باكستان ترفع الحظر على أفلام بوليوود الهندية

الجمهور يعشقها لدرجة الجنون وعائداتها تشكل 60 %

تعج المراكز الحضرية داخل باكستان بدور العرض السينمائي التي تزدان جدرانها بملصقات إعلانية لأفلام هندية  - الجمهور يعشق الأفلام الهندية  - السينما الباكستانية تعرضت لضغوط مالية قاسية خلال فترة الحظر (غيتي)
تعج المراكز الحضرية داخل باكستان بدور العرض السينمائي التي تزدان جدرانها بملصقات إعلانية لأفلام هندية - الجمهور يعشق الأفلام الهندية - السينما الباكستانية تعرضت لضغوط مالية قاسية خلال فترة الحظر (غيتي)
TT

باكستان ترفع الحظر على أفلام بوليوود الهندية

تعج المراكز الحضرية داخل باكستان بدور العرض السينمائي التي تزدان جدرانها بملصقات إعلانية لأفلام هندية  - الجمهور يعشق الأفلام الهندية  - السينما الباكستانية تعرضت لضغوط مالية قاسية خلال فترة الحظر (غيتي)
تعج المراكز الحضرية داخل باكستان بدور العرض السينمائي التي تزدان جدرانها بملصقات إعلانية لأفلام هندية - الجمهور يعشق الأفلام الهندية - السينما الباكستانية تعرضت لضغوط مالية قاسية خلال فترة الحظر (غيتي)

من المقرر أن تستأنف دور السينما في باكستان عرض أفلام هندية بدءًا من 19 ديسمبر (كانون الأول)، في أعقاب رفع حظر غير رسمي عليها فرضه ملاك دور السينما من القطاع الخاص استمر لأكثر من ثلاثة أشهر.
كانت دور السينما الباكستانية تعرضت لضغوط مالية قاسية خلال فترة الحظر، نظرًا لأن الأفلام الهندية شكلت المصدر الرئيسي للدخل بالنسبة لها، وذلك قبل فرض الحظر في سبتمبر (أيلول) هذا العام في خضم توترات عسكرية بين الجارتين داخل إقليم كشمير المتنازع عليه.
من جانبهم، أعلن مالكو دور العرض السينمائي أنهم جمدوا فحسب عرض أفلام هندية، ولم يفرضوا عليها حظرًا كاملاً. في هذا الصدد، أعلن نديم ماندفيوالا من الشركة المالكة لدور «أتريوم» السينمائية: «من المقرر رفع التجميد المفروض على الأفلام الهندية 19 ديسمبر».
المعروف أن الجمهور الباكستاني يعشق الأفلام الهندية بدرجة كبيرة، وعادة ما تصبح دور السينما خالية لدى عرض أفلام محلية. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال مسؤول رفيع المستوى من اتحاد ملاك دور السينما إن أكثر من 60 في المائة من عائدات هذه الدور تأتي من عرض أفلام هندية، بينما «تأتي باقي العائدات من عرض أفلام من إنتاج هوليوود وأخرى محلية».
والملاحظ أن المراكز الحضرية داخل باكستان تعج بدور العرض السينمائي التي تزدان جدرانها بملصقات إعلانية لأفلام هندية. في 30 سبتمبر، أعلنت إدارة دور العرض السينمائية الباكستانية والتي تمثل شركة دور عرض «أتريوم» ومؤسسة «سوبر سينماز» ودور «نوبلكس» في كراتشي، قرارها بالتوقف لأجل غير مسمى عن عرض أية أفلام هندية اعتراضًا على الحظر الذي فرضته الهند على دخول فنانين باكستانيين إلى أراضيها وبهدف إظهار التضامن مع القوات المسلحة الباكستانية.
يذكر أن قرار تجميد عرض الأفلام الهندية جاء ردًا على قرار «اتحاد منتجي الأفلام الهندية» بحظر التعامل مع ممثلين ومطربين وفنيين من باكستان حتى عودة العلاقات «الطبيعية» بين البلدين.
وخلال الشهور الثلاثة الأخيرة، أشرف النشاط التجاري لدور العرض السينمائي الباكستانية على الانهيار الكامل. وعن ذلك، قال مسؤول بارز باتحاد مالكي دور العرض في تصريحات لصحيفة محلية: «يضم العام 52 أسبوعا، وتستمر فترة عرض أي فيلم في المعتاد أسبوعًا واحدًا، بينما يستمر عرض الأفلام المتميزة الناجحة أسبوعين. العام الماضي، جرى إنتاج 15 فيلمًا باكستانيًا بصورة إجمالية، أما خلال هذا العام فقد بلغ العدد 6 حتى الآن، منها 3 فقط كتب لها النجاح، بينما منيت الثلاثة الأخرى بالفشل. وحتى إذا جرت مضاعفة فترة عرض الأفلام بالاعتماد على الأفلام القليلة التي يجري إنتاجها، يبقى لديك ما بين 40 - 42 أسبوعا خالية. ما الذي يمكن لدور السينما عمله خلال تلك الفترة؟»
في الوقت ذاته، فإن الباكستانيين أنفسهم لم يتوقفوا عن مشاهدة الأفلام الهندية. وفي هذا الصدد، أوضح خبير إعلامي مقيم في إسلام آباد، أن: «الباكستانيين يدمنون أفلام بوليوود. وعادة ما تخصص الأسر من الطبقة المتوسطة العطلات الأسبوعية والسنوية لمشاهدة أحدث أفلام بوليوود».
وفي أعقاب الحظر الذي فرضته دور السينما على عرض الأفلام الهندية، تحول الباكستانيون لشراء نسخ مقرصنة رخيصة من الأفلام الهندية على أقراص مدمجة (بقيمة 100 روبية) من المتاجر المخصصة لبيع مثل هذه الأقراص والمنتشرة بكل ضواحي المدن الباكستانية تقريبًا.
ولا تزال التجارة في الأفلام الهندية مربحة للغاية داخل باكستان، خاصة المدن الكبرى. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أكد صاحب متجر لبيع الأقراص المدمجة في إسلام آباد أن تجارة بيع الأقراص التي تحمل الأفلام الهندية رائجة للغاية.
ومع هذا، لم تخل هذه التجارة من المتاعب. على سبيل المثال، تعرض أكبر مركز لبيع الأفلام الهندية في شمال باكستان، سوق «هول رود» في لاهور، إلى هجوم من جانب متظاهرين غاضبين كانوا ينظمون مظاهرة للتنديد بالهند، أسفر عن حرق أقراص صلبة تحمل أفلام بوليوود تقدر قيمتها بآلاف الروبيات.
في المقابل، نجد أن التأثير الثقافي للأفلام الهندية على المجتمع الباكستاني قوي للغاية، فمثلاً تحرص الأسر الميسورة من الطبقة المتوسطة على تنظيم حفلات الزواج الخاصة بها على نحو يشبه ما يجري تصويره في هذه الأفلام، بجانب حرصها على محاكاة صيحات الموضة التي تبرزها الأفلام الهندية. ويبدي أبناء هذه الطبقة اهتمامًا كبيرًا بأخبار مشاهير الفنانين الهنود وحياتهم الخاصة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».