أسلحة أميركية متطورة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» تحضيرًا لمعركة الرقة

خبراء يضعون تسليح الميليشيات الكردية في خانة الضغط على تركيا

مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية ينزلون من مركبة عسكرية في تل رفعت (رويترز)
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية ينزلون من مركبة عسكرية في تل رفعت (رويترز)
TT

أسلحة أميركية متطورة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» تحضيرًا لمعركة الرقة

مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية ينزلون من مركبة عسكرية في تل رفعت (رويترز)
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية ينزلون من مركبة عسكرية في تل رفعت (رويترز)

تلقت الميليشيات الكردية المنضوية ضمن ما يعرف بـ«قوات سوريا الديمقراطية» دعمًا عسكريًا أميركيًا، عبارة عن أسلحة متطورة وذخائر وآليات، وذلك تحضيرًا لمعركة الرقة. وبينما رأى الجانب الكردي في هذا الدعم دليلاً على متانة العلاقة مع واشنطن، وضعه خبراء ومراقبون في خانة الضغط الأميركي على تركيا التي ترفض أي دور للانفصاليين الأكراد في الرقة. وربط الخبراء هذا الأمر بتأخر وصول قوات «درع الفرات» المدعومة من أنقرة إلى مشارف مدينة الباب، التي تشكل الحصن الأخير لتنظيم داعش في شمال شرقي محافظة حلب، من أجل تحرير المدينة، إذ اعتبروا أن الهجوم على الباب يحتاج لتوافق أميركي - روسي - تركي، لم يتبلور حتى الآن.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، نقل خبر الدعم العسكري الأميركي للميليشيات الكردية نقلاً عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، وقال إن «شحنات كبيرة من الأسلحة أرسلها التحالف الدولي، وصلت إلى قوات سوريا الديمقراطية في ريفي الرقة ومحافظة الحسكة». وتابع أن «كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والآليات وصلت وشوهدت الناقلات والشاحنات، وهي تقوم بنقل مركبات الهمر والذخائر والأسلحة عبر مدينة القامشلي (الحدودية مع تركيا) إلى ريف محافظة الرقة ومنطقة عين العرب (كوباني)».
هذه الدعم العسكري الأميركي أقرّ به القيادي الكردي نواف خليل، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن ميليشيات «قوات سوريا الديمقراطية» - التي تشكل ميليشيات «وحدات حماية الشعب» الكردية عمومها الفقري - «تسلمت في الأيام الأخيرة أسلحة متقدمة ومتطورة جدًا من الولايات المتحدة والتحالف الدولي، وهي على مستوى معركة كبيرة ومصيرية بحجم معركة الرقة». وأردف في انتقاد مباشر لأنقرة: «هذا دليل قاطع على ثقة التحالف الدولي وعلاقته الوثيقة بقوات سوريا الديمقراطية، التي تحاول تركيا تشويهها، وطمس دورها وانتصاراتها»، حسب تعبيره.
وشدد خليل الذي كان متحدثًا باسم حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي»، على أن «هذا التطور يأتي بالتزامن مع وجود قوات أميركية برية، وخبراء أميركيين وألمان وفرنسيين وبريطانيين على الأرض». وبالفعل، كانت قوات ألمانية وأميركية وفرنسية خاصة قد شاركت ميليشيات «قوات سوريا الديمقراطية» في الهجوم على «داعش» في مدينة منبج، بريف محافظة حلب الشمالي الشرقي، حيث ساعدت القوات الألمانية التي يقدر عددها بنحو 50، ضمنهم نحو 20 مستشارا عسكريا، هذه الميليشيات بمهام تفكيك الألغام وبالخدمات التقنية والاستشارية، فيما شاركت القوات الأميركية والفرنسية في الخط الثاني من الجبهة حينها.
في المقابل، رأى العميد أحمد رحال، القيادي في الجيش السوري الحر، أن «الدعم التسليحي الأميركي للأكراد أمر طبيعي؛ لأن الأكراد هم حليف استراتيجي للأميركيين منذ حرب العراق». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» معلقًا: «إن البنتاغون والاستخبارات الأميركية يثقون بالأكراد، وكما استخدموهم سابقًا في العراق يستخدمونهم اليوم في سوريا كورقة ضغط على الأتراك، وكلما أرادت الولايات المتحدة الضغط على تركيا تحرّك الأكراد». وتابع رحال: «هذا الضغط هو للردّ على موقف الرئيس رجب طيب إردوغان الذي قال إنه لن يكون هناك أي دور كردي في معركة الرقة».
من ناحية ثانية، يرى الدكتور سامي نادر، أستاذ العلاقات الدولية والباحث السياسي اللبناني، أن التناقض وغياب الموقف الأميركي الواضح حيال ما يجري في سوريا، يعبّر أيضًا عن حيرة، إذ قال في لقاء مع «الشرق الأوسط»، إن «الأميركيين يقفون بين حدّي الحاجة إلى التركي باعتباره حليفا أساسيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) القادر على توفير الغطاء السنّي في سوريا وإقامة التوازن مع الدور الإيراني، وبين الحاجة إلى القوات الكردية على الأرض». وأوضح نادر في تصريحه أن «التحالف الدولي ورغم دعمه القوي للأكراد في سوريا، يتفهّم إلى حدّ كبير الهواجس التركية من التمدد الكردي الذي يشكل تهديدًا للأمن القومي التركي، ولذا يعرف الأميركيون أن قوات (درع الفرات) ما إن تنتهي من معركة الباب وتحريرها من (داعش)، ستكون وجهتها الرقة، لذلك هم يتريثون في تحديد توقيت معركة الحسم في الرقة، لتلافي الصدام بين حليفيها الأكراد وفصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة».
هذا، وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» من جهته، قد تحدث عن «وصول تعزيزات من الجنود الأميركيين إلى منطقة عين العرب (كوباني) - على الحدود مع تركيا - مطلع الشهر الحالي، للمشاركة في العمليات العسكرية الدائرة في ريف محافظة الرقة الشمالي، بين ميليشيات (قوات سوريا الديمقراطية) من جهة، و(داعش) من جهة أخرى، والإشراف على سير المعارك فيها». ونقل عن مصادر قولها إن القوات الأميركية «ستشارك في العملية التي أطلق عليها اسم (غضب الفرات) لعزل مدينة الرقة عن ريفيها الشمالي والشرقي، بأعداد كبيرة، تفوق بكثير الأعداد التي شاركت في معارك السيطرة على منبج».
وأمام هذا التضارب بين المصالح الدولية على الأرض السورية، شدد الدكتور سامي نادر، على أن «الأميركي يتردد في معركة الرقة، ما لم يكن التركي شريكًا فيها». ولفت إلى أن «التركي يعرف كيف يردّ على تجاوزه، فالذي لم يستطع أن يناله من الأميركيين أخذه من الروس، لذلك نجد أنقرة صامتة عمّا يحصل في حلب، كما أن الروس صامتون على التمدد التركي في شمال حلب». ولفت نادر إلى أن «العلاقات التركية - الكردية وجدت ضالتها في الاتفاق التركي مع مسعود البارزاني، اللذين وجدا في حزب العمال الكردستاني عدوًا أساسيًا ومشتركًا». وأضاف: «أيًا يكن الدعم الدولي للأكراد على الأرض، فإن الكرد لا يستطيعون أن يحققوا نصرًا في معركة الرقة، بغياب الغطاء السنّي، كما أن السلاح الشيعي لن يستطيع أن يحرّر الموصل في غياب الدور السنّي».
أما على صعيد معركة الباب، فقد قال العميد أحمد رحال إن «وصول قوات (درع الفرات) إلى مشارف مدينة الرقة، يشكل دليلاً على قدرة فصائل المعارضة على حسم هذه المعركة»، لكنه أشار إلى أن «الدخول إلى الباب خاضع لتوافقات سياسية أميركية - روسية - تركية». وأردف: «منذ أيام أوقف طيران التحالف قصفه مواقع (داعش) داخل الباب؛ لأنه على ما يبدو يحتاج إلى موافقة روسية، ذلك لأن القضاء على (داعش) يعرّي الروس، ويطرح أسئلة عن دورهم في محاربة الإرهاب».
وأوضح رحال، أيضًا، أن قوات «درع الفرات» تعتبر أن معركة الرقة لها حسابات أخرى؛ «لأن أميركا تحتاج إلى الأكراد وإلى الجيش السوري الحر وإلى تركيا في هذه المعركة، ولذا فهي تحاول إمساك العصا من الوسط، بينما يرى الأتراك أن مشاركة الأكراد في معركة الرقة، تعني اعترافًا تركيًا بهم، لذلك فإن هذا التسليح يشير إلى موقف سياسي أكثر من كونه ضغطًا عسكريًا».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.