مشاة البحرية السعودية.. رصد ودفاع بأدوار برية وطوق بحري

كبّدوا ميليشيات الحوثي خسائر كبيرة خلال الأشهر الماضية

معنويات عالية تحيط بجنود المراكز المتقدمة (تصوير: علي العريفي)
معنويات عالية تحيط بجنود المراكز المتقدمة (تصوير: علي العريفي)
TT

مشاة البحرية السعودية.. رصد ودفاع بأدوار برية وطوق بحري

معنويات عالية تحيط بجنود المراكز المتقدمة (تصوير: علي العريفي)
معنويات عالية تحيط بجنود المراكز المتقدمة (تصوير: علي العريفي)

في أبعد نقطة على خريطة الجغرافيا السعودية جنوبا، تظهر محافظتا: صامطة والطوال، ومن ثم آخر المراكز السعودية على الحدود: «مركز الموَسّم»، الذي ظلّ اسما دائم الحضور في الصمود، والتضحية.
هنا في الموَسّم، أرض ربما تكون استثناء بين بقية المناطق الحدودية، إذ إن أرضها المستوية ميزة حاول الانقلابيون معها تهديد أرض السعودية، لكنها تحطمت بفعل القوة المقابلة، مشاة البحرية السعودية، على أرض البر، مسافة ليست بالقريبة، بعيدة عن جازان بساعة ونصف، إلى الجنوب الغربي، وعلى وصلة قريبة من البحر، حيث قوة بحرية أخرى تابعة للقوات الملكية البحرية السعودية.
أصوات المدفعية السعودية من خلف مناطق وجودنا، كانت قوية باتجاه أهداف محددة، كانت فترات هدوئها وصمتها تمر في حدود بضع دقائق وتزيد أحيانا، وهي وفق أحاديث القادة، غرضها الأساسي الرد على كل ما يشكل تهديدا أو خرقا لحدود المملكة العربية السعودية.
مسيرة «الشرق الأوسط» للحدود السعودية الجنوبية مستمرة، مشاة البحرية، تتمثل في الميدان كقوة خاصة، إذ إن أساليبها التدريبية المتواصلة تجلّت بشكل كبير في الميدان، حيث يشرفون على عدد من المناطق في خطوط أمامية لرصد تحركات العدو، وضمان حماية قصوى لحدود البلاد.
بهامات رجالها وعلم المملكة المطرز على أكتافهم، وتتزين به مدرعاتهم، لا تكون الخوذ العسكرية ذات الصلابة بلونها المصقول من تربة الأرض، مجرد حماية فحسب، بل يرونها فخرا، كونهم على نقطة مفتوحة أمام الحدود، يتصف رجال مشاة البحرية برجال الحسم في المواقف، والدفاع الشرس، فكانت ملامح ذلك نقطة لافتة في زيارة «الموسّم» ذات التميز الجغرافي والاستراتيجي، بوقوعها على إطلالتين بحرية وبرية.
زيارة لم يختلف في مشهدها شيء كبير عن زيارة المناطق الجبلية الوعرة، فالهمم ذاتها والطمأنينة بالنصر تلوح في أعين الضباط والجنود السعوديين، جميعهم تشكلوا في انسجام كبير مع بقية القطاعات العسكرية السعودية من وزارة الحرس الوطني وقطاعات وزارة الداخلية.
على جانب متقدم من مركز الموَسّم الحدودي، صمام جديد يتجلى: «ليس لتبعية الاسم أي مانع في حضورهم المكاني بريا»، هكذا يقول، المقدم البحري، رياض الزهراني، مشيرا إلى أن المهام التي يقوم بها مشاة البحرية تتمثل في تشكيل نقاط دفاع عن الحدود السعودية، وكذلك نقطة مراقبة لتحركات العدو، وفي حالة التعدي على حدود المملكة يتم التعامل معها بطريقة سريعة، وفق أحدث التقنيات التي تستطيع تمييز مكان العدو بصورة كبيرة.
يضيف المقدم البحري الزهراني، الذي رافقته «الشرق الأوسط» خلال جولته على مراكز تابعة لقيادته؛ أن الحوثيون لا يعمدون إلى الهدن المعلنة عبر الأمم المتحدة للالتزام، وإنما يستمرون في القصف العشوائي، لكن إعلانهم يأتي لمحاولة إعادة ترتيب صفوفهم التي سجلت خسائرها خلال الأشهر الماضية بشكل كبير، مفيدا بأن محاولات اختراقهم وقصفهم قلّت عن بدايات إعلان «عاصفة الحزم» لدعم الشرعية اليمنية.
يشير المقدم البحري، رياض الزهراني: «نحن لا نهاجم، نحن فقط ندافع، وهذه الميليشيات يتم التعامل معهم في حينه»، نحن أمام توجيهات عليا وغرض أساسي، والمهمة الموكلة لنا هي تنسيق بين القطاعات المختلفة، لتأمين الحدود وضمان سلامة المدنيين.
يستشهد الزهراني بالمعنويات العالية، حيث يوجد في مركز مراقبته مع أحد جنوده، وهو أمر لافت، تلحظه العين، فلا رتب عسكرية تميّز العمل. الرقيب ثويع الدوسري، من خندقه يقول: إنهم في مهمة المراقبة على امتداد ساعات اليوم، لا يمنعهم أمر عن تحقيق التقدم العملياتي والوقائي للدفاع عن حدود بلادهم، وإنه لا فرق بين رتبة وأخرى «لأن الجميع كأسنان المشط» في التصدي للعدو.
على خطوات قليلة، يظهر شاخصا خلف رتل دفاعي مدرعات تحمل أسلحة متنوعة، تتصدى لأي عملية مريبة على الحدود، في ظل تراجع أعمالهم التهديدية، يتحدث المقدم البحري الركن، عبد الله الرويلي، من كتيبة مشاة البحرية، أن من أخطر المواجهات العسكرية هي مواجهة الميليشيات لا الجيوش النظامية، وأن القوة البحرية تقوم بأعمالها، البرية والبحرية في آن، وعلى بعد مقربة من الإطلالة البحرية هناك الكثير من القطع البحرية الحربية، التي تؤمن مياه البحر الأحمر بالقرب من مضيق باب المندب، وأمام سواحل المنطقة الجنوبية بالتكامل مع قوات خفر السواحل التابعة لحرس الحدود السعودي. ويؤكد المقدم البحري الرويلي، أنه على مدى الفترة الماضية كان هناك انخفاض كبير وتنازلي في مواجهاتهم، نظرا للخسائر التي تعرضوا لها، ونحن في الفترة الحالية حققنا الكثير من النتائج، التي نفخر بها وبتوالي علامات النصر المحقق لأمن الوطن، والقضاء على من يهدد أمنه، ويعيد أوضاع اليمن الشقيق.
يضيف المقدم الرويلي، جميع النقاط جاهزة وفقا لأحدث التقنيات، والمعنويات تتعالي يوما بعد آخر، رغم كل الظروف المناخية والطبيعية، حيث إن القوات العسكرية السعودية أفقدت الحوثي شوكته العسكرية ودمرت الكثير مما كانوا يعدون العدة له، بمواجهة حقيقية لكل ما يريدون تحقيقه، في مواجهة حتمية لا مناص عنها لتدمير المخططات العدوانية.
ومع إعلان المؤشرات العسكرية الميدانية تحقيق أهداف عدة على الأرض نحو تحقيق هدف قوات التحالف الأسمى، تظهر بوادر الأمل نحو تحرير اليمن من قبضة الانقلابيين بعد انتصارات كبرى داخل اليمن وعلى حدود السعودية الجنوبية، التي ساهمت في تفكك شعرة الربط بين الحوثي وصالح، واقتراب نهوض مشروع «الانتصار».
الموسّم، على بعد مسافات ليست بالقصيرة، على حدود بحرية، تجاورهم فيها لقوات تأمين البحر، كما أن قوات البحرية الملكية، تتابع ذلك عبر أفرع قواتها الشاملة من طيران بحري عمودي، وقوات خاصة، علاوة على مشاتها المتميزين فرديا وفي تكتلهم المكاني، نظرا للأهمية العالمية لا الوطنية فقط في تأمين حدود ومياه المنطقة الإقليمية، التي سجلت نجاحاتها خلال أوائل بدء عاصفة الحزم، كان أبرزها تأمين باب المندب خلال فترة وجيزة من محاولات امتلاك محيطه.
ست ساعات فقط، هي مدة تحرير مضيق «باب المندب» من ميليشيا الحوثي التي كانت تسيطر على المضيق مع قطع بحرية إيرانية كانت تحاول تعكير صفو التجارة العالمية، هي مدة وجيزة في عُرف المعارك، لكن قوات التحالف العربي بقيادة السعودية قدمت الخدمة الأهم ليس للمنطقة، لكن للعالم في سبيل تسهيل مهمات بضائعه، فكانت خلاصة المرحلة هي القضاء على جس النبض الإيراني نحو السعودية ودول البحر الأحمر، وتأكيد القومية العربية لباب المندب.
وتظهر الممرات المائية عادة في المنهج الجيوسياسي، كمنطقة خصبة لاندلاع الحروب، وفي «باب المندب» تاريخ مفصل من محاولات عدة لتدويل المنطقة، وجعلها في قلب النزاع، عبر استغلال مستمر من قبل دول في المنطقة لضمان تحقيق امتداد لها عبر المياه العالمية. لكن، كانت الخطة لقوات التحالف العربي ذو بعد أعمق.
مضيق باب المندب، هو هدف استراتيجي للإيرانيين كما هو مضيق هرمز في الخليج العربي، فكلاهما معبر شحنات النفط، بينما يظهر باب المندب كأهم ممر مائي في العالم، إذ معه وعبر قناة السويس المصرية تكون تكلفة الشحنة التجارية أقل بكثير مما كانت تمر به في سنين مئوية ماضية عبر رأس الرجاء الصالح.
قوات البحرية بتشكيلاتهم، يشكلون قناة التواصل بين البر والبحر، فحضورهم مع بقية عناصر وفصائل القوات المسلحة السعودية، هو تأمين لما يتجاوز الإقليم، نحو الأمن العالمي، فالرصد الدقيق بكافة المعدات المتطورة، يفسر الحرص الإقليمي خاصة من قبل الرياض لتحقيق السلامة وضمان تأمين الممر لتحقيق الغايات الاقتصادية لدول البحر الأحمر، والعالم، وتشرف اليوم على المضيق قوات بحرية من السعودية تجوب مياه البحر استطلاعا وتأمينا، فالغايات واحدة، بنقاط شتى في الحماية.



رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.