حلب: تقدّم النظام يبلغ دوّار الصاخور.. والمعارضة ترسم خطًا جديدًا للمواجهة

الفصائل سلّمت حيين للأكراد حماية للمدنيين.. و«الأجانب» رأس حربة الأسد

دمار كبير في حي «بستان الباشا» بمدينة حلب بعد اجتياح قوات النظام والفصائل الحليفة لها للقسم الشرقي من المدينة، أمس (أ.ف.ب)
دمار كبير في حي «بستان الباشا» بمدينة حلب بعد اجتياح قوات النظام والفصائل الحليفة لها للقسم الشرقي من المدينة، أمس (أ.ف.ب)
TT

حلب: تقدّم النظام يبلغ دوّار الصاخور.. والمعارضة ترسم خطًا جديدًا للمواجهة

دمار كبير في حي «بستان الباشا» بمدينة حلب بعد اجتياح قوات النظام والفصائل الحليفة لها للقسم الشرقي من المدينة، أمس (أ.ف.ب)
دمار كبير في حي «بستان الباشا» بمدينة حلب بعد اجتياح قوات النظام والفصائل الحليفة لها للقسم الشرقي من المدينة، أمس (أ.ف.ب)

حقق النظام السوري وحلفاؤه تقدمًا جديدًا في الأحياء الشرقية لمدينة حلب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة، وتحدثت معلومات عن سيطرته على القسم الشمالي من هذه الأحياء، أبرزها حي مساكن هنانو وجزء كبير من حي الصاخور. ورغم تضارب الروايات حول أسباب هذا التقدّم، رأت المعارضة أن هناك مبالغات في الحديث عن «انتصار لقوات الأسد والميليشيات الموالية لها». ونفت السيطرة على حي الصاخور بالكامل، ولفتت إلى أن نقطة الاشتباك باتت في دوار الحي، إذ رسمت خطًا جديدًا للمواجهة «يبدأ من كلية البحوث العلمية إلى الصاخور وصولاً إلى كرم الجبل»، وأعلنت أن النظام «لن يحقق تقدمًا إضافيًا في المنطقة».
وبقيت الروايات متناقضة حول حجم التقدم في حلب الشرقية، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الفصائل المعارضة «خسرت كامل القسم الشمالي من الأحياء الشرقية بعد سيطرة قوات النظام على أحياء الحيدرية والصاخور والشيخ خضر، وسيطرة المقاتلين الأكراد على حي الشيخ فارس»، مشيرًا إلى أن «ثلث الأحياء الشرقية تحت سيطرة قوات النظام». وأضاف المرصد، أن التقدم «جاء انطلاقًا من مساكن هنانو، الحي الأول الذي سيطرت عليه الفصائل المعارضة في صيف عام 2012 وأكبرها مساحة».
وتوضيحًا لحقيقة ما يجري على الأرض، رأى رئيس المكتب السياسي في «تجمّع فاستقم» زكريا ملاحفجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك مبالغات في الحديث عن تقدم عسكري كبير واستراتيجي للنظام في أحياء حلب الشرقية، من شأنه أن يمهّد لسقوط المدينة بيده». وقال إن النظام «سيطر على حي مساكن هنانو، ما جعل أحياء أخرى تحت نيران الميليشيات المهاجمة، فآثر الثوار تسليم حيي الهلك والحيدرية إلى المقاتلين الأكراد الموجودين في حي الشيخ سعيد، ليبقى المدنيون بمنأى عن استهداف النظام»، مشيرًا إلى أنه «تم تخيير المدنيين بين البقاء في منازلهم في الحيين المذكورين، أو الانتقال إلى حي الشيخ سعيد، لكن لم يخرج إلا عدد قليل جدًا».
وكان المرصد السوري، أفاد بأن «المقاتلين الأكراد، استغلّوا المعارك بين النظام والفصائل، وهاجموا أحياء بستان الباشا والهلك التحتاني والشيخ فارس، التي كانت أيضا تحت سيطرة الفصائل». إلا أن قياديًا كرديًا نفى أن تكون القوات الكردية جزءًا من الهجوم على الأحياء الشرقية. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الإيحاءات باطلة». وسأل: «كيف تستقيم هذه الاتهامات؟، مرة يعتبروننا حلفاء للنظام ومرة لـ(داعش)، ومرة عملاء للأميركيين». وقال: «لم نكن يومًا حلفاء للنظام، نحن تسلمنا من فصائل المعارضة المناطق القريبة من حي الشيخ مقصود لحماية المدنيين فيها». وعمّا إذا كان الأكراد يتخوفون من هجوم النظام على حي الشيخ مقصود، قال: «نتوقع من هذا النظام كلّ شيء، نحن نستعد لأسوأ الاحتمالات، وإذا فكر في دخول مناطقنا سنقاتل حتى آخر رجل فينا».
ودفعت المعارك آلاف المدنيين إلى الفرار من شرق حلب، بينهم ستة آلاف أغلبهم انتقلوا إلى حي الشيخ مقصود الواقع تحت سيطرة القوات الكردية، كما وصلت مئات العائلات إلى جنوب الأحياء الشرقية التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل المعارضة. وتداولت مواقع كردية مقاطع فيديو تظهر مئات الأشخاص وهم يتجمعون في باحة في الشيخ مقصود بعد وصولهم إلى الحي، وبدا العشرات يسيرون مع أطفالهم على الطريق وهم يحملون حقائبهم وأمتعتهم.
وفرض تقدم النظام، لجوء المعارضة المسلّحة إلى رسم خط جديد للمواجهة، حيث أوضح رئيس المكتب السياسي لـ«تجمّع فاستقم»، وهو أكبر تشكيل عسكري في حلب الشرقية، أن «خط المواجهة الجديد الذي رسم الآن، يبدأ من كلية البحوث العلمية إلى حي الصاخور وصولاً إلى كرم الجبل»، لافتًا إلى أن النظام «لم يسيطر على كامل حي الصاخور، لأن دوّار الحي بات الآن نقطة اشتباك»، عازيًا التقدم الذي حققه النظام مؤخرًا لسببين: «الأول أن قوات الأسد اختارت إحراق المنطقة بشكل لا يوصف، والثاني سقوط منطقة هنانو»، متوقعًا أن «يقف التقدم عند هذا الحدّ». ولفت إلى أن «أغلب الذين يقاتلون في حلب هم من الميليشيات غير السورية، أبرزهم مقاتلو (حزب الله) اللبناني وحركة النجباء العراقية».
وتعددت الروايات حول أسباب التقدم السريع لقوات النظام وحلفائها، فردّها ناشطون إلى «خطة عسكرية اتبعتها في هجومها، وتقضي بفتح جبهات عدة في وقت واحد، بهدف إضعاف مقاتلي الفصائل وتشتيت قواهم». إلا أن مصدرًا في المعارضة عزا لـ«الشرق الأوسط»، هذا التقدم، إلى أن «غالبية المقاتلين المرابطين في الجهة الشمالية، هم من التركمان، الذين جرى سحب عدد كبير منهم وإلحاقهم بقوات (درع الفرات)، وهو ما أضعف الجبهة الشرقية إلى حدّ كبير». وقال المصدر إن «الخطة الروسية تقضي بالسيطرة على المنطقة الممتدة من مطار حلب إلى هنانو وحي الصاخور لفصل الأحياء الشرقية وإضعافها».
وأوضح المصدر المعارض، أن «سقوط مساكن هنانو، عائد إلى أن المقاتلين المرابطين فيه، هم منشقون عن أجهزة المخابرات من أبناء المنطقة، وليست لديهم خبرات قتالية كافية، وغير متمرسين على مواجهة هجوم واسع وعنيف مثل الذي تعرضت له المنطقة من قصف جوي وصاروخي، ما جعلهم ينسحبون من المعركة ويسهل توغل القوات المهاجمة».
إلى ذلك، أفادت وكالة «رويترز» نقلاً عن منظمات الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري، بأن «نحو 4000 مدني وصلوا (أمس) إلى غرب حلب الذي تسيطر عليه قوات النظام بعد فرارهم من المناطق الشرقية الخاضعة للمعارضة».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.