تحدي «هاكاثون مسك».. يكشف عن موهوبين سعوديين في البرمجة والابتكار

اليوم الثاني سادته روح المنافسة

جانب من انهماك الشباب في مشاريع ابتكارية متنوعة - أحد الموهوبين السعوديين - أحد فرق العمل أثناء العمل على مشروعها
جانب من انهماك الشباب في مشاريع ابتكارية متنوعة - أحد الموهوبين السعوديين - أحد فرق العمل أثناء العمل على مشروعها
TT

تحدي «هاكاثون مسك».. يكشف عن موهوبين سعوديين في البرمجة والابتكار

جانب من انهماك الشباب في مشاريع ابتكارية متنوعة - أحد الموهوبين السعوديين - أحد فرق العمل أثناء العمل على مشروعها
جانب من انهماك الشباب في مشاريع ابتكارية متنوعة - أحد الموهوبين السعوديين - أحد فرق العمل أثناء العمل على مشروعها

تواصلت فعاليات تحدي «هاكاثون مسك 2016» لليوم الثاني في العاصمة الرياض، وسط تفاعل بين الشباب المتنافس لحصد لقب أفضل ابتكار تقني طبي.
وتنظم مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز (مسك الخيرية)، التحدي الذي يجتمع خلاله مائتا شاب وشابة من السعودية والعدد ذاته من المملكة المتحدة، حيث يربطهم بث مباشر عبر الأقمار الصناعية، للتنافس على الخروج بابتكار تقني يسهم في تحسين الخدمات الطبية أو الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية. ورغم الإجهاد الواضح على محيا أفراد الفرق المشاركة، فإن تكامل الأفكار ووضوحها باتجاه الهدف المأمول يخفف من ضغط الوقت والجهد المبذول، وفقا للمرشدين والمشاركين.
وأشاد الدكتور مازن مليباري، أستاذ الحاسب الآلي في جامعة أم القرى، بإيجابية الشباب واستشعاره أهمية الحدث وإنسانيته، إذ لم تتوقف أفكار المتنافسين عن التقدم بخطوات ثابتة تجاه الهدف المنشود، رغم قلة النوم والإرهاق.
وأشار إلى أهمية إقامة مثل هذه الملتقيات التنافسية بين الشباب ليس لغرض الفوز بالضرورة، ولكن من أجل مزيد من التواصل الفكري الخلاق بين الشباب المبدع، مؤكدا من خلال ما عايشه عن قرب، وجود خامات سعودية شابة، مميزة ومذهلة في مجال البرمجة والابتكار، وقادرة على المنافسة محليا وعالميا.
بينما وصف عبد الرحمن محمد، الطالب في جامعة المجمعة، تخصص أمن معلومات، مشاركته في هذا التحدي بالحلم الذي طال انتظاره، فالوطن وشبابه المبتكر تحديدا، في حاجة إلى هذه الملتقيات التي تجمع شخوصا مختلفة بأفكار متنوعة، ليطور الشاب أدواته، ويحدّث معلوماته بشكل عملي ومباشر لا تستطيع حتى الجامعات تقديمه، مع غلبة التوجه النظري الأكاديمي فيها على الممارسات العملية، مشددا على أهمية الدور التوجيهي للمرشدين القائمين على هذه المنافسة، بدءا بالمعلومة التقنية، مرورا بالإرشاد الصحي المختص، وصولا للتحفيز المباشر والدعم النفسي، بحكم الخبرة والتجربة.
من جهتها، عبرت مديرة تطوير الأعمال في مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك)، شيماء حميد الدين، عن سعادتها بهذا الجمع من المبدعين الشباب المتميزين على جميع المستويات، برمجيا وتسويقيا، والتكامل العالمي الناجح مع الفرق الموجودة في لندن، مثمنة للجميع جهد الحضور، والتفاعل المحفز لتكرار تجربة تحدي «هاكاثون مسك» وغيره من الأفكار التقنية مستقبلا.
وتميزت أروقة القاعة المخصصة للحدث بألوانها الباعثة على الحياة وبأسماء مبتكرة يُقصد منها تجاوز الرتابة والملل المحتملين باتجاه الحلم والأمل. فالركن المخصص للقهوة يسمى «مقهى جرعة نشاط». بينما البوفيه المخصص للوجبات يعرف بـ«بوفيه المطوّرين»، فضلا عن كشك العصير المسمى «عصيرلوجيا».
تنوع مصادر الدخل
وتسعى مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز (مسك الخيرية) من مبادرة تحدي «هاكاثون مسك 2016»، للاستثمار في الشباب السعودي، وما يقدمه من أفكار وابتكارات.
وتأتي هذه الجهود تزامنًا مع برنامج التحول الوطني 2030، المتضمن أهدافا محددة تقود للانتقال من اقتصاد ريعي يعتمد فقط على النفط إلى اقتصاد متنوع الدخل ليس بالأمر اليسير، لكنه أيضا ليس بالمستحيل، ما دامت الخطوات إليه تعمل جادة بالتوازي مع تحسين البيئة المؤسسية الملائمة من جانب، وتأهيل الإنسان القادر على ابتكار سبل جديدة من جانب آخر.
كما تتكامل أهداف «هاكاثون مسك» مع اعتماد هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، إلى صندوق الصناديق المخصص لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكذلك صندوق الاستثمار التكنولوجي بالشراكة مع «سوفت بنك» بقيمة مائة مليار دولار، لاستثمار ما قيمته 45 مليار دولار على مدى الأعوام الخمسة المُقبلة، في إطار رؤية البلاد لزيادة إيراداتها الحكومية غير النفطية، من 163 مليار ريال سعودي (43 مليار دولار) إلى تريليون ريال سعودي بحلول عام 2030، وبزيادة في مساهمة القطاع الخاص من 40 في المائة إلى 65 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى الجانب الآخر، يأتي دور المؤسسات الربحية وغير الربحية مثل مؤسسة مسك الخيرية في اكتشاف وتأهيل الشباب بناء على مفاهيم الاقتصاد القادم المتكئ على المعرفة وعلى الموارد البشرية تحديدا.
يقول بيل غيتس، مؤسس «مايكروسوفت» العالمية المشاركة في فعالية «هاكاثون»: «في مجتمع بزوغ المعلومات الحالي أصبحت الموارد الطبيعية، الحاسمة، هي الذكاء الإنساني والمهارة والقيادة، وفي كل منطقة من العالم وفرة منها». وهذا يعد - بحسب غيتس - أن تكون المرحلة المقبلة في التاريخ الإنساني ذات أهمية خاصة.
ولم تعد علامات هذه المرحلة تخفى على القطاعين العام والخاص، فالمعرفة والابتكار في الاقتصاد العالمي الجديد أصبحت أعظم ميزة تنافسية، يقر بها الجميع ويسعون لها، دولا وشركات، لتجري تعابير تقنية من نوع «إنترنت الأشياء»، الذي اختارت منه «مسك» الأشياء «الطبية» في تعاملات الأفراد اليومية وفي قواميسهم، إيمانا متزايدا بزمن الذكاء الاصطناعي ومخرجاته المتجددة، فذكاء الأجهزة واتصالها على حدة أمر طبيعي ومعتاد، في حين إيجاد تفاهم وتواصل ذكي بين هذه الأجهزة المختلفة من دون مساعدة بشرية هو الأذكى. وما تصبو إليه ابتكارات شباب وشابات «هاكاثون مسك»، في النوع الطبي تحديدا من هذه «الأشياء».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».