انطلاق النسخة الثانية من معرض جدة للكتاب بمشاركة 30 دولة

1.5 مليون عنوان لكتب متنوعة

الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة خلال جولته بالمعرض واطلاعه على عدد من الإصدارات الأدبية... فيما يبدو الأمير مشعل بن ماجد ووزير الثقافة والإعلام السعودي د. عادل الطريفي (تصوير: عدنان مهدلي)
الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة خلال جولته بالمعرض واطلاعه على عدد من الإصدارات الأدبية... فيما يبدو الأمير مشعل بن ماجد ووزير الثقافة والإعلام السعودي د. عادل الطريفي (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

انطلاق النسخة الثانية من معرض جدة للكتاب بمشاركة 30 دولة

الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة خلال جولته بالمعرض واطلاعه على عدد من الإصدارات الأدبية... فيما يبدو الأمير مشعل بن ماجد ووزير الثقافة والإعلام السعودي د. عادل الطريفي (تصوير: عدنان مهدلي)
الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة خلال جولته بالمعرض واطلاعه على عدد من الإصدارات الأدبية... فيما يبدو الأمير مشعل بن ماجد ووزير الثقافة والإعلام السعودي د. عادل الطريفي (تصوير: عدنان مهدلي)

دشن الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، أمس، أيام الثقافة والأدب «معرض جدة الدولي الثاني للكتاب» والمقام على أرض الفعاليات بأبحر الجنوبية بمحافظة جدة، حيث يحتضن المعرض نحو مليون و500 ألف عنوان في مجال الثقافة، والأدب، والمعرفة والاقتصاد، وقصص الأطفال.
وتجول الأمير خالد الفيصل، بين جنبات المعرض التي تزيد مساحته على 20 ألف متر، يصاحبه الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز، محافظ جدة، رئيس اللجنة العليا للمعرض، والدكتور عادل بن زيد الطريفي، وزير الثقافة والإعلام، بعد ذلك كرم الأمير خالد الفيصل الجهات الراعية والداعمة هذه التظاهرة الثقافية، في مقدمتها «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق»، وعدد من الشخصيات الثقافية، وهم، محمد علي حافظ في ريادة الإعلام، ومحمد علي علوان في ريادة القصة والأدب، والدكتورة فاتنة كاتب في دعم المرأة السعودية.
من جانبه، ثمن الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز رعاية أمير منطقة مكة المكرمة المناسبة الثقافية الكبرى في محافظة جدة العريقة بمكانتها وموروثها الحضاري والثقافي. مشيرًا إلى أن افتتاح المعرض يترجم على أرض الواقع التوجيهات السديدة من القيادة الرشيدة للبلاد، لنشر ثقافة العلم والمعرفة والآداب والفنون باعتبارها من أهم مقومات حياتنا الاجتماعية والثقافية وتعزيز روح الانتماء للوطن الغالي مع ترسيخ التواصل الإنساني من خلال الكتاب وسيلة مثلى لدعم حوار الحضارات والثقافات في هذا العالم.
وأضاف أن «معرض جدة الدولي للكتاب يشكل بفعالياته المختلفة نقلة نوعية لقيم الثقافة ودعم حركة النشر والتأليف، وإثراء الحراك المعرفي واحتضان الأدباء والمثقفين»، مفيدًا بأن هذه المظاهرة وهي تقام في جدة التي تعتبر محطة للتواصل بين مختلف الثقافات.
يذكر أن فعاليات معرض الكتاب الذي نجح في استقطاب 450 دار نشر، محلية وعربية وأجنبية، سيستمر على مدى 11 يومًا ليسجل بذلك أكثر الأحداث الثقافية تفاعلا التي ستثري الحركة الفكرية والأدبية على مستوى المنطقة، خصوصًا أن عدد الدول المشاركة في المعرض وصل إلى 30 دولة خليجية وعربية وإسلامية وعالمية؛ مما يعزز دور المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد، وولي ولي العهد، بالثقافة والأدب.
في حين ركز القائمون على المعرض في نسخته الثانية، على التنوع والتجديد اللذين يتلاءمان مع أذواق شرائح المجتمع، إلى جانب البعد الذي يحمله المعرض من تجسيد ثقافة الكتاب التي تعد جزءا من نسيج المجتمع السعودي، من خلال مليون و500 ألف عنوان في شتى النواحي المعرفية، سواءً كانت ثقافية أو أدبية أو علمية أو اجتماعية أو اقتصادية.
واستقطب المعرض، كبار الشعراء المؤثرين في الساحة الأدبية، الذين سيلقون تحت سماء جدة وعلى سواحلها أعذب الكلمات، ويتوقع أن تستقبل الأمسيات التي ستقام في الفترة المسائية آلاف الزوار، كما خصص موقع للمسرح المدرسي، في محاولة من إدارة المعرض لتفعيل هذا الشكل الفني ورصد استجابة المجتمع له، إضافة إلى ندوات متخصصة في صناعة الترفيه وحاجة المجتمع السعودي، مع إقامة ورش عمل لتصميم الأغلفة والرسم والنحت.
وهيا المعرض ست منصات لتوقيع المؤلفين والمؤلفات الذين وصل عددهم إلى 221 مؤلفا ومؤلفة، منهم 115 رجلا و106 سيدات؛ مما يتيح الفرصة للمؤلفين السعوديين للمشاركة في هذا المحفل الثقافي الكبير، في حين تم توظيف 100 شاشة تفاعلية إلكترونية في المعرض لرفع العناء والمشقة والتسهيل على الزائرين البحث عن عناوين الكتب وأماكن تواجدها عبر إرشادهم بالخرائط التوضيحية لدور النشر والمؤلفين والممرات التي يسلكونها، وسهولة حصولهم على الكتب والمجالات التي تتخصص فيها.
ونشر القائمون على المعرض أسماء عشرات من الشباب لتقديم الدعم الفني وإرشاد الزائرين، فيما وضعت في كافة جنبات المعرض 100 شاشة تفاعلية إلكترونية، التي ستستهل على الزائرين البحث عن عناوين الكتب وأماكن تواجدها عبر إرشادهم بالخرائط التوضيحية لدور النشر والمؤلفين.
وتتجه الأنظار في معرض الكتاب الثاني، لكسر حاجز المليون زائر بتفاعل الجميع من شرائح المجتمع السعودي كافة لحضور المعرض، الذي روعي فيها أدق التفاصيل، خصوصا أن الساحات المحيطة بالعرض جهزت بمواقع لترفيهه الأطفال، ومطاعم الوجبات السريعة؛ الأمر الذي سيساعد في تواجد أعداد كبيرة من مرتادي البحر داخل صالة العرض.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».