضيفًا أن «الوضع خطير وطارئ».
إلا أن مصادر معنية بالملف لم تستبعد أن يكون هناك من يستخدم هذا الملف «ورقة سياسية لتحصيل مكاسب في ملفات أخرى»، في إشارة إلى النائب جنبلاط الذي كان أول من رفع الصوت لحل أزمة الطيور، علما بأنه كان اعترض أخيرا على قرار اتخذته الحكومة بخصوص ملف النفط كما أنّه يضغط لمنع إقرار قانون انتخابي يعتمد النسبية ويدفع للإبقاء على القانون الحالي المعروف بـ«الستين». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع واضح تماما، فالطيور دائما موجودة في هذا الفصل على طول الشواطئ اللبنانية وهي لم تشكل يوما خطرا على سلامة الطيران، أضف أن الأجهزة المعنية في المطار لم تشتك يوما من مشكلة مماثلة، ما يؤكد أن الموضوع سياسي بامتياز».
من جهته، قال العميد الركن الطيار المتقاعد فوزي أبو فرحات إن «الطيور لا يمكن أن تشكل خطرا على الطائرات إلا إذا كانت هناك موجة كبيرة منها»، موضحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن لـ«الطائرة 4 محركات، وعادة عندما تستعد للإقلاع تبتعد كل الطيور نظرا للصوت القوي الذي تصدره، أضف أن هناك مراوح إذا ما اصطدم بها طائر تقضي عليه قبل بلوغه المحرك». وأشار أبو فرحات إلى أنّه «وفي أسوأ الأحوال إذا تعطل أحد المحركات تبقى 3 أخرى عاملة».
وبحسب مجلس الإنماء والإعمار، المشرف على عملية طمر النفايات، فإن مشكلة وجود الطيور في محيط مطار رفيق الحريري الدولي هي «مشكلة مزمنة لوجود عدة عوامل جاذبة للطيور في محيط المطار، وأهمها نهر الغدير»، لافتا إلى أن «عقد تنفيذ المركز المؤقت للطمر الصحي للنفايات أخذ بالاعتبار تنفيذ الإجراءات اللازمة لعدم تحول هذا المركز إلى جاذب إضافي للطيور، وهذه الإجراءات تتمثل بالتغطية اليومية للنفايات بالأتربة وتجهيز المطمر بعدد من الأجهزة التي تصدر أصواتًا لإخافة الطيور». وفي بيان أصدره المجلس يوم أمس، أكّد أن «المركز المؤقت للطمر الصحي للنفايات في الكوستا برافا لا يشكل، حاليًا مصدر جذب للطيور، نظرًا للإجراءات المتخذة حاليًا ونظرًا لوجود حركة دائمة داخل موقع المشروع».
وخلال جولة ميدانية له يوم أمس في مطمر الكوستا برافا للاطلاع عن كثب على واقع المطمر وحركة الطيور، قال وزير البيئة طارق الخطيب: «تبين لي شخصيا، خلال هذه الجولة، أنه ضمن نطاق المطمر لا توجد طيور بل هي موجودة على مصب نهر الغدير، إنما أينما كانت هذه الطيور فإن الأمور تقتضي المعالجة».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.