تدريب سيدات أعمال أفغانيات في الهند على مهارات القيادة

لإتاحة فرص لهن في مجال التصنيع والخدمات وصناعة الحلي

تدريب سيدات أعمال أفغانيات في الهند على مهارات القيادة
TT

تدريب سيدات أعمال أفغانيات في الهند على مهارات القيادة

تدريب سيدات أعمال أفغانيات في الهند على مهارات القيادة

النساء في أفغانستان اللاتي يعانين من مناخ متوجس من النساء، حيث يعد تقبل عمل المرأة خاصة في مجال التجارة والأعمال أمرًا صعبًا. مع ذلك تخبرنا قصة 13 سيدة أعمال أفغانية، تتراوح أعمارهن بين 22 و52 عامًا، ومن خلفيات متنوعة، فبعضهن من سيدات الجيل الأول من مناطق ريفية، وورث البعض الآخر أعمال أسرهن، بأن الأمور تتغير حتى وإن كان ذلك بخطى بطيئة.
كان أداء مجموعة من السيدات الأفغانيات، اللاتي التحقن ببرنامج القيادة في كلية الأعمال الهندية بالاشتراك مع كلية أعمال «ثاندر بيرد للإدارة العالمية»، ومقرّها في الولايات المتحدة الأميركية، في إطار مبادرة لا تهدف للربح، مبهرًا. تمكنت النساء من إدارة أعمال مثل صناعة السجاد، وزراعة الزعفران، والخياطة، وإنتاج المشروم، والحفر على الخشب، إضافة إلى امتلاك محطة إذاعية، ومدرسة خاصة، وشركة بناء، بل وغزت مجالات يسيطر الرجال عليها مثل استيراد النفط، والقمح، وإدارة صالة للألعاب الرياضية.
وساعد التدريب، الذي استغرق أسبوعين، النساء في إقامة علاقات مع موردين، أو توقيع عقود في الهند. كذلك تعلمن كثيرا عن التسويق، والموارد البشرية، وسلسلة التوريد، والاستثمار، وغيرها من مهارات التجارة والأعمال من خلال المناقشات، والفعاليات. كان أساتذة من «ثاندر بيرد» مثل ستيفن سترالزر، وماري سالي دي لوك، تلقي المحاضرات والدروس.
ودشنت الهند، بتشجيع من الحكومة الأفغانية، كثيرًا من المبادرات من أجل دعم وتشجيع سيدات الأعمال الأفغانيات. من بين تلك السيدات زرغونا حسن، وهي ناشطة مخضرمة ومؤسسة محطة «شايستا» الإذاعية في مدينة قندوز، التي يتابعها آلاف المستمعين في أنحاء شمال أفغانستان، حيث أغلبية النساء غير المتعلمات والأسيرات في منازلهن. وتسعى محطة «شايستا»، التي تعني الجمال بلغة البشتو، إلى توعية النساء بحقوقهن، وتناول قضايا مسكوت عنها مثل الصحة الإنجابية، والعنف المنزلي. بعد التدريب، روت زرغونا كيف اقتحمت حركة طالبان مدينة قندوز العام الماضي وأحرقت المحطة تمامًا، إلى جانب محطة إذاعية أخرى تديرها زرغونا، لكنها موجهة للشباب. وعادت محطة «شايستا» إلى العمل مرة أخرى بفضل منحة قدرها 9 آلاف دولار من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي قال إنه يأمل في تشجيع «صوت جريء يسعى للتغيير».
بالمثل، تعد قصة سيدة الأعمال ماسودا يونسي، البالغة من العمر 25 عاما، مبهرة أيضًا؛ فهي مثال لجيل جديد من النساء الأفغانيات الناجحات في كسب الأموال، وتوفير فرص عمل، والمساعدة في إعادة بناء الدولة، وهو ما يمثل تحديًا لكل الاحتمالات. إنها تدير شركة بناء، وتعمل في كثير من مشروعات الطرق؛ وتوجهت إلى الهند من أجل التعاون مع شركة بناء هندية في تنفيذ مشروعات جديدة في بلدها، وتؤكد تحقيق بعض النتائج الإيجابية.
قدمت قصص الأفغانيات، اللاتي التحقن ببرنامج القيادة، لمحة عن تغير أدوار النساء في المجتمع الأفغاني الذكوري، وكيف ساعدهن الدعم المقدم من أب، أو عم، أو أخ، في تجاوز العراقيل. وقالت زهراء هي، البالغة من العمر 39 عاما، والتي تدير مدرسة ثانوي عامة خاصة في كابل يبلغ عدد طلابها 300: «رغم الوضع الأمني الصعب، يزداد عدد النساء اللاتي يحاولن خوض مجال الأعمال. من المثير للاهتمام أن نرى عددًا كبيرًا من النساء في مناطق نائية يدخلن هذا المجال».
وكانت المرة الأولى، التي ترى فيها زهراء الهند، عندما جاءت لولادة طفلها منذ عامين. وتعتزم عمل توسع في مدرستها بحيث تتسع لسبعمائة طالب قريبًا. ويعمل لدى زهراء حاليًا 18 شخصا، 12 منهم نساء. وقالت: «أعتقد أن سبب هذا هو تمتع النساء بحرية أكبر خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أتاح ذلك لهن التعبير عن أنفسهن في مجال الأعمال».
وفي الوقت الذي تشارك فيه النساء في المناطق النائية بأفغانستان في مجال الزراعة والأعمال الفنية، تتاح أمام النساء في المدينة فرص في التصنيع، والخدمات، وصناعة الحلي، وغيرها.
وتروي هوما عثماني، إحدى المشاركات في مشروع «أرتميس» العام الحالي، التي تدير مشروعا للخياطة في قندهار، وتعتزم فتح مقهى، وحضانة، كيف قطع والدها علاقته بعائلته حتى تتمكن من إكمال تعليمها بعد معارضتها لهذا الأمر.
ولدى نور جهان محمود زاده، رئيسة شركة تملكها عائلتها، قصة مماثلة لترويها، حيث تقول: «حاول أخي منعي من الالتحاق بالجامعة، حيث كان يعتقد أنها تلوث سمعتي بين أصدقائه. وتصدى له والدي». ونور جهان فنانة تبلغ من العمر 22 عاما، وتقدم خدمات للعملاء في طاجيكستان، حيث تنتج أعمالا خشبية حُفر عليها يدويًا، وبالماكينات، وتشمل قطع أثاث.
وعندما سُئلت عما إذا كانوا يشعرون بالأمان في بلدها، الذي يمزقه الإرهاب، قالت والحزن يرتسم على وجهها: «نحن لا نشعر بالأمان إطلاقًا. إدارة أي عمل هناك يمثل مخاطرة كبرى. نحن نشعر كل دقيقة أن شخصا ما قد يأتي ويفعل بنا أمرًا فظيعًا». مع ذلك لم يمنعهن هذا الخطر من ممارسة العمل، حيث أوضحت قائلة: «لا يستطيع أولئك الناس منعي لأني لا يمكنني الانتظار عشر سنوات، أو عشرين عامًا حتى يغيروا طريقة تفكيرهم. لهذا أواصل ما أقوم به».
أما عطيفة منصوري، البالغة من العمر 52 عاما، من مدينة هراة، فهي تدير شركة «عبد الله مسلم لميتيد» ونشاطها صناعة السجاد، والزعفران. وقالت إنها تعتزم خوض مجالات جديدة مثل المنتجات العضوية التي يمكن للناس استخدامها في حياتهم اليومية. وأوضحت قائلة: «أعمل على الزعفران حاليًا، الذي يمكن تناوله كطعام، إضافة إلى احتوائه على خصائص طبية. أعتزم العمل مع نساء أخريات لإنتاج منتجات مفيدة». وترى أن أفغانستان مكان مثالي لإنتاج المواد العضوية؛ نظرًا لوجود كثير من المواد الخام اللازمة لهذه الصناعة، وتوافر التربة المناسبة لزراعتها. وتشعر عطيفة أنه من الممكن أن تتعاون سيدات الأعمال الهنديات مع الأفغانيات لإنجاز مشروعات ناجحة في مجال الغذاء العضوي، وإنتاج سلع أخرى على الحدود. وأثنت عطيفة على الهند وقيادتها، حيث قالت: «الهند بلد عظيم. وأعتقد أنه من الممكن إقامة علاقة جيدة مع الهند نظرًا للتقارب الثقافي، والمصالح السياسية المشتركة. لطالما كانت نظرة الهنود لأفغانستان إيجابية، ولطالما كانت علاقة أفغانستان بالهند هي الأقوى في آسيا». وأشارت إلى أنها تفضل الهند على الصين في التعاملات التجارية المستقبلية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».