بحث أميركي: الصيام يوقف نشوء وانتشار سرطان الدم

تصميم عقاقير «شخصية» موجهة لعلاج الأمراض الوراثية المستعصية

بحث أميركي: الصيام يوقف نشوء وانتشار سرطان الدم
TT

بحث أميركي: الصيام يوقف نشوء وانتشار سرطان الدم

بحث أميركي: الصيام يوقف نشوء وانتشار سرطان الدم

في حدثين طبيين، أعلن علماء في جامعة تكساس الأميركية أن الصيام يمنع نشوء وتطور اللوكيميا، إحدى أكثر أنواع سرطان الدم انتشارا بين الأطفال، بينما قال باحثون من معهد سكريبس للأبحاث في فلوريدا إنهم طوروا وسائل جديدة لتصميم عقاقير «موجهة» مصممة شخصيا لمكافحة بعض الأمراض المستعصية الناتجة عن خلل في الحمض النووي.
وقال باحثون مركز ساوثويسترن الطبي لجامعة تكساس في الدراسة التي نشرت على الإصدار الإلكتروني لمجلة «نتشر ميديسن» أول من أمس، إن الصيام المتقطع مفيد جدا في وقف اللوكيميا (ابيضاض الدم)، إلا أن فاعليته لم تظهر عند مكافحة نوع آخر من سرطان الدم الذي يصيب الكبار.
وقال الدكتور تشيغتشينغ زهانغ الأستاذ المساعد في الفلسفة في الجامعة الذي أشرف على الدراسة، إن «الدراسة أجريت على الفئران وإنها تشير إلى أن التأثيرات الجيدة للصيام ظهرت وفقا لنوع السرطانات، ولذا فإن نتائجها توفر منصة جديدة للانطلاق نحو هدف مكافحة اللوكيميا».

صيام شاف

ووجد الباحثون أن الصيام يمنع نشوء نوعين من السرطانات المرتبطة اللوكيميا اللمفاوية الحادة ويوقف نموها. وهذان النوعان مرتبطان بالخلايا «بي» و«تي» وهما خلايا دم مناعية تتولدان في نخاع العظم. إلا أن الصيام لم يقد إلى نتائج مثمرة عند الإصابة باللوكيميا النخاعية الحادة، وهو سرطان الدم الأكثر شيوعا لدى الكبار.
وتظهر اللوكيميا اللمفاوية الحادة لدى الأطفال في أي عمر وتعتبر العلاجات الحالية فعالة بنسبة 90 في المائة للأطفال إلا أن النسبة تقل كثيرا لدى الكبار.
وينشأ نوعا سرطان اللوكيميا اللمفاوية الحادة من خلايا الدم المختلفة، أحدهما يؤثر على خلايا «بي» والآخر على خلايا «تي». وهما خليتان من كريات الدم البيضاء التي تكافح الأمراض.
وفي اللوكيميا اللمفاوية والنخاعية تظل الخلايا السرطانية هذه غير مكتملة النضوج وتتكاثر بسرعة ولهذا فإنها تزيح خلايا الدم السليمة ما يؤدي إلى فقر الدم والإصابة بالعدوى.
واستولد الباحثون فئرانا مصابة باللوكيميا الحادة واختبروا عددا من النظم الغذائية عليها بعد أن علموا الخلايا السرطانية فيها بألوان فسفورية بالأصفر والأخضر لتحديد مستوى نموها وتكاثرها.
وقال الباحثون إن «المدهش أننا وجدنا أن دورة غذائية تتألف من نظام من الصيام المتقطع في ست نوبات على مدى فترة 24 ساعة، يعقبها نظام غذائي اعتيادي لإطعام الفئران في اليوم التالي، أدت إلى إيقاف نمو السرطان». وأضافوا أنه وبعد مرور 7 أسابيع لم يعثر العلماء تقريبا على أي أثر للسرطان لدى الفئران التي خضعت لهذه الدورة الغذائية مقارنة باستمرار وجود نسبة 68 في المائة من الخلايا السرطانية التي لم تخضع لتلك الدورة الغذائية.
كما رصد الباحثون انخفاضا كبيرا في نسبة الخلايا السرطانية داخل نخاع العظم وداخل الطحال لدى المجموعة الخاضعة للدورة الغذائية إضافة إلى انخفاض كبير في كريات الدم البيضاء. ويشرف الطحال على عملية تنقية الدم في العادة.
وإضافة إلى ذلك فقد أدى العلاج بالصيام إلى عودة حجم الطحال والغدد اللمفاوية إلى حجمها الأصغر المعتاد لدى الفئران السليمة. كما أخذت الخلايا السرطانية التي تم تلوينها في البداية، بالعمل كخلايا سليمة. وطالت أعمار 75 في المائة من الفئران المعالجة إلى 120 يوما بدلا من 59 يوما للمصابة، في المتوسط.

عقار شخصي موجه

على صعيد آخر قام باحثون من معهد سكريبس للأبحاث بتطوير وسائل لتصميم عقاقير شخصية لعلاج أمراض وراثية ناتجة عن خلل في الحمض النووي الريبوزي «آر إن إيه» RNA. ويحمل هذا الحمض النووي الآلاف من الوظائف في لخلايا الجسم إلا أن الخلل فيه يؤدي إلى أمراض مستعصية.
ولم يتمكن العلماء حتى الآن من تطوير عقاقير مضادة لمثل هذه الأمراض الوراثية مثل الضمور العضلي، بسبب مصاعب جوهرية تتمثل أما في شدة أعراضها الجانبية أو قلة فاعليتها في مواجهتها. وفي الدراسة التي نشرت في مجلة «نتشر كيميكال بيولوجي» قال البروفسور ماثيو ديزني والباحثة سوزان رجيجيك إنهما نجحا في تخطي هذه المصاعب.
وقال ديزني إن نتائج عملهم «تشابه قصص الخيال العلمي فإننا نقدم لأول مرة حلولا متعددة لمشكلة طويلة الأجل. وقد أظهرنا وبطريقة مماثلة في دقتها لدقة مبضع الجراحين أن بالإمكان صنع جزيئات صغيرة توجه للبحث عن أمراض الحمض (آر إن ايه) والقضاء عليها».
وأضاف: «إننا قمنا أيضا بتطوير منطلقات كيميائية جديدة لتوظيف هذا الحمض النووي المسبب للمرض، بذاته، للمساعدة في إنتاج العقار اللازم للقضاء على المرض.. وذلك يشبه قيام الطبيب بإدخال العقار إلى موقع المرض من دون التأثير على الخلايا السليمة المجاورة».
وجرب العلماء طريقتهم الجديدة بنجاح على مرض الضمور العضلي التوتري هو أحد أنماط الاضطرابات الوراثية المزمنة وأكثرها شيوعًا. وتبدأ علاماته بالظهور في مرحلة البلوغ ويتسبب في فقدان الكتلة العضلية التدريجي والضعف العام. ويظهر هذا المرض بسبب خلل في الحمض «آر إن إيه» بسبب تضاعف أحد الرموز الجينية داخله.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».