رايان غوزلينغ لـ «الشرق الأوسط»: الممثل قادر على إخفاء مشاعره بنجاح

ايما ستون ورايان غوزلينغ في «لا لا لاند»
ايما ستون ورايان غوزلينغ في «لا لا لاند»
TT

رايان غوزلينغ لـ «الشرق الأوسط»: الممثل قادر على إخفاء مشاعره بنجاح

ايما ستون ورايان غوزلينغ في «لا لا لاند»
ايما ستون ورايان غوزلينغ في «لا لا لاند»

عندما تم تقديم فيلم «لا لا لاند» في إطار مسابقة مهرجان فينسيا الأخير من 31 أغسطس (آب) إلى 10 سبتمبر (أيلول) الماضي، ساد الشعور السريع بأن هذا الفيلم هو الأجدر بالجائزة الأولى. لكن لجنة التحكيم، برئاسة البريطاني سام منديس فضلت عليه عملاً للفيليبيني لاف داياز لم يثر إعجاب غالبية النقاد هو «المرأة التي غادرت».
النتيجة أن «لا لا لاند» هو الفيلم الأكثر ترشيحًا في موسم الجوائز الحالي حول العالم، بينما غادر «المرأة التي غادرت» الاحتفالات كلها.
الجائزة الوحيدة التي نالها فيلم داميال شازيل من فينسيا كانت تلك التي ذهبت إلى الممثلة إيما ستون. أما جائزة أفضل ممثل فذهبت - عن استحقاق - للممثل الأرجنتيني أوسكار مرتينيز عن «مواطن متميز».
لكن رايان غوزلينغ، الذي قاد بطولة «لا لا لاند» يعوض حاليًا بعض تلك الخسارة وهو راضٍ، كما يقول في هذا الحديث، عن أي نتائج في كل مكان. هذه المقابلة تمّت، في غضون لقاءات تنظمها في المهرجانات الدولية الرئيسية «جمعية هوليوود للمراسلين الأجانب» التي ينتمي هذا الناقد إليها.
* هل كان العزف على البيانو بالفعل من عزفك؟
- نعم. بعد التدريب طبعًا. كنت دائمًا أحب العزف على البيانو والموسيقى بصورة عامة. كل أنواع الموسيقى وفي هذا الفيلم نسمع موسيقى الجاز. أنا متيم بحب موسيقى الجاز لأني أشعر بأنها تتعامل مباشرة مع داخلي. تثير مشاعري المختلفة فرحًا أو حزنًا أو سواهما.
* كنت مستعدًا عندما وجدت نفسك أمام البيانو والكاميرا من خلفك أم كنت في رهبة تلك اللحظة؟
- المشهد الأول الذي صورناه في هذا الفيلم هو المشهد الذي أعزف فيه على البيانو لفترة طويلة. أعزف اللحن الذي نسمعه في مرات متعددة طوال الفيلم بعد ذلك. لم أرهب اللحظة لأنني كنت تدربت على العزف من جديد ولأن المخرج داميان عمد إلى التحضيرات لفترة طويلة قبل التصوير، مما مكننا جميعًا من البدء ونحن مستعدون وجاهزون. هذا كان مريحًا لي وللآخرين على ما أتصور.
* التصوير نفسه تم في شهر ونصف.
- في أربعين يومًا فقط.
* كيف تم هذا التدريب؟ هل أمضيت ساعات كل يوم تعزف الألحان المطلوبة؟
- تقريبًا. اللحن لجوستن هورفيتز والعازف راندي كربر قام بتسجيل المقطوعات على البيانو ثم جاء دوري. كل يوم لساعتين لعدة أسابيع كنت أتمرن على عزف المقطوعات.
* ماذا عن موسيقى الأفلام؟ هل هناك موسيقى من فيلم ما أحببتها جدًا؟
- كثيرة لكني سأذكر موسيقى برنارد هرمان التي كتبها لفيلم «تاكسي درايفر». أحب كل أنواع الموسيقى كما ذكرت وكنت في وارد تحقيق مسرحية موسيقية لكن مسجلة في الاستوديو كلحن متواصل وليس على المسرح.
* هناك الحركات البسيطة التي تقوم بها في مشهد مثل ذلك الذي ترقص فيه على رصيف البحر. كان لافتًا أنك ما زلت تمثل بوجه جاد خلال حركات استعراضية راقصة ربما كان فرد استير أو جين كيلي سيمثلانها ضاحكين.
- ملاحظة جيدة. السبب هو أن الحكاية كلها تعكس حالات عاطفية غير سعيدة بالضرورة. هناك الحلم الذي لم يتحقق والحب الذي لم يستمر والمستقبل الذي يبدو غامضًا إلى حد بعيد بالنسبة لشخصيتي وبالنسبة لشخصية إيما ستون أيضًا.
* هل يستفيد هذا الفيلم من حقيقة أنه ثالث فيلم يجمعك مع إيما ستون بعد «حب مجنون وغبي» و«غانغستر سكواد»؟
- لا أعتقد أن هذا لعب دورًا كبيرًا في هذه الحالة. طبعًا نعرف بعضنا بعضًا من خلال أعمالنا السابقة، لكني لا أرى انعكاسًا مباشرًا لهذا في الفيلم. قد تستطيع أن تلحظ شيئًا لا ألحظه أنا. ما أعرفه أننا كنا نمثل بإخلاص كل لشخصيته.
* هل أنت من بين الممثلين الذين سيخرجون أفلامهم في المستقبل؟
- حاليًا لا أفكر في ذلك. هناك شيء تعلمته من مراقبة المخرجين الذين تعاملت معهم. المخرج عليه أن يكون واضحًا. هو هناك بلا غطاء. الممثل يخفي مشاعره بنجاح. المخرج لا يستطيع.
* هل ينطبق ذلك عليك؟
- بالتأكيد. إذا فكرت في الإخراج يومًا فإن علي أن أكون مستعدًا للكشف عن مشاعري حيال المواضيع التي سأقوم بإخراجها. هذه الفكرة لا تستهويني الآن.
* هل توافق على أنك من بين هؤلاء الممثلين من الجيل الجديد الذي يبدو كما لو أنه قرر منذ البداية على تمثيل أدوار صعبة وبعض صعوبتها في جديتها؟
- في شكل عام أردت دومًا أن أبني أعمالي على أدوار أشعر جيدًا صوبها. تعرف هناك أفلام كثيرة عرضت علي في السنوات القريبة الماضية شعرت حيالها بأني أستطيع القيام بها لو أردت، لكني امتنعت لتفضيلي أفلامًا أخرى شعرت بأنها تستهويني أكثر. «لا لا لاند» ليس من بين هذه الأفلام التي احترت بشأنها. ما إن قرأت السيناريو حتى وافقت مباشرة.
* أحد الأفلام التي كنت ستقوم ببطولتها كان «فوكاس» الذي قام ول سميث ببطولته.
- صحيح.
* معظم أدوارك الأخيرة مثل «بلو فالنتاين» و«حب غبي مجنون» و«درايف» و«المكان وراء شجر الصنوبر» وصولاً لهذا الفيلم تعكس ميلاً نحو التراجيديا. ربما الاستنثاء الوحيد هو «د بيغ شورت». كيف ترى ذلك؟
- ربما هناك ميل لا أفهمه صوب الأدوار التراجيدية لكني أحب أن أعتبر أن كل فيلم مثلته يختلف عن الآخر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».