ترامب يوجه مدافعه نحو شوارزنيغر

معركة على «تويتر» بين أكبر نجمين في الولايات المتحدة تحولا إلى عالم السياسة

أرنولد شوارزنيغر ورث تقديم برنامج «أبرنتيس» عن دونالد ترامب
أرنولد شوارزنيغر ورث تقديم برنامج «أبرنتيس» عن دونالد ترامب
TT

ترامب يوجه مدافعه نحو شوارزنيغر

أرنولد شوارزنيغر ورث تقديم برنامج «أبرنتيس» عن دونالد ترامب
أرنولد شوارزنيغر ورث تقديم برنامج «أبرنتيس» عن دونالد ترامب

ليس جيدا أن يهاجم الرئيس الأميركي المنتخب منتقديه أو منافسيه على «تويتر» الذي أصبح المنبر الإعلامي الخاص به، فقد اعتاد متابعوه على الموقع أن يروا تغريداته كل يوم تحمل سياسات جديدة وآراء مثيرة للجدل وانتقادات ساخرة من «أعدائه». ويوم أول من أمس أثار ترامب زوبعة جديدة على «تويتر» بعدما انتقد خصمه السياسي ووريثه التلفزيوني على عرش برنامج الواقع «سليبرتي أبرنتيس». وفي سلسلة تغريدات قال ترامب إن شوارزنيغر فشل بصفته مقدما للبرنامج في جذب نسب مشاهدة عالية، مقارنا ذلك بالنسب التي حصل عليها البرنامج وقت أن كان ترامب على رأسه. وجاء في التغريدة: «عجبا... ظهرت معدلات المشاهدة وغرق أرنولد شوارزنيغر... ليس مبشرا بالنسبة لنجم سينما، وهذا هو الموسم الأول مقارنة بالموسم الـ14. الآن قارنوه بأول موسم لي». ثم أعقب بتغريدة أخرى قال فيها «ولكن ذلك لن يهم أحدا، فهو قد ساند كاسيش وهيلاري». مشيرا لجون كاسيش حاكم أهاويو الذي رفض دعم ترشيحه في الانتخابات وهيلاري كلينتون غريمته في الانتخابات. وبدا أن تعليقات ترامب كانت بدافع التشفي والانتقام من منافسيه السياسيين، وإن خلط ذلك برغبته في الدعاية لنجاحه الشخصي في برنامج «سليبرتي أبرنتيس».
ورد شوارزنيغر، وهو جمهوري تولى منصب حاكم كاليفورنيا لولايتين، بالقول إنه لم يصوت لترامب - بحدة على الانتقادات.
وقال شوارزنيغر في تغريدة «أتمنى لك حظا سعيدا، وأتمنى أن تعمل من أجل كل الشعب الأميركي بمثل القوة التي عملت بها من أجل معدلات مشاهدتك».
ثم طلب من ترامب التمعن في اقتباس من خطاب تنصيب لنكولن في عام 1861 بشأن توحيد الأميركيين، وقال إنه يأمل في أن يكون ذلك ملهما لترامب.
يقول الاقتباس «نحن لسنا أعداء لكن أصدقاء. لا يجب أن نكون أعداء».
حظت تغريدات ترامب عن حاكم كاليفورنيا السابق باهتمام كبير على «تويتر»، حيث أعجب بها 35.856 شخصا، وأعاد تغريدها أكثر من ثمانية آلف شخص و18 ألف رد تنوعت ما بين المهاجمين الذين رأوا في التغريدات غرورا كبيرا وإرضاء نزعات التشفي، وأشار بعضهم إلى أن الرئيس المنتخب يجب أن يركز على لقائه مع رؤساء أجهزة الاستخبارات الأميركية؛ لبحث عمليات القرصنة التي قامت بها روسيا للتأثير على مجرى الانتخابات، وبيّن آخرون رأوا فيها انتصارا لرئيس أميركا المقبل.
وعلق الكاتب ستيف جونسون في صحيفة «شيكاغو تريبيون» على التغريديات قائلا إن برنامج «ذا أبرنتيس» أصاب نجاحا كبيرا في موسمه الأول، ووصل عدد مشاهديه إلى 21 مليون مشاهد في الأسبوع. غير أنه أشار إلى أن البرنامج لم يستمر على ذلك النجاح في مواسمه التالية وانخفضت نسب المشاهدة إلى 7.5 مليون في موسمه الأخير لتقرر محطة «إن بي سي» المنتجة التخلي عن صيغته التي اعتمدت على أفراد الجمهور واستبدالهم بالمشاهير. وأثمرت تلك الخلطة الجديدة عن بعض النجاح للبرنامج غير أنه لم يقفز لمقدمة البرامج الناجحة واحتل المركز الـ46 في البداية، ثم المركز الـ84 قبل أن يعلن ترامب ترشحه للانتخابات الرئاسية لتستبدله المحطة بأرنولد شوارزنيغر.
في رأي الكاتب كولوم بورشر في صحيفة «واشنطن بوست»، أن هناك أكثر من تفسير لتغريدة ترامب، منها أن يكون الأمر تفاخر من جانب ترامب الذي يرى كثيرون أنه يحسن «الترويج لنفسه» وهذا سر نجاحه، غير أنه طرح إمكانية أخرى، أن يكون لترامب هدف آخر من إطلاق عدد من التغريدات ذلك اليوم حول الجدار المزمع بناؤه مع المكسيك، وأخرى حول لقائه مع رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية وتغريده عن «الاستعراض العظيم» الذي سيصاحب تنصيبه، على الرغم من رفض معظم نجوم الغناء في أميركا المشاركة فيه. يضيف بورشر «قد يكون كل ذلك جزءا من محاولة لصرف الانتباه عن المعلومات التي سيتلقاها في اجتماعه الأسبوعي مع أجهزة الأمن لعرض تقرير حول محاولات روسيا للتأثير على الحملة الانتخابية التي انتهت باختياره رئيسا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».