سياحة تلفزيونية

TT

سياحة تلفزيونية

على الرغم من توافر قنوات فضائية عربية كثيرة في أوروبا والعالم، فإن غير المتوافر هو الوقت المخصص للمشاهدة؛ بسبب الانشغال بالعمل وتبعاته.
فالفترة الوحيدة التي أخصص الكثير من وقتي فيها لمتابعة القنوات العربية هي عندما أسافر إلى بيروت؛ فالجلوس مع أفراد عائلتي الكبيرة في لبنان يجبرني على متابعة البرامج الحوارية الصباحية والمسائية وفترة الظهيرة، مع العلم أنها لا تختلف عن بعضها بعضا كثيرا.
وهذا ما أسميه بـ«السياحة التلفزيونية»؛ لأنني أشعر بأن مشاهدة برنامج حواري سياسي قبل احتساء قهوتي الصباحية هي من ضمن البرنامج السياحي اليومي خلال زيارتي إلى بلدي الذي تحولت فيه إلى زائرة وسائحة.
وما لفتني هو طول المقابلات مع الشخصية نفسها، كما أن اللبنانيين يبدأون يومهم بالبرامج السياسية الثقيلة، على القلب والمسمع وعلى الدم أيضا. فالمقابلة تطول وتطول، والضيف يجلس لأكثر من ساعة ويتكلم عن الموضوع نفسه بنبرة عالية ومتعالية، فتشعر وكأن الحرب العالمية الثالثة على وشك الاندلاع.
«يا ساتر».. هذه هي عبارتي في كل صباح لدرجة أن شقيقتي تعودت على تعليقاتي الروتينية ولم تعد تنزعج مني عندما أعيد التذمر نفسه من شح الموضوعات التي تعالج فترة الصباح والاعتماد على وجه واحد لضيف واحد طيلة فترة الحلقة.
وعندما سألت شقيقتي، وهي نفسها إعلامية، عما إذا كانت المشكلة تكمن في عدم توافر عدد كاف من الناس لاستضافتهم، وعن سبب عدم تنوع المواضيع في البرامج الصباحية التي تستهتر بعقل المشاهد من خلال فترة تعليم رقص التانغو وكأن جارتي في بيروت «طانت إم سليم» متحمسة لمتابعة هذه الفقرة بالتحديد، وعندما ننتهي من الرقص نبدأ بالطبخ؛ فالطبق في تلك البرامج يبدأ تحضيره في الصباح وينتهي ظهرا.
يا إلهي، الإعلام العربي أشبه بالبضاعة الصينية المقلدة؛ لأن جميع البرامج مستنسخة من القنوات الخارجية. ولكن يا ترى ألم يخطر ببال أحد أن ينقل محتوى البرامج الصباحية التي تعرض في أوروبا وأميركا التي تستضيف شخصيات مختلفة، تزودك بالأخبار ولا ينتهي البرنامج إلا وقد أضاف إليك معلومة تستفيد منها لاحقا؟
ففي البرنامجين الصباحيين الأكثر مشاهدة في بريطانيا على قناتي «بي بي سي» والقناة الثالثة، لا يجلس الضيف لأكثر من 6 دقائق على الأريكة. وأنا هنا لا أتكلم عن ضيوف عاديين، بل أتكلم عن ضيوف بوزن رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وزعيم حزب العمال جيريمي كوربن المعروف بكرهه للظهور الإعلامي. وتلك المقابلات تكون حية، وعادة ما يحدد وقتها عند الساعة الثامنة صباحا، نعم «صباحا». وأشدد هنا على هذه المسألة، لأنه، وعلى ما يبدو وحسب ما شرحته لي شقيقتي، فإن الضيوف لا يحبذون الاستيقاظ باكرا للمشاركة في البرامج، وفي حال استطاع معد البرنامج أن يمسك بأحدهم فإنه سيقوم بحلب «فلسفته» حتى آخر قطرة.
أنا لا أتعالى على إعلامنا العربي، فقد اشتغلت مذيعة تلفزيونية على قنوات عربية طيلة حياتي، ولدينا كوادر إعلامية رائعة ومواهب لافتة وحوارات مهمة، ولكن تعليقي هنا على تعبئة الهواء الإذاعي والتلفزيوني.
وبحسب ما سمعته أيضا، فإن المشاهير العرب يرفضون الاستيقاظ باكرا حتى للمداخلة في برنامج إذاعي ولو عبر الهاتف، مع أن مثل هذه المشاركة لا تفرض عليهم التبرج والظهور بشكل لائق.
وهذا ما يجعلني أتساءل: «هل يا ترى مشاهيرنا العرب أهم من مشاهير الغرب أمثال ميريل ستريب ونيكول كيدمان والليدي غاغا وتوم كروز....؟»، فمشاهير الغرب يشاركون في البرامج الصباحية وكأنهم نسمة خفيفة على مسمع ومرأى المشاهد. أما في عالمنا العربي، فغالبا ما تكون مشاركة المشاهير وكأنها رياح عاتية...
وأترك لكم القرار!



مبادرات لبنانية للتواصل مع القيادة السورية الجديدة

جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

مبادرات لبنانية للتواصل مع القيادة السورية الجديدة

جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

أكدت مصادر سورية واسعة الاطلاع بدء «محاولات تواصل من الجانب اللبناني مع القيادة السورية الجديدة».

وأوضحت المصادر أن هذه المحاولات «تتم على المستوى الحكومي بين البلدين بمبادرة من الجانب اللبناني»، فيما كان الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أول من تواصل لبنانياً مع قائد «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع المكنى «أبو محمد الجولاني».

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن مسؤولاً حكومياً لبنانياً بادر إلى طلب الاتصال برئيس الحكومة السورية المؤقتة محمد البشير، وأن ثمة مساعي لترتيب الاتصال المباشر «حين تسمح الظروف»، مشددةً على أن «لا موانع تحول دون ذلك».

وهنّأ الزعيم الدرزي قائد الإدارة الجديدة في سوريا والشعب السوري بـ«الانتصار على نظام القمع وحصوله على حريته بعد 54 عاماً من الطغيان». وخلال اتصال هاتفي أجراه بالشرع، شددا، حسب بيان صادر عن «الحزب التقدمي الاشتراكي» في لبنان، على «وحدة سوريا بكافة مناطقها، ورفض كل مشاريع التقسيم، والعمل على بناء سوريا الجديدة الموحّدة، وإعادة بناء دولة حاضنة لجميع أبنائها، كما اتفقا على اللقاء قريباً في دمشق».

واعتبر الشرع، وفق البيان، أن جنبلاط «دفع ثمناً كبيراً بسبب ظلم النظام السوري، بدءاً من استشهاد كمال جنبلاط، وكان نصيراً دائماً لثورة الشعب السوري منذ اللحظة الأولى».

وبهذا يكون جنبلاط أول زعيم ومسؤول لبناني يجري تواصلاً مباشراً ومعلناً مع الشرع.

من جهته، عدَّ رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري سقوط الأسد «سقوطاً لنهج الاستفراد بالحكم والاستقواء بالخارج. هو سقوط لتأجيج الطائفية، والظلم باسم طائفة كريمة استغلها بأبشع الصور»، لافتاً في تصريح له إلى أن «سقوط الدكتاتور لا يعني شيئاً، إلا إذا تم إسقاط نهجه الذي قام على الاستقواء على الأفراد كما الطوائف والتعسف في ممارسة السلطة»، مضيفاً: «وحده دفن هذه الممارسات بعد سقوط النظام يضمن قيامة سوريا وطناً ودولة لكل سورية وسوري، وإثبات للسوريين والعالم بأن الثورة السورية أكبر من أن تقع بفخ نهج الأسد، وأقوى من أن تسقط بمستنقع الفتنة والفوضى، وبعيدة كل البعد عن أي شكل من أشكال التطرف».