العبادي يكلف الجيش العراقي اقتحام تلعفر.. ويتجنب مواجهة مع تركيا

قيادات سياسية وعسكرية في نينوى وصفت قرار إبعاد «الحشد» بـ«الحكيم»

جندي عراقي يصوب بندقيته نحو هدف لـ«داعش» خلال معارك في الجانب الأيسر من الموصل أمس (رويترز)
جندي عراقي يصوب بندقيته نحو هدف لـ«داعش» خلال معارك في الجانب الأيسر من الموصل أمس (رويترز)
TT

العبادي يكلف الجيش العراقي اقتحام تلعفر.. ويتجنب مواجهة مع تركيا

جندي عراقي يصوب بندقيته نحو هدف لـ«داعش» خلال معارك في الجانب الأيسر من الموصل أمس (رويترز)
جندي عراقي يصوب بندقيته نحو هدف لـ«داعش» خلال معارك في الجانب الأيسر من الموصل أمس (رويترز)

عقب لقاء مع شيوخ ووجهاء قضاء تلعفر وفي ذروة التصعيد الكلامي مع تركيا التي بدأت حشد مزيد من قواتها عند الحدود مع العراق مع بدء وصول قطعات «الحشد الشعبي» نحو تخوم هذا القضاء المتنازع عليه سكانًا وجغرافية، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قرارًا يقضي بتولي القطعات العسكرية العراقية مهمة تحرير قضاء تلعفر.
وقال العبادي في كلمة له خلال لقائه عددًا من الشيوخ، إن «تلعفر العزيزة على قلوبنا حاول الإرهاب أن يوقع بين أبنائها بالقتل والتدمير، وألا تعاد اللحمة بين مكوناتها وحاولوا سابقًا تقطيع أوصال تلعفر وفشلوا». وأضاف العبادي: «سنكسر الدواعش عسكريًا ويجب إفشال مخططهم بوحدتنا، لأنه يحاول استغلال خلافاتنا»، مبينًا أن البعض لا يقدم شيئًا في محاربة الإرهاب على الرغم من أننا أعطيناهم دورًا في التحرير، ولكنهم لم يقدموا شيئًا ونحن لا نحتاجهم، لأن لدينا أبطالاً سيحررون هذه الأراضي. وواصل العبادي: «إننا بتوحدنا سننتصر، فلا داعي للخلافات والصراعات السياسية وقت الحرب، وأدعو إلى رؤية جديدة في العملية السياسية وإصلاح النفس من الداخل».
وبشأن المعركة الكلامية مع تركيا، قال العبادي إن «تركيا إذا ارتكبت مغامرة في العراق، فإنها ستدفع الثمن، فالعدوان سيقابله تلاحم وطني عراقي لرده».
يذكر أن العبادي كان قد خاض معركة إعلامية مع القادة الأتراك تخللتها مواقف تصعيدية هي الأولى من نوعها بين أنقرة وبغداد منذ عقود، من بينها الملاسنة الشهيرة بينه وبين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي قال إن العبادي ليس من مستواه فرد عليه العبادي غامزًا من قناته بأنه لم يعد إلى السلطة عن طريق «الإسكايب». كما تلقف طرفًا من المعركة الكلامية رئيس الوزراء التركي بن علي يلديرم ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو. وكان يلديرم رد على العبادي الذي أكد قوة الجيش العراقي في مواجهة تركيا إذا ما دخلت الأراضي العراقية قائلاً له: «ما دام جيشك قويًا، فلماذا سلمتم المحافظات العراقية إلى (داعش)؟».
وفي هذا السياق، أكد القاضي أصغر الموسوي، وكيل وزارة الهجرة والمهجرين السابق وأحد القيادات السياسية في محافظة نينوى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار الذي اتخذه العبادي قرار حكيم في الواقع، لأنه أدى إلى سحب البساط أمام كل الساعين إلى حصول مواجهة في غير وقتها مع تركيا، وكذلك الساعين إلى الفتنة في هذا القضاء الذي يحتاج إلى أسلوب خاص لمعالجة قضيته». وأضاف الموسوي أن «قرار العبادي بتجنب المواجهة مع تركيا وحسم قضية تحرير تلعفر من قبل الجيش يأتي أيضًا في وقت بدأت فيه بوادر انتفاضة حقيقية داخل الموصل، وهو ما يحتاج إلى تلاحم كل الأطراف»، مبينًا أن «الدور الذي يقوم به (الحشد الشعبي) اليوم في قطع الطريق أمام الدواعش بين الرقة والموصل إنما هو دور مهم في سياق الحرب ضد هذا التنظيم، بينما دخول الجيش إلى تلعفر سيكون عامل تسريع في حل أزمة القضاء المذهبية وغيرها من الأزمات التي عانى منها القضاء خلال السنوات الأخيرة».
من جهته، أكد مشعان الجبوري، عضو البرلمان عن تحالف القوى والمشارك ضمن فصيل سني من أهالي تكريت في «الحشد الشعبي»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيا ربما كانت جادة في دخول الحرب، وخصوصًا ضد الحشد داخل تلعفر، لاعتقادها أن دخول الحشد التركماني الشيعي إلى تلعفر ليس بهدف التحرير، وإنما الانتقام، وهو ما سوف يحصل، لأنه، ومثلما هو معروف، فإن التركمان الشيعة كانوا قد هجروا من تلعفر خلال السنوات الماضية». وأضاف أن «العبادي تصرف بحكمة من خلال هذا القرار، لأنه جنب العراق مواجهة لن تكون متكافئة مع تركيا، حيث نواجه حربًا ضروسًا ضد (داعش)، كما جنب كل ما يمكن أن يحصل من عمليات انتقام»، مبينًا أنه «رغم الحرب الكلامية التي وقعت بين الطرفين، لكن الحكمة هي التي انتصرت بصرف النظر عن كل من كان، وربما لا يزال، يسعى إلى مواجهة مع تركيا».
واللافت أنه بعد قرار العبادي تكليف الجيش وليس «الحشد» بتحرير تلعفر، عاد التحالف الدولي وعموده الفقري الطيران الأميركي إلى تكثيف غاراته ضد مواقع وأهداف «داعش» داخل الموصل وأطرافها خلال اليومين الماضيين، على عكس ما كان عليه الأمر خلال الفترة السابقة، التي قلل فيها التحالف غاراته الجوية بنسبة بلغت 68 في المائة.
في السياق نفسه، أعلن الجيش الأميركي نشر 1700 جندي من فرقة العمليات الخاصة 82 المحمولة جوًا في العراق لدعم حملة التحالف الدولي ضد «داعش». وقال قائد اللواء القتالي الثاني من الفرقة 82 المحمولة جوًا، الكولونيل جيمس بات وورك، في بيان أمس، إن «الجيش الأميركي نشر 1700 جندي من اللواء القتالي الثاني فرقة العمليات الخاصة 82 المحمولة جوًا في العراق خلال هذا الشتاء، لدعم حملة التحالف الدولي ضد (داعش)»، مبينًا أن «اللواء القتالي الثاني مدرب تدريبًا عاليًا والجاهزية تعد من أهم أولوياتنا». وأضاف وورك أن «الجنود الـ1700 سيحلون محل جنود من اللواء القتالي الثاني الفرقة 101 المحمولة جوًا، ليواصلوا مهام التدريب وتقديم المشورة والمساعدة للقوات المسلحة العراقية»، مؤكدًا أن «جنودنا المظليين مستعدون الآن للمشاركة في دعم عمليات التحالف الدولي وفريقنا يتطلع لهذه المهمة الحيوية في دعم وإسناد شركائنا العراقيين».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.