كلما اشتدت الحرب في حلب ضاقت سبل العيش في دمشق

المدينة الشمالية لا تزال عاصمة اقتصادية لسوريا

كلما اشتدت الحرب في حلب ضاقت سبل العيش في دمشق
TT

كلما اشتدت الحرب في حلب ضاقت سبل العيش في دمشق

كلما اشتدت الحرب في حلب ضاقت سبل العيش في دمشق

كلما اشتدت المعارك في حلب ضاقت سبل العيش في دمشق وارتفعت الأسعار، فرغم الحرب الشرسة التي تدور رحاها في حلب، فما تزال عاصمة الشمال السوري تلعب دورها عاصمة اقتصادية لسوريا.
وطريق حلب التي تصفها الأغنية الحلبية الشهيرة بـ«طريق حلب مشيته كله شجر زيتون»، باتت طريقا محفوفة بمختلف أنواع المخاطر يستحيل المشي تحت أفياء أشجارها وتصعب حركة العجلات عليها. أحد تجار الجملة في دمشق يقول إن «الأسواق تتأثر بما يدور في حلب فعندما تشتد المعارك هناك أو تغلق الطرق الرئيسية بين حلب ودمشق وغيرها من مدن، تجمد حركة الأسواق جراء تأثر حركة شحن البضائع التي تنعكس أيضا على الأسعار فتزداد ارتفاعا بسبب ارتفاع تكاليف الشحن».
وخلال اليومين الماضيين قصفت الفصائل المعارضة تعزيزات عسكرية للنظام على طريق أثريا - خناصر جنوب مدينة حلب، الذي يعتبر طريق إمداد النظام الوحيد إلى المدينة. كما يعتبر الطريق الوحيدة المتاحة لنقل البضائع من حلب إلى المدن الأخرى حماه وحمص ودمشق، وما زال بعض التجار في دمشق بانتظار فتح الطريق ووصول بضائعهم من حلب، ويقول مراد إن الشحن يستغرق عادة ثلاثة أيام، في حال كان الطريق مفتوحا. هذه المرة تأخرت أسبوعا ولا يمكن التنبؤ بموعد وصولها، لافتا إلى أن عمليات شحن البضائع منذ أربعة سنوات تسير بـ«الاتكال على الله وحده» لأن شركات الشحن لا تتحمل المسؤولية عما تتعرض له البضائع في الطريق: «مصادرة، تلف، سطو، نقص.. إلخ». وكان مراد قد فقد الشهر الماضي نحو 13 طردا في الشحن بعد أن تعرضت الشاحنة للاختطاف من قبل «التعبئة»، وهي دوريات تسيرها قوات النظام على الطرقات وتصادر أي سيارة شاحنة، لاستخدامها في العمليات الحربية لمدة زمنية قبل إعادتها إلى صاحبها. ويقول مراد: «عندما نبلغ بتعرض الشاحنة للمصادرة أو للسرقة نتحمل نحن الخسارة لا شركة الشحن». علما بأن دفع أجور الشحن يكون مسبقا.
ومع تصاعد وتيرة الحرب في سوريا وغياب الأمن عن الطرقات الدولية الواصلة بين المدن، ازدادت أجور الشحن بشكل كبير،
و(الترفيق) مصطلح ظهر في سوريا خلال الحرب مع ظهور مجموعات مسلحة تابعة لميلشيات النظام في مناطق سيطرته تلزم شاحنات البضائع دفع مبالغ مادية بحسب حجم السيارة ونوع البضائع المنقولة، مقابل مرافقة الشاحنات من منطقة لأخرى، بهدف حمايتهم من التفتيش أو التوقيف أو مصادرة السيارات والبضائع التي بداخلها من قبل حواجز النظام في تلك المناطق.
ويشكو التجار من «الابتزاز» إذا صح التعبير، من قبل شركات الشحن، ودوريات الجمارك وحواجز النظام، وسائقي الشاحنات، لدى نقل بضائعهم من حلب وإلى باقي المدن، وبالعكس، فدوريات الجمارك ترفض أحيانا كثيرة الاعتراف بالبيانات العائدة للبضائع، وتلزم التجار بدفع مبالغ إضافية من دون وجه حق، وتزايدت هذه الحالات لدى صدور قرار من قبل حكومة النظام بمنع استيراد البضائع التركية وملاحقة البضائع الأجنبية المهربة، لا سيما البضائع الصينية، وهذا ما دفع غالبية التجار، وخصوصا ذوي الرساميل الصغيرة إلى الاكتفاء بتجارة البضائع المحلية الصنع لتجنب ابتزاز الجمارك الذي فاق قدرة التجار على تحمل الخسارة، وتنامى هذا التوجه مع عودة حركة الإنتاج في حلب إلى العمل، بعد أن كانت قد أصيبت بالشلل بداية اشتعال الحرب في حلب، وتفكيك غالبية المعامل والورشات وسرقة معداتها، ونزوح أصحاب الورشات بعد دمار مناطقهم، إلا أن طول أمد الحرب وغياب أي أفق لحل قريب دفع كثيرا منهم للعودة إلى العمل والبدء من جديد برساميل صغيرة تلبي احتياجات السوق المحلية.
وحسب الأرقام الرسمية عاد للعمل في مناطق سيطرة النظام في حلب نحو 904 منشآت بين صغيرة ومتوسطة وكبيرة، منها 800 منشأة في منطقة العرقوب، و50 منشأة تتعلق بصناعات الحديد والكابلات في منطقة التيارة، و30 منشأة في منطقة جبرين، و12 منشأة صناعية ثقيلة في منطقة طريق المطار، إضافة إلى إصلاح 12 منشأة في منطقة النقارين، إلى جانب عودة 95 منشأة في مدينة الشيخ نجار بحلب ليصبح بذلك عدد المنشآت العائدة إلى العمل والإنتاج نحو ألف منشأة.
وما يفسر عودة العمل إلى مناطق سيطرة النظام هو أن تلك المناطق لا تتعرض للقصف الجوي العنيف الذي تتعرض له المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من قبل سلاح الجو الروسي والسوري.
وساهمت عودة الصناعة المحلية للعمل في حلب في إنعاش أسواق دمشق وباقي المدن السورية في مناطق سيطرة النظام، وبحسب مصادر اقتصادية في دمشق، أنه عندما تعطلت صناعات حلب، افتقدت في أسواق الشام كثير من المستلزمات والمواد الأولية اللازمة للصناعات الصغيرة مثل المستلزمات البلاستيكية والورقية من مستلزمات التغليف والتوضيب ومستلزمات صناعات الأحذية والألبسة الجاهزة والأدوية والمواد الطبية وغيرها كثير، وتعطل الطرق أو تعرضها للإغلاق والقصف يلقي بظلال ثقيلة على الدورة الاقتصادية في دمشق.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.