تحذيرات طبية: الإكثار من مشروبات الطاقة يؤدي إلى عجز الكبد

تحتوي على تركيز عال من المواد التي تتسبب في حدوث التسمم فيه

تحذيرات طبية: الإكثار من مشروبات الطاقة يؤدي إلى عجز الكبد
TT

تحذيرات طبية: الإكثار من مشروبات الطاقة يؤدي إلى عجز الكبد

تحذيرات طبية: الإكثار من مشروبات الطاقة يؤدي إلى عجز الكبد

تناول كميات كبيرة من مشروبات الطاقة قد يؤدي إلى تدمير الكبد.. بالطريقة ذاتها التي يؤثر فيها الكحول.
ووفقًا لما نشرته «المجلة الطبية البريطانية - كايس ريبورتس» BMJ Case Report، أول من أمس، فقد اكتشفت حالة التهاب حاد في الكبد لدى عامل للبناء عمره 50 عامًا ظهرت على الأغلب نتيجة تناوله نحو 5 قنان من مشروبات الطاقة يوميا لمدة ثلاثة أسابيع.
* عجز الكبد
ورغم أن هذا الشخص كان مصابا بالتهاب الكبد الوبائي «سي» المزمن، فإن أطباءه ألقوا باللوم على تلك المشروبات في حدوث حالة عجز الكبد لديه. ولا تظهر الإصابة بالتهاب الكبد «سي» عادة أي أعراض. وكانت أعراض المريض قد ظهرت فجأة على شكل أوجاع في البطن وغثيان وقيء واليرقان، وظهور البول بلون غامق، وكلها تترافق مع تناول مشروبات الطاقة. وقد توقف ظهور تلك الأعراض حال توقفه عن تناول تلك المشروبات.
وتعتبر هذه الحالة المرضية الثانية من نوعها التي تربط بين الإكثار من تناول مشروبات الطاقة وعجز الكبد، إذ شخصت حالة التهاب حاد في الكبد لدى امرأة شابة كان عمرها 22 سنة لم تكن مصابة بالتهاب الكبد «سي». وكانت تتناول 10 قنان يوميًا من تلك المشروبات على مدى أسبوعين.
وقد تناول الشخصان في هاتين الحالتين كميات كبيرة من فيتامين «بي3» b3 المسمى «نياسين» الذي يؤذي الكبد. وتحتوي كل قنينة من مشروبات الطاقة التي تناولها عامل البناء على 200 في المائة من الكمية التي يوصي بتناولها يوميا من النياسين. وكان يتناول ما بين 4 و5 قنانٍ يوميًا.
* فيتامينات وأعشاب مدمرة
وقال الدكتور ديفيد برنشتاين رئيس علم التهاب الكبد في مؤسسة «نورثويل هيلث» في تصريحات إعلامية: «النياسين هو عقار يعرف عنه تسببه في حدوث تسمم الكبد.. لقد رصدنا كثيرًا من اختبارات الكبد غير الطبيعية، بل وحتى حالات عجز الكبد بسبب تناول أدوية الطب التكميلي التي تدخل ضمنها مشروبات الطاقة».
وذكر تقرير المجلة الطبية البريطانية أن مشروبات الطاقة التي غالبًا ما توصف بأنها مكملات غذائية، تحتوي على الكافيين وعلى مواد محفزة مثل النياسين، والغرناguarana مادة تستخلص من نباتات برازيلية - المحرر، ونبات «الجنكة» أو «جينسينغ»ginseng التي يمكنها إحداث أضرار كبيرة على القلب والكبد والكليتين.
وأضاف التقرير: «ومع التوسع الكبير في سوق مشروبات الطاقة، فإن على المستهلكين أن يعوا بالمخاطر المحتملة للمركبات الموجودة في داخلها.. إذ توجد الفيتامينات والعناصر الغذائية مثل النياسين بكميات تزيد كثيرًا عن تلك الكميات الموصى بها يوميًا، الأمر الذي يؤدي إلى وجود خطر عالٍ في تراكمها الضار وإحداثها للتسمم».
وقد ازدادت مبيعات مشروبات الطاقة مثل «ريد بول»، و«مونستر» و«5 أورز إنيرجي» بنسبة 60 في المائة بين عامي 2008 و2012 وفقا لتقرير «نزعات السوق 2013» الذي توقع أن تزداد قيمتها إلى 21 مليار دولار بحلول عام 2017 المقبل.
ومع ازدياد تناول هذه المشروبات ازداد استقبال المستشفيات لأعداد من المرضى المعانين من ردات فعل سيئة بسببها. وقد تضاعف عدد المرضى بسبب تلك المشروبات بين عامي 2007 و2011، وفقًا لتقارير من شبكة إساءة استخدام العقاقير والمخدرات.
* كافيين خطير
وتحتوي المشروبات على مقدار مرتفع من الكافيين - 5 مرات ضعف الموجود منه في كوب للقهوة - الذي يعتبر مسؤولا في العادة عن حدوث مشكلات في القلب والأعصاب، مثل ارتفاع ضغط الدم والخفقان والدوخة والصداغ والغثيان. وقد ذكرت «مايو كلينيك» أن البالغين من الشباب الذين تناولوا قنينة واحدة من مشروب «روكستار بانتشد» ارتفعت لديهم مستويات هرمون التوتر بنسبة 74 في المائة، وارتفع ضغط الدم لديهم بنسبة 6 في المائة.
كما حذرت مراكز مراقبة الأمراض واتقائها CDC، متناولي مشروبات الطاقة من شربها مع الكحول ينزعون أكثر من غيرهم لتناول الكحول بكميات كبيرة لأن خلط الكافيين والمحفزات مع الكحول يغطي على أعراض وصول الشخص إلى حالة السكر.
كما حذرت جامعة بردو الأميركية حديثا من خلط مشروبات الطاقة مع الكحول لأنهما يؤثران على «أمخاخ» الناشئين بشكل ممثل للكوكايين. كما تحتوي المشروبات على كميات من السكر المضاف والمحليات الصناعية الذي يرتبط بزيادة التعرض لمرض السكري من النوع الثاني، والسمنة، وتسوس الأسنان.
إلا أن تضرر الكبد قد يبدو مفاجأة للكثيرين. وقال الدكتور برنشتاين إن تضرر الكبد «معروف جيدا في الأوساط الطبية، إلا أنني أعتقد أنه غير معروف لدى متناولي مشروبات الطاقة.. إن هذه المشروبات تمنحهم نوعا من التحفيز واليقظة، إلا أن ذلك لا يتم من دون عواقب محتملة».
وأخيرا عليك أن تدقق قبل أن تشرب، كما ينبغي عليك أن تدقق فيما تتناوله مع تلك المشروبات من أدوية أو مكملات غذائية أخرى. وتابع برنشتاين: «حتى ولو كان كبدك طبيعيًا، وكنت تتناول هذه المشروبات التي بمقدورها تسميم الكبد، فسوف ترى بعضا من تلك الأعراض» المرتبطة بالتسمم.

• خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».