التشكيلي محمد فتاح يوثق جمال طبيعة السليمانية بلوحاته

معرض يحتضن 40 لوحة زيتية تجسد الفصول الأربعة

عدد من المواطنين والمسؤولين وهواة الفن أثناء افتتاح المعرض في السليمانية («الشرق الأوسط»)
عدد من المواطنين والمسؤولين وهواة الفن أثناء افتتاح المعرض في السليمانية («الشرق الأوسط»)
TT

التشكيلي محمد فتاح يوثق جمال طبيعة السليمانية بلوحاته

عدد من المواطنين والمسؤولين وهواة الفن أثناء افتتاح المعرض في السليمانية («الشرق الأوسط»)
عدد من المواطنين والمسؤولين وهواة الفن أثناء افتتاح المعرض في السليمانية («الشرق الأوسط»)

لا تخلو لوحاته من الابتكارات المستمرة في تقنيات الفن التشكيلي من رموز ودلائل وتقاطع خطوط وجمالية توزيع الألوان التي تمنح أعماله طابعا فريدا يميزها عن غيرها من اللوحات.
الفنان التشكيلي محمد فتاح الذي ولد في مدينة السليمانية، عاصمة إقليم كردستان العراق الثقافية، عشق الفن التشكيلي منذ نعومة أظافره، ولازمه حتى أتقن خطوطه وتفاصيله ومدارسه، فدرس في معهد الفنون الجميلة بالسليمانية، ومن ثم دخل كلية الفنون الجميلة في المدينة نفسها، وتخرج فيها فنانا أكاديميا متأثرا بالفنانين الأوروبيين أمثال جاك سون بولوك وباول كليه وجورج دوستايل، فكما قال محمد فتاح لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن يتأثر الفنان بالمدارس الأوروبية في رسم لوحاته».
نظم الفنان التشكيلي محمد فتاح في غاليري «آمنة سوركة» بمدينة السليمانية معرضا تشكيليا خاصا بأعماله، لكنه هذه المرة ركز على الطبيعة وألوانها الخلابة في كردستان العراق، في إطار لوحات مختلفة القياسات والأشكال وبألوان الأكريليك والزيت.
يقول التشكيلي محمد فتاح: «هذا المعرض يحتضن 40 لوحة زيتية تروي جمالية الفصول الأربعة في مختلف مناطق كردستان، خصوصا مناطق مدينة السليمانية التي أعيش فيها»، ويحاول فتاح أن يوجه من خلال لوحاته دعوة إلى الإنسان المعاصر ليعود إلى الطبيعة الأم، ويردف بالقول: «مع أن موضوع المعرض يحث على حب الطبيعة والعودة إليها لأنها تحتضننا بشكل عام، والفنانين خاصة، فهو في الوقت ذاته يوصل رسالة إلى المتلقي بضرورة الحفاظ على البيئة في كردستان وباقي أنحاء العراق».
ولا يخفي فتاح نيته في تنظيم معرض لأعماله خارج العراق، لكنه يؤكد على السعي أولا من أجل عرض لوحاته في باقي أنحاء إقليم كردستان ومحافظات العراق الأخرى؛ خصوصا بغداد والبصرة. وعما إذا كانت فكرة المعرض لديه منذ وقت طويل أم لا، يوضح بالقول: «خطرت فكرة هذا المعرض لي قبل عام من الآن، حين كنت أتمعن النظر في الأوراق الذابلة بألوانها الصفراء والبنية في خريف مدينتي السليمانية؛ حينها باشرت فورا رسم طبيعة مدينتي وضواحيها في الخريف والفصول الأخرى، لذا اقتصرت لوحاتي على محور الطبيعة»، لافتا إلى أن لوحاته أصبحت رمزا لإلهام كثيرين من الشعراء الكرد.
واللافت هو تبني المعرض بعض النشاطات الموسيقية التي تتمثل في عزف مقطوعات غنائية كردية أصيلة ترمز إلى التراث والتاريخ الكردي العريق. وبالتالي تتناغم الألحان العذبة مع المناظر الطبيعة الخلابة في أجواء لم تقتصر على هواة الفن التشكيلي أو الفن بشكل عام؛ بل تجاوزته لتشمل حضور جمع غفير من مواطني السليمانية على مدى 5 أيام متتالية.
ونظم الفنان محمد فتاح حتى الآن أكثر من 13 معرضا شخصيا في كثير من البلدان الأوروبية والآسيوية وأميركا، بالإضافة لمشاركته في كثير من السمبوزيومات. ويقول الفنان محمد فتاح إن رسالته تتمثل في «حماية البيئة، وحث الناس على الالتزام بالحفاظ على جمال الطبيعة وعدم إيذائها أو جرحها.. طبيعة كردستان بفصولها الأربعة جميلة وجذابة وملونة أكثر مما هي في الطبيعة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».