50 سفينة في قاع البحر الأحمر تكشف عن إرث خصب قرب سواحل السعودية

حطاماتها الغارقة تتنوع في قيمتها التاريخية والأثرية

فريق سعودي تدرب على المسح الأثري تحت الماء («الشرق الأوسط»)
فريق سعودي تدرب على المسح الأثري تحت الماء («الشرق الأوسط»)
TT

50 سفينة في قاع البحر الأحمر تكشف عن إرث خصب قرب سواحل السعودية

فريق سعودي تدرب على المسح الأثري تحت الماء («الشرق الأوسط»)
فريق سعودي تدرب على المسح الأثري تحت الماء («الشرق الأوسط»)

كشفت 3 سفن غارقة في البحر الأحمر قرب سواحل السعودية عن إرث مهم جدًا في مسار الحضارة الإنسانية.
وجاء الاكتشاف على أيدي فرق أثرية مشتركة سعودية ألمانية وإيطالية، جالت في البحر الأحمر من جنوب السعودية حتى شمالها واستخرجت آثارًا قيّمة من مواقع عدة.
وأظهرت أعمال المسح والتنقيب عن الآثار الغارقة في مياه البحر الأحمر التي بدأتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية بالتعاون مع جامعات ومراكز بحثية عالمية، وجود أكثر من 50 موقعًا لحطام سفن غارقة على امتداد البحر الأحمر تتنوع في قيمتها التاريخية والأثرية والفترات التاريخية التي تعود إليها.
وأكدت «هيئة السياحة» أن الفريق السعودي الإيطالي المشترك عثر على حطام سفينة غارقة في موقع قرب مدينة أملج تحوي أشياء مختلفة عثر عليها يعود تاريخها إلى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي.
فيما عثر الفريق السعودي الألماني المشترك على بقايا حطام سفينة رومانية في البحر الأحمر، يعد أقدم حطام لسفينة أثرية وجدت على طول الساحل السعودي حتى الآن، إضافة إلى حطام سفينة أخرى تعود إلى العصر الإسلامي الأول، وذلك في المنطقة الواقعة بين رابغ شمالاً حتى الشعيبة جنوبًا.
وأجرت البعثة السعودية الإيطالية للتنقيب أعمالها قرب مدينة أملج في الشمال الغربي للسعودية.
وقال الخبير الدولي، عضو البعثة السعودية الإيطالية، الدكتور رومولو لوريتو إن البعثة ركزت جهودها خلال موسمي (2015-2016م) على دراسة حطام السفينة الغارقة في ساحل أملج، موضحًا أن الفريق تمكن من تحديد موقع حطام السفينة، والتقاط مجموعة من الصور الفوتوغرافية ثلاثية الأبعاد، وتسجيل فيديو متكامل لعمليات الغطس الأثري.
وأشاد بمهارة أعضاء الفريق السعودي وتعاونه مع البعثة الإيطالية، لافتًا إلى أن البعثة تمكنت من تدريبهم على كيفية العثور والتعامل مع الآثار الغارقة تحت المياه.
وأشار إلى أن أعمال التدريب شملت وصف السفن الغارقة وحمولتها، وكيفية التعامل مع الأشياء التي عثر عليها تحت الماء، والقيام بالرسومات الفنية لها.
وذكر لوريتو أن حطام السفينة بما في ذلك الأشياء التي عثر عليها يقع على مساحة طولها 40 مترا، وعرضها 16 مترًا، موضحًا أن موقع الحطام يمكن الحصول عليه ومعالجته كإرث حضاري ثقافي. وتابع: «الموقع يحتوي على كومة كبيرة من الجرار الملتصقة مع بعضها بعضًا، وهناك مجموعة من الأحواض الكبيرة توجد وسط السفينة، إضافة إلى أكواب من خزف البورسلان الصيني وكثير من غليون التدخين وأشياء مختلفة يعود تاريخها إلى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، واستطاع حصر 1000 جرة وحدّد أنواعًا من الجرار ستتم دراستها في المواسم المقبلة».
وأبان أن الحجم المرئي والمكتشف من السفينة يؤكد ضخامة حجمها ويتضح ذلك بمقارنة كبر إطاراتها وعوارضها الخشبية مع إطارات السفن الحالية.
ولفت إلى تشابه كبير بين موقع ساحل أملج ومواقع أخرى تقع في المياه الإقليمية المصرية مثل موقع سعدانة وموقع شرم الشيخ، مضيفًا أن البعثة ستقوم بدراسة الأشياء التي عثر عليها وتحليلها في المواسم المقبلة، ما يسهم في معرفة مزيد من طبيعة الملاحة في البحر الأحمر وثقافتها.
أما الفريق السعودي الألماني المشترك فعثر على بقايا حطام سفينة رومانية في البحر الأحمر، يعد أقدم حطام لسفينة أثرية وجدت على طول الساحل السعودي حتى الآن، إضافة إلى حطام سفينة أخرى تعود إلى العصر الإسلامي الأول، وذلك في المنطقة الواقعة بين رابغ شمالاً حتى الشعيبة جنوبًا.
وأشارت عالمة الآثار الألمانية رئيسة الفريق الألماني في البعثة ميكايلا رينفيلد إلى وجود كثير من الآثار المغمورة التي تعمل البعثة على اكتشافها، مبينة أن فريق الخبراء الألمان الموجود بالسعودية حاليًا يأتي ضمن أولوياته في هذه الفترة التركيز على تدريب الباحثين السعوديين من المهتمين بالآثار على عمليات الغوص داخل البحار لاستكشاف الآثار الغارقة في مياه البحار، وستكون المرحلة اللاحقة اكتشاف مزيد من الآثار المغمورة تحت المياه.
وأكدت أن سواحل السعودية غنية بهذا التراث التراكمي، الأمر الذي جعل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تضاعف جهودها في اكتشاف هذه الكنوز، مستعينة ببيوت خبرة دولية عالية المستوى.
إلى ذلك، أكد الباحث مهدي القرني، رئيس الفريق السعودي في بعثات التنقيب عن الآثار الغارقة أن الحضارات المتعاقبة التي شهدتها الجزيرة العربية كان لها تأثيرها في وجود آثار غارقة في سواحل البحر الأحمر، خصوصًا أن هذه الأرض كانت معبرًا لطرق التجارة القديمة، مشيرًا إلى وجود 50 موقعًا تستهدفها البعثة السعودية الألمانية للتنقيب عن الآثار الغارقة في البحر الأحمر.
وتطرق إلى أن اكتشاف الآثار المغمورة يحتاج إلى كثير من الإمكانات والخبرات المتخصصة، خصوصًا أن السواحل تحوي كثيرا من المخلفات والقطع التي لا تعد قطعا أثرية.
وقال القرني: «التراث الثقافي المغمور بالمياه جزء من هويتنا وتاريخنا الوطني، وحمايته تقع على عاتقنا جميعًا»، لافتًا إلى أن الفريق اكتسب خبرات واسعة وتجربة غنية في الكشف عن الآثار الغارقة والمغمورة بالمياه، ما أهل أفراده لنيل رخص الغوص تحت المياه وهو الأمر الذي يبشر بإعداد متخصصين في الآثار الغارقة ويسهم في اكتشاف الآثار المغمورة بواسطة طاقات وكوادر وطنية مدربة في المستقبل القريب، خصوصًا مع تزايد الاهتمام بالآثار الغارقة على المستوى الدولي وإقبال عدد من الجامعات والمؤسسات العلمية الاتجاه نحو اكتشاف الآثار الموجودة داخل المناطق البحرية.
وبين أن الفريق اكتسب خبرة وتجربة مميزة في أعمال الغوص والبحث عن الآثار الغارقة، لا سيما التدريب على أعمال المسح الأثري والحفر وتنظيف الأشياء التي عثر عليها، إذ نظف الفريق تلك الجرار والأجزاء الخشبية للسفينة الغارقة في ساحل أملج، كما تدرب الفريق السعودي على كيفية التصوير الثلاثي الأبعاد للأشياء التي عثر عليها والرسم الهندسي للقطع الفخارية. وأضاف أن نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني خصص فصلاً كاملاً عن الآثار الغارقة تضمن عددًا من المواد المنظمة التي تتعلق بالبحث داخل المناطق البحرية الخاضعة لسيادة السعودية وإعادة المكتشفات الأثرية الغارقة وتسليمها للهيئة، وكذلك التعاون بين الجهات الحكومية ذات العلاقة بالمحافظة على مواقع الآثار الغارقة والإبلاغ فورًا عن آثار غارقة يتم اكتشافها.
وأشارت الباحثة الإيطالية الدكتورة كيارا زازارا، إلى أهمية المتاحف البحرية وقالت إن هناك عددا منها تم افتتاحه مؤخرًا في منطقة غرب المحيط الهندي، بهدف ربط علاقة الشعوب بالبحر من خلال الوقوف على جميع الأنشطة ذات العلاقة البحرية القديمة مثل الملاحة، وبناء المراكب، والتجارة البحرية. وتابعت: «يمكن أن تشمل هذه المتاحف السفن الغارقة بمحتوياتها الأثرية المختلفة، وإقامة عروض مرئية عن هذا الإرث الثقافي الحضاري».
ولفتت إلى معوقات البحث والاهتمام بالسفن الغارقة، مثل استمرار نمو السواحل المرجانية، والمياه الدافئة التي تؤثر على حفظ المواد الأثرية، وعدم وجود منهجية لدراسات المواقع الغارقة.
واعتبرت عالمة الآثار الألمانية رئيسة الفريق الألماني في البعثة ميكايلا رينفيلد، أن حماية الآثار الغارقة تقوم على عناصر عدة، منها التوعية بأهمية الآثار الغارقة وتأهيل المختصين في الآثار الغارقة، وكذلك تبني الجامعات لمناهج علمية تدرس هذه الآثار وكيفية استكشافها وحمايتها، إضافة إلى دور المتاحف في حفظها وعرضها والتعريف بها، ووجود مختبرات لدراسة المكتشفات الأثرية الغارقة وكيفية التعامل معها بطرق علمية مدروسة، فضلاً عن دور الجانب القانوني في حماية هذه الآثار ومنع التعدي عليها، مشيرة إلى الاتفاقية الدولية لحماية الآثار الغارقة.
وتطرق عبد الحميد الحشاش مدير مكتب الآثار بالمنطقة الشرقية سابقًا، إلى أن الخليج العربي والبحر الأحمر منذ القدم يمثلان طريقين رئيسيين للتجارة العالمية والبحرية من الشرق إلى الغرب وتناوب كل منهما السيادة على طريق التجارة وقد كان تاريخهما مليئًا بالأحداث والمغامرات والمكتشفات، وأنشئت على سواحلهما كثير من الموانئ والمرافئ التي أدت دورًا كبيرًا في الحركة الملاحية في كليهما على مر العصور منذ أكثر من أربعة آلاف سنة تقريبًا فارتادت هذه الطرق حضارات مختلفة مثل الحضارة المصرية القديمة والحضارات الفينيقية والساسانية والدلمونية والسومرية واليونانية والرومانية وحضارات الممالك العربية في جنوب الجزيرة العربية وشرقها وغربها إضافة إلى الحضارة الإسلامية، فازدهرت تلك الموانئ ونمت نتيجة التبادل التجاري بين مراكز الاستقرار التي قامت على شواطئها، وأصبحت هذه المراكز من أكبر الأسواق العالمية شهرة وتجارة وثراء، ما حرك شهوات الطامعين وأثار ما بين المستعمرين الدول الكبرى والصغرى المنازعات والمنافسات منذ فجر التاريخ.
وعن أنواع المكتشفات داخل قاع البحر، أوضح عبد الحميد الحشاش، أن الأثريين يجدون تحت قاع البحر نوعين من المقتنيات غالبًا هما، آثار ثابتة ومواقع أثرية مطمورة: تمثل بقايا مدن وموانئ تعرضت لغمرها بالمياه نتيجة التغيرات الجيولوجية مثل الزلازل والبراكين أو تقدم ماء البحر على اليابسة فابتلعتها الأمواج، أو آثار منقولة، وهي بقايا حطام السفن أو المراكب وما تحمله من آثار غرقت لسوء الملاحة والأحوال الجوية مثل الأعاصير أو الحرائق أو المعارك.
وأشار إلى أن في كثير من دول العالم مثل أميركا وأوروبا والدول المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط وبعض الدول المطلة على البحر الأحمر مثل مصر والأردن والسودان، جرت عمليات للكشف عن آثار المدن والموانئ الغارقة وانتشال كثير من حطام السفن، كما تم الكشف عن كنوز لا تقدر بثمن جرت صيانتها وعرضها في متاحف، وأصبحت من أهم ما تتميز بها مؤسساتهم المتحفية، ومن أهم سمات الحضارات الإنسانية لدى شعوبها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».