ثنائية المنافسة تهيمن على ثالث تجارب الانتخابات الرئاسية في مصر

مسؤول حكومي لـ «الشرق الأوسط»: لا أمل لمنافس جديد أمام السيسي وصباحي

قام المرشح الرئاسي حمدين صباحي بعمل صحيفة الحالة الجنائية في مركز شرطة حي الدقي بوسط القاهرة وقدمها ضمن الاوراق الثبوتية المطلوبة للترشح (أ.ف.ب)
قام المرشح الرئاسي حمدين صباحي بعمل صحيفة الحالة الجنائية في مركز شرطة حي الدقي بوسط القاهرة وقدمها ضمن الاوراق الثبوتية المطلوبة للترشح (أ.ف.ب)
TT

ثنائية المنافسة تهيمن على ثالث تجارب الانتخابات الرئاسية في مصر

قام المرشح الرئاسي حمدين صباحي بعمل صحيفة الحالة الجنائية في مركز شرطة حي الدقي بوسط القاهرة وقدمها ضمن الاوراق الثبوتية المطلوبة للترشح (أ.ف.ب)
قام المرشح الرئاسي حمدين صباحي بعمل صحيفة الحالة الجنائية في مركز شرطة حي الدقي بوسط القاهرة وقدمها ضمن الاوراق الثبوتية المطلوبة للترشح (أ.ف.ب)

هيمنت «الثنائية» على ثالث انتخابات تنافسية على رئاسة مصر، للمرة الأولى، بعد أن بات في حكم المؤكد انحصار السباق الرئاسي بين قائد الجيش السابق المشير عبد الفتاح السيسي، وزعيم التيار الشعبي حمدين صباحي، قبل يوم واحد من غلق باب الترشح في الانتخابات المقرر إجراؤها يومي 26 و27 مايو (أيار) المقبل.
وبينما قال مصدر مسؤول في حملة صباحي إنه تجاوز بالفعل عقبة نماذج التأييد المطلوبة قانونا لترشحه، أكد مسؤول في مصلحة الشهر العقاري والتوثيق (المنوط بها إصدار نماذج التأييد) لـ«الشرق الأوسط»: «لا أمل في وجود أي منافس محتمل لمرشحي الرئاسة (صباحي والسيسي)، بحسب ما ورد إليه من معلومات بشأن نماذج تأييد مرشحي الرئاسة حتى يوم أمس».
وقال حامد جبر عضو الهيئة العليا لحملة زعيم التيار الشعبي لـ«الشرق الأوسط» أمس إن صباحي نجح في الحصول على أكثر من 31 ألف نموذج تأييد، مؤكدا أنه تخطى حاجز الألف نموذج تأييد في 17 محافظة.
ويلزم المرشح لقبول أوراقه في اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أن يحصل على 25 ألف نموذج تأييد ممن لهم حق الانتخاب، من 15 محافظة على الأقل، بواقع ألف نموذج تأييد على الأقل من تلك المحافظات.
وخاض صباحي الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2012، وتقدم بنحو 43 ألف نموذج تأييد لترشحه حينها، وحل في المركز الثالث بحصوله على نحو خمسة ملايين صوت، في جولة أولى تنافس فيها 13 مرشحا رئاسيا.
وتقدم السيسي بأوراق ترشحه إلى اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية يوم الاثنين الماضي، كأول المرشحين المحتملين، بعد أن قدم نحو 200 ألف نموذج تأييد، وسط توقعات بأن يحسم الانتخابات لصالحه في جولتها الأولى.
واستبعد مصدر مسؤول في مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول الحديث للإعلام، أن يتقدم أي مرشح آخر من بين 16 تقدموا بطلب للحصول على مستند طبي يؤكد لياقتهم للمنصب الرفيع، بأوراقه إلى اللجنة العليا، قائلا: «هذا شبه مستحيل لأنه لا توجد توكيلات (نماذج تأييد) تسمح بذلك، إلا إذا استطاع شخص ما أن يحصل على 25 ألف توكيل في يوم واحد».
ومن المقرر أن تغلق الجنة العليا للانتخابات الرئاسية باب الترشح يوم غد (الأحد)، على أن تعلن القائمة الأولية لمرشحي الرئاسة يوم الاثنين المقبل، فيما تعلن القائمة النهائية في 2 مايو المقبل.
وأشار جبر، وهو عضو اللجنة القانونية لحملة المرشح اليساري صباحي، إلى أنه من المرجح أن يتقدم صباحي بأوراق ترشحه اليوم (السبت)، قائلا: «لا نزال ندرس الأمر، لكن الأرجح أن نتقدم بأوراق الترشح السبت»، لافتا إلى أن الحملة تنتظر رأي الجهات الأمنية لتحديد ما إذا كان صباحي سيذهب بنفسه إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات (شرق القاهرة) أم سيكتفي بتوكيل أحد محامي الحملة لتقديم الأوراق نيابة عنه.
ومنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي الصيف الماضي، نشطت قوى إسلامية متشددة ونفذت محاولات اغتيال قيادات أمنية بارزة، على رأسها محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم العام الماضي، وسط مخاوف من استهداف مرشحي الرئاسة للتأثير على مسار خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية.
وأضاف جبر أن الحملة ستعمل على تأمين الصناديق التي تضم نماذج تأييد صباحي، لافتا إلى أن قيادات الشرطة أبدت تعاونا فيما يتعلق بعملية نقل وتأمين تلك النماذج إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.
وحول خطوات حملة صباحي بعد تقديم الأوراق المطلوبة إلى اللجنة العليا للانتخابات، قال جبر: «سنلتزم بالقانون وندخل في فترة صمت انتخابي حتى يجري الإعلان عن القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة وبدء الموعد القانوني للدعاية الانتخابية».
ومن بين الأسماء التي أعلنت عزمها الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك. ورجحت مصادر على صلة بمنصور إعلانه اليوم (السبت) التراجع عن قراره السابق خوض الانتخابات، بداعي «التفرغ لإدارة النادي».
وتعد الانتخابات الرئاسية المقبلة ثالث انتخابات تنافسية في البلاد، حيث جرت أول انتخابات تنافسية عام 2005، حيث ترشح إلى جانب الرئيس الأسبق حسني مبارك تسعة من رؤساء الأحزاب حينها، وعقب الإطاحة بحكم مبارك في فبراير (شباط) 2011، أجريت انتخابات رئاسية عام 2012 بين 13 مرشحا فاز فيها الرئيس السابق مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.