الشتاء وغياب المساعدات الإنسانية ينذران بكارثة إنسانية في الموصل

رئيس لجنة «الهجرة» في البرلمان العراقي: الحكومة وقوات التحالف الدولي تناسوا معاناة النازحين

الشتاء وغياب المساعدات الإنسانية ينذران بكارثة إنسانية في الموصل
TT

الشتاء وغياب المساعدات الإنسانية ينذران بكارثة إنسانية في الموصل

الشتاء وغياب المساعدات الإنسانية ينذران بكارثة إنسانية في الموصل

حذر رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي النائب رعد الدهلكي من حدوث كارثة إنسانية ستقضي على أرواح الآلاف من نازحي مدينة الموصل، خصوصًا مع دخول فصل الشتاء، والعجز الواضح في تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين من قبل الحكومة والمنظمات الإنسانية الدولية.
وقال الدهلكي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة العراقية وقوات التحالف الدولي خططوا بشكل جيد ومسبق لتنفيذ عمليات تقدم القطعات العسكرية نحو أهدافها لتحرير الأرض ولكن تناسوا تمامًا تحرير الإنسان والاهتمام به ونقله إلى أماكن أفضل، وهذا ما حدث على أرض الواقع حيث تتقدم القوات الأمنية محرزة الانتصارات على الأرض ولكن يتفاقم الوضع الإنساني مع عمليات التقدم حيث تشير أرقام النازحين إلى أكثر من 70 ألف نازح لم تستطع مخيمات النزوح من استيعاب هذا العدد، فكيف الحال إذن عند وصول المعركة إلى مراحل متقدمة ودخول قواتنا إلى وسط المدينة التي يقطنها نحو أكثر من مليون و300 ألف مواطن».
ولفت الدهلكي إلى أن «أوضاع النازحين اليوم كارثية وتشير أرقام وأعداد الوفيات بين الأطفال والنساء إلى مرحلة الخطر، فالموت يداهم الناس من كل جانب بدءًا من خروجهم من منازلهم وسيرهم على الأقدام لمسافات هائلة تصل إلى أكثر من 50 كلم تحت وابل النار والقذائف والرصاص وسقط منهم من سقط ونجح بالفرار البقية، وعند وصولهم إلى المخيمات وجدوا أنفسهم في العراء بعد أن غصت المخيمات بالنازحين الذين لم يجدوا غير خيام خالية من أي وسائل للمعيشة».
وذكر الدهلكي أن «الحكومة العراقية غير مكترثة لوضع النازحين بالمرة ولم تقم بتخصيص مبالغ كفيلة من أجل الاستعداد مسبقًا لموجات النزوح المتوقعة من مدينة الموصل، وهذا ما جعل الأوضاع في غاية الصعوبة ووصلت إلى مراحل كارثية، خصوصًا أن هناك أكثر من 3 ملايين ونصف من النازحين الذين لم يعودا إلى مناطقهم المحررة لأسباب طائفية فهناك ميليشيات طائفية تسيطر تمامًا على المناطق المحررة وتمنع عودة العائلات إلى مناطقهم السكنية».
وانتقد الدهلكي «القصور الواضح في أداء المنظمات الإنسانية والدولية لإغاثة نازحي الموصل الذين لجأوا إلى النزوح العكسي متجهين إلى الأراضي السورية بحثًا عن مناطق آمنة تؤويهم من البرد والجوع الذي فتك بأرواح كثير من مواطني مدينة الموصل».
إلى ذلك، تجاوز عدد الضحايا المدنيين من أهالي الموصل الـ250 شخصا منذ بدء العمليات العسكرية لتحرير المدينة من قبضة تنظيم داعش، وقالت مصادر طبية محلية من داخل مدينة الموصل لـ«الشرق الأوسط»» إن «أعداد الضحايا من المدنيين من سكان مدينة الموصل تجاوز الـ250 شخصا بينهم نساء وأطفال نتيجة العمليات العسكرية الدائرة بين القوات العراقية ومسلحي تنظيم داعش إضافة إلى ضعف هذا العدد من الجرحى والمصابين».
وأضافت المصادر أن «القصف الجوي من قبل طائرات التحالف الدولي والقصف المدفعي وانفجار عدد كبير من العجلات المفخخة كانت وراء سقوط العدد الأكبر من الضحايا والجرحى وتسببت تلك العوامل في هدم عدد من منازل المواطنين وقتل جميع أفراد العائلة التي يسكنونها وما زالت جثث بعضهم تحت أنقاض المنازل المهدمة».
وفي حين يتوجه النازحون من مدينة الموصل وبلداتها نحو المخيمات التي أقامتها الحكومة العراقية ومنظمة الأمم المتحدة خارج مدينة الموصل، وهي مخيمات ديبكة بقضاء مخمور (115 كلم جنوب شرقي الموصل)، وزيليكان قرب ناحية بعشيقة (12 كلم شمال شرق)، وحسن شام بناحية الخازر (40 كلم شرق)، والعلم في تل السيباط (15 كلم شرق تكريت)، والخازر (40 كلم شرق)، والشيخان بقضاء الشيخان (45 كلم شمال)، وقرية الجدعة بمنطقة القيارة، ومنطقة جمجمال بين مدينتي كركوك والسليمانية، وآخر في مدينة كركوك، تنوعت القصص المأساوية التي يرويها الأهالي عن الأوضاع الكارثية التي عاشوها تحت سيطرة المسلحين وتلك التي يعيشونها الآن في مخيمات النزوح والعراء، حيث لا تبدو لمعاناة النازحين من أهالي الموصل نهاية قريبة في الأفق، رغم أن العملية العسكرية لتحرير المدينة دخلت شهرها الثاني.
وقال ذنون إسماعيل 45 عاما من سكان حي القادسية في الجانب الأيسر لمدينة الموصل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أن أصبحت منطقتنا ساحة حرب وسقطت علينا القنابل كأنها المطر قررت النجاة بأسرتي من موت محقق بعد أن سقطت بعض المنازل على رؤوس أهلها ودفنوا فيها خرجنا بشكل جماعي من المنطقة وكنا نسير مع الجدران وصولاً إلى مخارج المدينة، وبعد رحلة سير طويلة وصلنا إلى مناطق قرب ناحية مخمور فيما اتجه الآخرون إلى مناطق أخرى قرب برطلة والقيارة شرق وشمال وجنوب الموصل».
ويسرد إسماعيل جانبا آخر من معاناة النازحين قائلا إنه «منذ وصولنا إلى هنا قبل يومين من الآن ونحن بلا أي مساعدات، ولم يأت أي مسؤول لزيارتنا مع العلم أن هناك أكثر من 500 عائلة هي الآن تسكن في العراء بل لجأنا إلى حفر الأرض والدخول في تلك الحفرة خشية من الموت بردًا، وكدنا نموت من الجوع لولا وصول إحدى المنظمات الإنسانية المحلية التي جلبت لنا بعض الأطعمة المعلبة والأغطية لكنها لم تكن كافية حيث وصل عدد الأفراد إلى أكثر من 3000 شخص غالبيتهم من الأطفال والنساء».
وأضاف إسماعيل: «لقد توفي أكثر من 14 شخصا نتيجة البرد والجوع ونحن في طريقنا إلى هذا المكان فيما توجهت أعداد كبيرة من أهالي الموصل إلى الحدود العراقية السورية بحثًا عن مناطق تتوفر فيها مقومات الحياة ولو بشكل بسيط، وقطعت آلاف العائلات عشرات الكيلومترات مشيًا على الأقدام من الموصل إلى آماكن آمنة ولأيام متواصلة بحثًا عن مأوى دون فائدة، فكانت الصحراء ملجأهم الوحيد، نحن الآن نواجه خطر الموت بعد أن كذبت الحكومة العراقية علينا، عندما أبلغتنا عبر المنشورات التي ألقتها الطائرات قبل معركة الموصل التي تفيد بتوفير مخيمات لنا، وضرورة توجهنا صوب القوات الأمنية ولكننا اكتشفنا وتفاجأنا بأن كل ما ادعته الحكومة كذب وتزييف للحقائق، وها نحن الآن نفترش الصحراء ونعيش في حفر صغيرة، هربًا من الموت بردًا».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.