«حكايا مسك» تنمي مهارات الشباب في الكتابة والرسم

بمشاركة 100 جهة وموهوب في مجالات التعليم والثقافة والإعلام

شباب يتدربون على الرسم في حكايا مسك في الرياض أغسطس الماضي - صورة لمسرح حكايا مسك الذي أقيم في الرياض مؤخراً («الشرق الأوسط»)
شباب يتدربون على الرسم في حكايا مسك في الرياض أغسطس الماضي - صورة لمسرح حكايا مسك الذي أقيم في الرياض مؤخراً («الشرق الأوسط»)
TT

«حكايا مسك» تنمي مهارات الشباب في الكتابة والرسم

شباب يتدربون على الرسم في حكايا مسك في الرياض أغسطس الماضي - صورة لمسرح حكايا مسك الذي أقيم في الرياض مؤخراً («الشرق الأوسط»)
شباب يتدربون على الرسم في حكايا مسك في الرياض أغسطس الماضي - صورة لمسرح حكايا مسك الذي أقيم في الرياض مؤخراً («الشرق الأوسط»)

تُطلق مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية»، الدورة الثالثة لمهرجان «حكايا مسك» في المنطقة الشرقية، وذلك خلال الفترة 21 حتى 25 ديسمبر (كانون الأول) 2016، في خطوة تسعى من خلالها إلى نشر ثقافة الإبداع وتطوير أساليب التعبير وطرح الأفكار لدى الشباب، وتشجيع المواهب وتمكينها، وترسيخ الهوية السعودية، وبث قيم المجتمع العليا في أوساط الشباب بمحتوى تثقيفي.
ووسط مشاركات تجاوزت 100 مشاركة بين موهوبين سعوديين ومشاريع ريادية في مجالات التعليم والثقافة والإعلام، يستضيف مركز معارض الظهران لمدة أربعة أيام، منصات تفاعلية متعددة، يأتي في مقدمتها 4 أقسام إبداعية تهدف إلى تنمية مهارات الكتابة، والرسم، وصناعة الرسوم الكرتونية «الأنميشن»، والإنتاج المرئي، وذلك لتطوير قدرات الشباب في صناعة المحتوى بقيم ثقافية علمية، وتحفيزهم على طرح أفكارهم والتعبير عنها وفقًا لـ«مسك».
كما ستعقد ورش عمل في كل قسم إبداعي، فيما تتضمن الفعاليات عروضًا مسرحية، وبثًا لأفلام قصيرة، كما ستكون التضحيات التي قدمها المرابطون على الحد الجنوبي للسعودية حاضرة في قصص من عايشوا تلك التجربة من عدد من الإعلاميين الذين كانوا هناك.
وأوضحت «مسك»، أن الفعاليات تشمل قسم حكايا شباب، المتمثل في جلسات متتالية لسرد القصص في مجالات متعددة وبطرق مشوقة ومتنوعة من قبل شباب كان لهم الريادة في وسائل التواصل الاجتماعي لنقل المعرفة عبر أساليبهم الخاصة، في حين سيكون الأطفال على موعد مع قسم المؤلف الصغير والذي من شأنه إلهامهم ثقافيًا ومعرفيًا عبر استخدام تطبيقات تساعدهم في صناعة القصة بدءًا من الفكرة حتى النشر، إضافة إلى سوق حكايا الذي يضم قصص وروايات وأدوات رسم وتقنيات تحريك وتصوير جميعها متاح للعرض والاقتناء، في حين سيقدم معرض «حكايا تك» أحدث التقنيات الرقمية والأجهزة الحديثة في مجالات عرض الحكايات وصنعها.
وأكدت المؤسسة حرصها على إقامة فعاليات حكايا مسك في المنطقة الشرقية بعد الرياض والمنطقة الغربية، لتوسيع دائرة الاستفادة في مناطق متنوعة مما يقدمه «حكايا مسك» من إلهام وتحفيز وتمكين للشباب، بدءًا من استقطاب المواهب الشابة ودعمها وتمكينها لتقديم إبداعاتها في مجالات ضرورية لتنمية المجتمعات مثل التعليم والثقافة الإعلام، وصولاً إلى زوار الفعاليات، الذين سيكونون على موعد مع منصات تفاعلية من شأنها إلهامهم ومساعدة الشباب منهم خصوصًا في إطلاق طاقاتهم فيما يرغبونه من مجالات والمساهمة مستقبلاً في تنمية الوطن.
وأضافت أن «حكايا مسك» توفر أرضية خصبة لاكتشاف مواهب الشباب السعودي وتطويرها، إلى جانب ربط التقنية بالقصص التفاعلية المفيدة من خلال تطوير آليات عرضها، وكذلك إحياء التراث المحكي وإعادة إنتاجه رقميًا ليصبح في متناول أجيال المجتمع، وصناعة المحتوى الترفيهي ضمن قيم هادفة لفئة الشباب، والتعريف بالتراث القصصي المحلي والعالمي، وإكساب الشباب المهارات والخبرات من خلال التواصل من ذوي الخبرة والاختصاص.

أبرز أقسام المهرجان

قسم محترف الكتابة
يشارك فيه نحو 10 جهات، ويهدف إلى تمكين الشباب من التواصل والمشاركة مع كتّاب محترفين، في أجنحة عرض تفاعلية، تضم أيضًا أبرز الجهات المهتمة بالكتابة، ويحتوي القسم على منبر الكتّاب الذي يتفاعل من خلاله المتحدث مباشرة مع الزوار.
قسم ساحة الرسم
يشارك به نحو 14 جهة، ويتمثل في ساحات لإطلاق إبداع هواة الرسم الشباب ومحترفي مجالاته المختلفة من خلال ورش عمل تفاعلية في أجنحة العرض المخصصة للرسامين المحترفين، ومشاهدة الرسم المباشر على منصة الرسام المحترف الذي يعرض إبداعه ويشارك أدواته ويلهم الزوار. وتطرح ساحات الرسم ورش عمل متخصصة في رسم الشخصيات والقصص المصورة وغيرها من أشكال الرسم.
قسم معمل الأنيميشن
يتضمن مساحة لمبدعي ومحترفي صناعة الرسوم والشخصيات الكرتونية، يجتمع فيها مبدعون ومحترفون في تحريك الرسوم والشخصيات الكرتونية، يتحدثون عن أدواتهم وتقنياتهم في ندوات، كما ستعقد في هذا القسم ورش متخصصة بصناعة محتوى الرسوم الكرتونية وفن الدبلجة وأداء الصوت.
قسم استوديو الإنتاج
يجمع شركات الإنتاج المرئي ومدربين محترفين ومخرجين ومنتجين ليقدموا للشباب ورش عمل وعروضا تقديمية وأفكارا في الإخراج والإنتاج والتصوير الفوتوغرافي، وهو ما يمنح أيضًا تقديم مادة علمية وقنوات تواصل بين الهواة والمحترفين. ويتضمن هذا القسم ورش عمل متخصصة للشباب من 15 إلى 35 عامًا، في موضوعات مكملة لمجال صناعة القصة.
المسرح
يشارك فيه 11 فيلما قصيرا و3 مسرحيات، ويقدم عروضًا متنوعة برسائل قيّمة وهادفة، منها عروض مسرحية تقدمها أفضل الفرق المسرحية، كما تتضمن أنشطة المسرح عرض حكايا المرابطين التي يشارك فيها إعلاميون عايشوا تجاربهم ومشاعرهم على الحد الجنوبي للسعودية. .
سوق حكايا
تمثل سوق حكايا التي تشارك فيها 24 جهة وموهوبا، قناة تسويقية للشباب والشابات الذين لديهم منتجات في مجالات حكايا، وذلك لتمكينهم من بيع أعمالهم للزوار، وتشتمل على كتب وبعض المنتجات التقنية التي تساند صناعة المحتوى، وتمنح السوق فرصة البيع المباشر لكل ما يحتاجه الزوار لصناعة المحتوى في مكان واحد.
حكايا تك
يتضمن معرضًا لأحدث التقنيات الرقمية والأجهزة في مجالات عرض الحكايات وصنعها، ويحتوي على كل ما يتعلق بالأجهزة والحلول الرقمية التي تساعد في صنع الحكايا أو تطويرها وعرضها بقالب حديث كما يحتوي على الأجهزة المستخدمة في الإنتاج.

قسم المؤلف الصغير
يشارك فيه 12 جهة، ويتمثل في منصة تهدف إلى تعليم الأطفال من 7 سنوات إلى 14 سنة، كيفية كتابة القصص ورسمها عن طريق تطبيق إلكتروني، تُمكن الطفل من طباعة القصة الخاصة به ونشرها، وتتناول القصص مواضيع هادفة مثل تعزيز قيم الانتماء الوطني والحفاظ على البيئة، إضافة إلى ربط الأطفال بعالم القصة من خلال تعليم التأليف في مجال القصة الإلكترونية.

حكايا شباب
يشارك بها 4 شباب من رواد سرد القصة، وتتمثل في منصة يلتف الزوار فيها حول الراوي للاستماع إلى أحاديثه التي يتنوع محتواها بين الإرث المحلي والعالمي في موضوعات متنوعة، إذ أن التراث ليس حكرًا على كبار السن.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)