سوق هندية للأمهات فقط في «الأرض المرصعة بالجواهر»

ممنوع على الرجال وغير المتزوجات دخولها

تعرض سوق «إيما كيثيل» منتجات الثقافة والتقاليد والتنوع البيولوجي المحلي - ركن لبيع الآنية الفخارية («الشرق الأوسط») - لا وجود للمساومات في سوق «إيما كيثيل»
تعرض سوق «إيما كيثيل» منتجات الثقافة والتقاليد والتنوع البيولوجي المحلي - ركن لبيع الآنية الفخارية («الشرق الأوسط») - لا وجود للمساومات في سوق «إيما كيثيل»
TT

سوق هندية للأمهات فقط في «الأرض المرصعة بالجواهر»

تعرض سوق «إيما كيثيل» منتجات الثقافة والتقاليد والتنوع البيولوجي المحلي - ركن لبيع الآنية الفخارية («الشرق الأوسط») - لا وجود للمساومات في سوق «إيما كيثيل»
تعرض سوق «إيما كيثيل» منتجات الثقافة والتقاليد والتنوع البيولوجي المحلي - ركن لبيع الآنية الفخارية («الشرق الأوسط») - لا وجود للمساومات في سوق «إيما كيثيل»

في مكان متفرد، هناك أكثر من 5 آلاف امرأة، يرتدين في كل صباح العباءات التقليدية، وتحمل جباههن البقع البراقة من معجون الصندل، ويمضغن جميعهن نبات التانبول، استعدادا ليوم عمل جديد في واحد من أقدم وأكبر الأسواق الآسيوية على مستوى العالم، الذي لا يعمل فيه إلا النساء فحسب في مدينة إيمفال عاصمة ولاية مانيبور الهندية. واسم الولاية يعني «الأرض المرصعة بالجواهر»، وهي من ولايات شمال شرقي الهند المعروفة بجمالها الطبيعي الأخاذ.
وسوق الأمهات الكبيرة في مانيبور تعتبر واحدة من المواقع العالمية الفريدة والرائعة من حيث حرارة الجو المرتفعة والأجواء الصاخبة في آن واحد. والسوق معروفة محليا باسم «إيما كيثيل»، وهي تعني حرفيا سوق الأمهات، وهي تعرض منتجات الثقافة، والتقاليد، والتنوع البيولوجي المحلي. ولا يمكن مشاهدة الرجال يبيعون أي شيء في تلك السوق. والميزة الأكيدة في سوق الأمهات هي البساطة الشديدة، وهي في كل مكان كما كان الحال في الأيام الخوالي، من دون أي ضجيج، وأقرب ما تكون إلى الأسواق الصغيرة رغم اتساعها. وفي البلاد، التي ازدهرت فيها البطريركية وتمددت عبر قرون، كانت تلك النساء هن من وقفن وحافظن على هويتهن عبر السنين.
* التاريخ
كانت سوق الأمهات الحديثة، منذ فترة طويلة، جزءا لا يتجزأ من التقاليد المحلية في ولاية مانيبور، ويسجل التاريخ على نحو غامض أن السوق تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي، وكانت على الدوام واحدة من أكثر مواطن الجذب السياحي الكبيرة في البلاد. ويمكن تتبع أقرب إشارة لبدايات السوق الأولى إلى عام 1533 عندما كانت كل عمليات البيع تتم بواسطة النساء في الهواء الطلق ثم، في وقت لاحق، في مخيمات مؤقتة على ضفاف نهر نامبول.
يقول البروفسور، يومخايبام شيام سينغ، أستاذ التاريخ المساعد في كلية إيمفال: «تعود أصول السوق إلى الوقت الذي كانت فيه ولاية مانيبور تحت سيطرة الأباطرة، وفي ذلك الوقت، القاعدة التقليدية المعروفة باسم (لالوب) تلزم الأفراد الرجال من المجتمع المحلي بخدمة الملك في أي وقت يستدعيهم فيه لزراعة الأراضي البعيدة أو خوض الحروب، وكان الجزء الشمالي الشرقي من الهند يشهد اضطرابات وصراعات كثيرة مع القوى الصينية والبورمية عبر الحدود المتنازع عليها في مانيبور بالماضي، مما جعل رجال الولاية مشغولين أغلب الوقت في الحروب».
وبقيت النساء في قراهن، يعملن في حقول الأرز الخاصة بهن، ويتولين العناية بالمنازل، ويبعن منتجات الزراعة في الأسواق المتفرقة، ولقد أدى ذلك إلى إقامة الأسواق التي لعبت فيها النساء الدور الأكبر والمركزي، وكان من أكبرها وأهمها سوق «إيما كيثيل».
* الوعي الاجتماعي السياسي
ومن المثير للاهتمام، أنك إذا ترجلت ماشيا عبر ممرات ودهاليز السوق أثناء ساعات الغداء أو فترات الراحة، يمكنك مشاهدة أولئك النساء يتبادلن أطراف الحديث عن القضايا الاجتماعية والسياسية. وخلص تقرير صادر في عام 2005 عن مركز أبحاث المنظمات والتعليم في مانيبور، إلى أن سوق كيثيل «لا تعتبر مجرد مجموعات من المراكز التجارية المتنوعة، ولكنها مفعمة بتبادل المعلومات والعمليات الاجتماعية السياسية».
وبالعودة إلى التاريخ، حاربت هؤلاء النساء ضد الحكم الاستعماري البريطاني، وفي حالة واحدة معينة، وقفت نساء المنطقة في وجه الحكم البريطاني الذي أجبرهن على تصدير كميات كبيرة من الأرز المزروع محليا إلى الكتائب البريطانية في البلاد؛ ولقد أدى ذلك إلى تشكيل حركة «نوبي لال» أو حركة «حرب النساء» في عام 1939 التي احتجت فيها النساء على السياسات الاستعمارية والاستغلالية البريطانية في البلاد. وخلال هذه الحركة، نظمت النساء من سوق إيما كيثيل الاحتجاجات، وعقدن الاجتماعات، والمسيرات، والمقاطعة للمطالبة بتغييرات في سياسات الحكم المحلي الاقتصادية، التي كانت كلها تحت سيطرة الاحتلال البريطاني في ذلك الوقت. وفي محاولة لسحق الحركة، حاول المستعمر البريطاني بيع مباني سوق إيما كيثيل إلى الأجانب والمشترين من خارج الولاية، ولكن النساء دافعن عن سوقهن بشراسة منقطعة النظير. وبالنسبة إليهن، كان الأمر أكبر من مجرد كونها سوقا للبيع والشراء، بل كانت رمزا من رموز الثقافة والهوية الوطنية للشعب.
كانت النساء من ولاية مانيبور في المقدمة وواجهة الأحداث، ويقدن المسيرة إلى الأمام سواء كان في مكافحة الكحوليات أو إدمان المخدرات، إلى جانب الاحتجاج ضد السياسات الاقتصادية غير المنصفة. لم يتغلق سوق إيما كيثيل قط، اللهم إلا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث شهدت عاصمة الولاية واحدة من أشرس المعارك الدموية بين الجيشين البريطاني والياباني. وكان الجيش الهندي يشارك القتال على كلا الجانبين، ولحق بقواته عدد هائل من الضحايا ما بين قتيل ومصاب.
* الألوان والمذاقات
من التجارب الثقافية الغنية، تواصل سوق الأمهات تجسيد مثال للحياة الملونة الجميلة. وتعتبر تلك السوق البيت الثاني للنساء؛ حيث يكتسبن الأصدقاء، ويتشاركن القصص الأسرية، ويتناقشن في أمور السياسة، ويتناولن الطعام سويا، ويحصلن على عائدات مالية جيدة. ولم يكن الأمر يتعلق بعمر السيدة وما إذا كانت مسنة، فهناك مكان للجميع في سوق إيما كيثيل. ظلت لايشارم أونغبي ميما ديفي، البالغة من العمر 65 سنة، تبيع الفخاريات في تلك السوق لأكثر من أربعين سنة، ولا ترى نفسها مستحقة للتقاعد على الإطلاق، حيث تقول: «لا أحب المكوث كثيرا في المنزل، وأحب المجيء إلى هنا كثيرا، لدي هنا كثير من الأصدقاء، وإنها متعة جميلة أن أقوم بعملي هنا يوميا».
وإذا ما ألقينا نظرة فاحصة، فسوف نجد أنها لم تأت إلى السوق لجني الأموال، بل تأتي لتقابل صديقاتها؛ حيث أردفت تقول: «هذه السوق تملأ فراغا نفسيا كبيرا بين كبار السن من النساء في مانيبور، لقد كانت هذه السوق منذ زمن طويل رمزا من رموز تمكين المرأة، وهي تحمل أهمية تاريخية كبيرة».
تخرج السيدة المسنة، خويراكبان مانغي، لوحة فنية بنية اللون من حقيبتها، واللوحة تصور إحدى الأسواق؛ حيث تقدم فيه امرأة الشيشة لرجل ذي شارب من مانيبور - وكان تعبير الاسترضاء لدى الرجل يتماشى مع سلوك المرأة المتغطرس - ويعود المشهد هنا، كما تقول السيدة مانغي، إلى قرون بعيدة عندما كانت سوق الأمهات في مانيبور المكان الذي يعرب فيه الرجال عن حبهم وإعجابهم بالنساء بل وطلب أيديهن للزواج أيضا.
وتقول السيدة مانغي، التي تشغل وظيفة مديرة الدعاية في السوق الكبيرة: «حتى في تلك الأيام، كان الرجال هم الذين يأتون إلينا»، وتلون أوراق نبات التانبول الضحكة الصافية لهذه السيدة التي تجاوزت الخمسين من عمرها ومالكة أحد أكشاك البيع في السوق الكبيرة، وتقول إن جدتها لجدتها كانت ترد هذه السوق من قبل، في محاولة منها لتوضيح صلتها الراسخة بسوق إيما كيثيل، السوق التي حظر عبر القرون دخول الرجال إليها، وحتى النساء الشابات الصغيرات وغير المتزوجات، ومن امتلاك أكشاك البيع في هذه السوق. وتجلس هناك على إحدى المنصات سيدة متربعة القدمين تبلغ من العمر 38 عاما تدعى أنغوبي وهي تحدد سعر البيع للمنتجات التي تبيعها حيث يسدد الزبون الثمن ويمضي، ولا وجود للمساومات. وإذا شعرت بارتياح فقد تضيف مزيدا من المنتج للزبون عن طيب خاطر. وبعد كل شيء، يمكن لأربعين عاما من بيع المنتجات أن تمنحها الخبرة للحكم على الزبائن من على بعد. وهي تعرف أن الزبون الأصلي سوف يأتي دائما إليها في مكانها بالسوق، وتقول مؤكدة: «بسبب أنني أبيع منتجات جيدة لهم».
واعترافا بالدور الخاص الذي تلعبه السوق في حياتهم وأرزاقهم ومعيشتهم، يشير سكان مانيبور إلى سوق إيما كيثيل باسم «ملكة الأسواق». وكما قالت بيلاسيني، 30 عاما، وهي من الزبائن المنتظمين في سوق إيما كيثيل: «أشعر بقوة ورغبة في التسوق في هذا المكان، ولا يتعلق الأمر فقط بجودة المنتجات، بل إن التجربة تسحبني نحو ذكريات كثيرة وجميلة عندما كنت أرافق جدتي، وأمي، وعماتي إلى هذا المكان وأنا طفلة صغيرة. تعتبر هذه السوق كنزا لكثير من نساء مانيبور اللاتي لا يشكلن إلا جزءا يسيرا من هذا المجتمع التجاري للنساء».
* القواعد غير المكتوبة للسوق
من نواح كثيرة، من غير المنصف أن نطلق على هذا المركز المدني التاريخي مجرد اسم السوق؛ فلقد كان على الدوام أكثر من ذلك، إنها طريقة للحياة بالنسبة لأعداد لا حصر لها من النساء، ومركز لتبادل المعلومات، وملتقى للأفكار الاجتماعية والسياسية، ورمز من رموز الإنصاف بين الجنسين.
والشيء المثير للاهتمام بشأن هذه السوق أن النساء غير المتزوجات غير مسموح لهن بالعمل فيها، ومن الأخطاء الكبيرة أيضا بالنسبة للنساء العزباوات المشاركة في التجارة هناك. وتنتقل هذه التقاليد من جيل إلى جيل إلى الذي يليه. وتأتي في غالب الأحيان النساء كبيرات السن والجدات إلى السوق للتجارة، وتمكث الأمهات من صغيرات السن في المنازل للقيام برعاية الأطفال.
والنساء التاجرات في السوق يشتركن في اتحاد ما بينهن لإدارة شؤون السوق وتسيير النظام الائتماني فيها؛ حيث يمكن للنساء اقتراض الأموال لشراء البضائع وسداد الأموال على الاتحاد في وقت لاحق.
تقول السيدة أنوبي ديفي، البالغة من العمر 81 عاما: «ظللت أجلس في المكان نفسه حيث اعتادت النساء من عائلتي بيع المنتجات طيلة أربعة أجيال، وبالنسبة لأغلب النساء هنا، يبدو الأمر كما لو كانت شركة عائلية موحدة».
هناك في سوق الأمهات لائحة من القواعد غير المكتوبة تعمل النساء على احترامها والالتزام بها. وعلى الرغم من موجات الغزاة والمستعمرين الذين حاصروا المنطقة عبر السنين، تواصل النساء هنا السيطرة والتحكم في الاقتصاد المحلي وفق قوانينهن الخاصة، وهناك الثقة والإيمان والقوة الجماعية النسائية للنساء التاجرات في السوق التي ظهرت مرارا وتكرارا عبر السنين.
تقول سيدة مسنة أخرى في السوق تدعى بابيتورا: «كل جزء من السوق يضم مجموعة محددة من المنتجات المتشابهة، وعلى نحو مماثل، فإن النساء اللاتي ظللن يتاجرن في الملابس منذ سنوات ليس من السهل عليهن وفق رغبتهن التحول إلى نوع آخر من المنتجات، وذلك على الرغم من عدم وجود قواعد مكتوبة بذلك، فسوف يلقين معارضة من بقية النساء ولن يسمح لهن بممارسة التجارة هنا».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.