مخاوف فلسطينية من «عودة الجدار» إثر تداعيات «عين الحلوة»

انشغال القوى داخل المخيم بضبط الوضع أخّر إقرار «الخطة البديلة»

مخاوف فلسطينية من «عودة الجدار» إثر تداعيات «عين الحلوة»
TT

مخاوف فلسطينية من «عودة الجدار» إثر تداعيات «عين الحلوة»

مخاوف فلسطينية من «عودة الجدار» إثر تداعيات «عين الحلوة»

لملم مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، خلال الساعات الماضية، آثار الاشتباكات التي اندلعت يومي الأربعاء والخميس بين حركة «فتح» والفصائل المتشددة على خلفية عملية اغتيال عنصرين من جماعة «عصبة الأنصار» الإسلامية.
وظلّ التوتر سيد الموقف في أرجاء المخيم الذي يضم نحو مائة ألف لاجئ فلسطيني وسوري وسط مساع حثيثة لا تزال القوى الفلسطينية تبذلها لضبط الوضع وحثّ كل المجموعات على الالتزام بقرار وقف إطلاق النار.
كانت المخاوف الفلسطينية قد تزايدت مع عملية بناء الجدار العازل الذي بدأ الجيش اللبناني بناءه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لاعتبارات وصفت بـ«الأمنية»، ولكن جرى مؤخرًا تجميد العمل به إفساحا في المجال أمام القوى والفصائل الفلسطينية لتقديم خطة بديلة تعطي التطمينات اللازمة للسلطات اللبنانية بأن المخيم لن يكون ممرا لأي عمليات إرهابية تستهدف الداخل اللبناني.
وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، إن «قرار وقف إطلاق النار الذي اتُخذ نهائي»، لافتا إلى أنّه «يتم بذل كل الجهود المطلوبة للحفاظ عليه تأمينا للمصلحة الفلسطينية كما مصلحة الجوار اللبناني». وأوضح أبو عرب أن «اللجنة التي كلفت التحقيق بعملية اغتيال عنصري (عصبة الأنصار) هي حاليا بصدد الاطلاع على الفيديوهات التي سجلتها كاميرات المراقبة في الموقع الذي تمت فيه العملية على أن يجري إلقاء القبض مع المتورطين والتحقيق معهم». وتابع أبو عرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» موضحًا: «انشغالنا بالتعاطي مع المستجدات الأمنية داخل المخيم أجّل البت بالخطة الأمنية البديلة عن الجدار التي سنطرحها على مخابرات الجيش»، ومشيرا إلى أن «النقاشات مستمرة بين القيادتين الأمنية والسياسية الفلسطينية، ليتم رفعها بعد ذلك للطرف اللبناني».
من جهته، عبّر العميد خالد الشايب، قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في منطقة صيدا (جنوب لبنان) عن تخوفه من «استخدام الأحداث الأمنية التي شهدها المخيم مؤخرا حجة لتجديد العمل بالجدار العازل من خلال القول للقيادات الفلسطينية أنت عاجزة عن حفظ أمن المخيم، ما يُهدد بالتالي أمن الجوار اللبناني»، وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ما يُعزز هذه المخاوف هو «ردة الفعل على عملية الاغتيال التي توسعت لتتحول إلى اشتباكات شارك فيها أكثر من طرف».
في هذه الأثناء، استبعدت مصادر أمنية لبنانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تخرج القوى الفلسطينية بخطة جدية بديلة عن الجدار العازل، لافتة إلى أنه وإن كان الجدار ليس حلا مثاليا لأزمة «عين الحلوة» الأمنية المستمرة منذ سنوات، فإن القوى الفلسطينية ورغم التعاون المُعلن الذي تبديه لم تقم بأي خطوات عملية يمكن التأسيس عليها لحل أمني مستدام، باعتبار أن المطلوبين الذين سلمتهم إلى السلطات اللبنانية مؤخرا مطلوبون في جرائم جنائية، وهي لم تسلم أي مطلوب بجرائم إرهاب».
ميدانيا، وبحسب مصادر فلسطينية داخل «عين الحلوة»، فإن قرار وقف إطلاق النار الذي اتُخذ مساء الخميس وتم الالتزام به طوال الليل، خُرق بشكل محدود، وبالتحديد بعد صلاة الجمعة من قبل أقارب العنصرين اللذين اغتيلا الأربعاء، لافتة إلى أنه تم احتواء الموضوع وعادت الأمور إلى طبيعتها بعد ذلك. وأوضحت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنتين اللتين شكلتا لمعالجة الوضع جالتا على حيي الصفصاف - حيث الجماعات المتشددة - والبراكس - حيث حركة فتح - لضمان عدم تجدد إطلاق النار، مرجحة أن تكون «هذه الجولة من الاشتباكات انتهت، بانتظار انطلاق جولات أخرى».
بدورها، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» باستمرار التوتر داخل المخيم بسبب استمرار الخروق لقرار وقف إطلاق النار، «وكان آخرها بعد صلاة الجمعة إلقاء قنبلة وإطلاق رشق ناري بالقرب من مسجد الصفصاف، في ظل مخاوف من تجدد الاشتباكات». وأدّت المواجهات الأخيرة التي شهدها «عين الحلوة» إلى سقوط أربعة قتلى وأكثر من ثمانية جرحى وألحقت أضرارا في الممتلكات.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.