مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: لا يوجد تنظيم لـ«داعش»... ونتنياهو لا يملك دليلاً

تضارب الجدل حول منفذ «عملية القدس»... وإحدى شقيقاته تنفي انتماءه إلى أي تنظيم

يافطة عُلّقت أمس على خيمة العزاء تحمل عبارات نعي وصورة لفادي القنبر ومسجد قبة الصخرة (رويترز)
يافطة عُلّقت أمس على خيمة العزاء تحمل عبارات نعي وصورة لفادي القنبر ومسجد قبة الصخرة (رويترز)
TT

مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: لا يوجد تنظيم لـ«داعش»... ونتنياهو لا يملك دليلاً

يافطة عُلّقت أمس على خيمة العزاء تحمل عبارات نعي وصورة لفادي القنبر ومسجد قبة الصخرة (رويترز)
يافطة عُلّقت أمس على خيمة العزاء تحمل عبارات نعي وصورة لفادي القنبر ومسجد قبة الصخرة (رويترز)

ما إن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن منفذ عملية القدس، فادي القنبر، تابع لتنظيم داعش، حتى سارع نشطاء ينتمون إلى الجبهة الشعبية إلى سحب ملصق أصدروه ينسب منفذ العملية إليها. وتراجع المئات من أنصار حركة حماس عن حضور مسيرة كبيرة في غزة، كانت معدة للاحتفال. وراح آخرون يبررون لتركيا، التي يعدونها داعمة للمقاومة وفصائلها في غزة، وصفها العملية بـ«الحقيرة»، مقابل آخرين انبروا يهاجمون نتنياهو، قائلين إنه يحاول استعطاف العالم بجلب «داعش» إلى مربع المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية، وتشبيه المقاومة بالتنظيم الإرهابي.
«الشرق الأوسط» حاولت استيضاح الموقف حول منفذ العملية وانتماءاته، والجدل الذي رافق إعلان نتنياهو، وتبني أعضاء الجبهة الشعبية القنبر، وملابسات نشر صورة على ملصق التبني لشاب آخر.
وقالت إحدى شقيقات فادي، إن شقيقها لا ينتمي إلى «داعش» أو الجبهة الشعبية، وإنه «(استشهد) بطريقة اختارها له الله». ورفضت الشقيقة اتهامات نتنياهو، وكذلك تبني أي فصيل فلسطيني للعملية التي قام بها شقيقها، مؤكدة «أنه لا ينتمي إلى أحد». وزادت مدافعة عن موقفها: «لم يعتقل من قبل ولم يكن أسيرا أو مطلوبا أو أي شيء».
وقالت القنبر، التي رفضت الإشارة إلى اسمها، بعدما تلقت العائلة تحذيرات بعدم الحديث لوسائل الإعلام، إنه لم تكن هناك دلالات أو نيات لدى شقيقها لتنفيذ شيء، وإنه طلب من زوجته إعداد الطعام، ووعد أحد أبناء عمومته بأن يزوره لشرب الشاي عنده. وأضافت: «كان كل شيء طبيعيا، وخرج من أجل إتمام عملية نقل عبر شاحنته، ومن ثم تفاجأنا بشاحنته على (فيسبوك) (فيديو) تدهس الجنود».
وبحسب أحد أقرباء فادي، فإنه تديّن فقط منذ عامين، وذلك بسبب إصابة عمل. ولم يكن يبدي أي انتماء لـ«داعش».
ويتضح من حديث الشقيقة المكلومة، من بين 11 شقيقة أخرى لفادي، و7 أشقاء، أن العائلة عرفت بأمر العملية من «فيسبوك»، قبل أن يبلغهم الجنود الإسرائيليون، بأن فادي هو منفذ العملية، والبدء في استجوابهم تباعا.
وبعد مضي 24 ساعة على العملية، واعتقال والدة فادي وأشقائه وأبناء عمومته، لم تغير إسرائيل موقفها حول خلفية القنبر.
لكن نتنياهو الذي زار جرحى العملية اتفق، كما يبدو، مع عائلة القنبر في مسألة واحدة، فقط، بأن العملية قد تكون وليدة اللحظة، ولم يكن مخططا لها، وبالتالي لم تكن من صنع تنظيم.
وقال نتنياهو، إن «أهم شيء يجب فهمه، هو أننا نتعرض لهجوم من نوع جديد، وهو هجمات يشنها أفراد يستلهمون ويقررون خلال ثانية واحدة فقط، تنفيذ عملية دهس». وأضاف: «إننا نستعد لمواجهة هذه الظاهرة بأربع وسائل: الوسيلة الأولى هي توسيع رقعة الإجراءات الوقائية، حيث أقمنا خلال العام المنصرم حواجز إسمنتية في محطات الحافلات، في يهودا والسامرة وفي أورشليم (الضفة والقدس). وأصدرنا أمس، إيعازا بتوسيع إقامة تلك الحواجز في أورشليم (القدس)، ومن المحتمل في أماكن أخرى أيضا. الوسيلة الثانية هي البنية التحتية الاستخباراتية والوقائية. كيف تستطيع أن تعلم أن فلانا سينفذ عملية إرهابية؟ كيف يمكن لنا أن نعثر على هؤلاء الأشخاص قبل أن يقوموا بمثل هذه العمليات الإرهابية؟ الأجهزة الأمنية تعمل على ذلك بكل طاقاتها منذ عام. وهناك إجراءات أخرى نتخذها في هذه الأيام، كي نستطيع أن نكتشف هذه الحالات مسبقا، وهذا مهم للغاية. الوسيلة الثالثة هي بطبيعة الحال، التدخل السريع من قبل الجنود والمواطنين. وهناك وسيلة أخرى، وهي باعتقادي الأهم، عندما زرت قبل قليل الجرحى، قالوا لي جملة واحدة: سيدي رئيس الوزراء، نريد العودة إلى الخدمة هذا هو السر الحقيقي لدولتنا».
وواصل نتنياهو والمتحدث باسمه، أوفير جندلمان، التأكيد على أن منفذ العملية «داعشي» على الرغم من نفي عائلته.
وتتبعت «الشرق الأوسط» حسابا على «فيسبوك»، يفترض أنه لقنبر باسم «أبو عز الدين قنبر»، استخدمت فيه بعض فيديوهات تبثها «داعش». وقال أحد أقرباء قنبر، إن الصفحة تابعة له، لكن لم يتسن التأكد من صحة ذلك، إذ إنها لا تحمل أي صور لفادي.
كما رصدت «الشرق الأوسط» ملصقا لموقع معروف باسم «جبل المكبر»، جاء فيه أن قنبر يتبع تنظيم داعش قبل أن تتم إزالة المنشور.
وفي مقابل ذلك، رفضت الفصائل الفلسطينية أي تشبيه للمقاومة بـ«داعش»، واتهمت نتنياهو بمحاولة خلط الأوراق.
ووحدها الصورة التي نشرت باسم الجبهة الشعبية، كانت كفيلة بتكذيب تصريحات نتنياهو، قبل أن يتضح أن ناشطي الجبهة استخدموا صورة لشخص آخر أساسا.
وانتشر ملصق تتبنى فيه الجبهة الشعبية قنبر، لكن مع صورة لشخص آخر من القدس كما يبدو واسم ثلاثي خاطئ، من دون أن يتضح من أين جاءت الصورة الخاطئة.
ولم تستطع «الشرق الأوسط» الوصول إلى أحد قياديي الجبهة في غزة، لكن مصدرا في التنظيم قال، إن الجبهة بشكل رسمي أصدرت بيان ترحيب فقط، ولم تتبن العملية، وإن ما جرى متعلق بتسرع نشطاء ومناصرين.
وحتى إعداد التقرير، لم يكن أي فصيل فلسطيني تبنى قنبر، ولا حتى «داعش» الذي اتهمه نتنياهو، واكتفت الفصائل الفلسطينية بتوزيع الحلوى في الشوارع، ومباركة العملية، والتزمت «داعش» الصمت، فيما واصل نتنياهو استجلاب التنظيم الأخطر إلى قلب الصراع.
وقال مصدر أمني فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد تنظيم داعش في فلسطين أو إسرائيل، مضيفا: «هناك مناصرون أو متحمسون. ولا يوجد دليل على ما يقوله نتنياهو». وتعتقل السلطة الفلسطينية مناصرين لـ«داعش» في الضفة الغربية، كما تعتقل حماس في غزة.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.