مستشار سابق لجعجع: «حزب الله» يريد دولة لبنانية على مقاسه ويسيطر عليها

قال إن لدى عون اتفاقات متعددة وسيتوجب عليه مراعاة جميع الأطراف التي صوتت لصالحه

مستشار سابق لجعجع: «حزب الله» يريد دولة لبنانية على مقاسه ويسيطر عليها
TT

مستشار سابق لجعجع: «حزب الله» يريد دولة لبنانية على مقاسه ويسيطر عليها

مستشار سابق لجعجع: «حزب الله» يريد دولة لبنانية على مقاسه ويسيطر عليها

أغلق القصر الجمهوري اللبناني أبوابه في 26 مايو (أيار) 2014، ليبقى الكرسي الرئاسي شاغرًا. وخلال عامين ونصف العام، عقدت عشرات الجلسات البرلمانية من دون انتخاب رئيس، وكان النصاب يتعطل بانسحاب بعض الكتل أثناء التصويت أو بسبب تغيّبها عن الجلسات. وحال الانقسام السياسي الداخلي بين قوى (8 آذار) و(14 آذار)، دون انتخاب رئيس أو بالحد الادنى الاتفاق على تسمية رئيس توافقي.
يوم غد قد يصبح للبنان رئيس بعد تبني القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، ترشيح ميشال عون للمنصب، ومباركة تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، الأمر الذي يفرض تساؤلات جدّية بشأن مصير لبنان الدولة والكيان وانتمائه العربي.
وإجابة على تساؤلات كثيرة كان لصحيفة «الشرق الأوسط» حديث مع الدكتور توفيق الهندي المستشار السياسي الخاص السابق لجعجع؛ الذي يرى بتسلم عون لرئاسة الجمهورية غدًا الاثنين حالة استكمال لتحول لبنان من سلطة "حزب الله" بالامر الواقع إلى سلطة الحزب بالامر الواقع والدستور.
وأكّد الهندي، أنّ لا تغيير في الوضع اللبناني العام بمجيء عون، بل سيكون نتاج انتقال قرارات حزب الله من الأمر الواقع إلى الدستور والسلطة الشرعية. موضحًا أنّ "لدى عون اتفاقات متعددة وبالتالي ستزداد اتفاقياته وسيتوجّب عليه مراعاة جميع الأطراف التي صوتت لصالحه، فلن يكون كما يُعتقد، الرئيس القوي". واستطرد قائلًا
"الخوف اليوم ليس أن يزول اتفاق الطائف بقدر ما هو الخوف على زوال لبنان".
وأشار الهندي إلى أنّ لعبة السلطة في لبنان أصبحت لعبة صغيرة وان اللاعبين صغار، وأن الأهم في هذه العملية قول حزب الله، وإن كان في مرحلة سابقة متخوفًا من مجيء عون رئيسًا كي لا يخسره حليفًا له؛ فقد أعلن أنّ لا رئيس إلا هو، واليوم أذعن جعجع أولًا لهذا الطلب ومن بعده دُفع الحريري على القبول به".
وردًا على سؤال، هل تعتبر أنّ ما يسمى بـ"حزب الله" استطاع تطويع جميع الاطراف اللبنانية للقبول بعون رئيسًا؟ قال "أبدًا ليس الجميع، فهناك أطراف كلاسيكية لم تطوّع، وحزب الكتاب غير معني في عملية الاذعان"، وتابع موضحًا "يعتقد كثيرون وحسبما يروج أنّ عون وجعجع (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية)، يمثلون النسبة الأكبر من مسيحيي لبنان؛ ولكن الفريقين لا يمثلان أكثر من 20 في المائة من المسيحيين، هناك أطراف أخرى تمثلهم، وغالبية لا يستهان بها لا يجدون أنفسهم ممثلين بأي طرف من الاطراف السياسية الكلاسيكية، بسبب النفور الحاد من الجسم السياسي اللبناني الموجود".
وعن الرئيس الأنسب لهذه الفترة التي يمرّ بها البلد قال "منذ عامين ونصف العام، عقد أول اجتماع بين الحريري وعون في العاصمة الفرنسية باريس، حاولت حينها إقناع جعجع بترشيح عون والتصويت له. في تلك الفترة كان الوضع مختلفًا، وكما هو ظاهر فعون لن يتخلى أبدًا عن ترشيحه، وحزب الله لم يكن لديه سوى القول إنّ عون مرشحه الرئاسي على الرغم من جميع مخاوفه". وتابع "اليوم اختلف ميزان القوى، فقد ظهر الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، ولم يكن هذا التمدّد الإيراني كما هو حاليًا، ولم يكن الوجود الروسي في المنطقة لدعم الرئيس بشار الاسد، أمّا اليوم فاختلفت الأمور. كان من المعقول تنصيب عون رئيسًا وعلى الرغم من أنّه لم يكن ليقف ضدّ حزب الله إنّما في المقابل لم يكن ليصبح معه، في تلك الفترة كان سيحاول أن يكون وسطيًا؛ ولكن مع قبول جعجع والحريري باقتراح حزب الله، مجيء عون قد تغير معناه الآن".
وفي شأن قول جعجع إنّ عون صناعة لبنانبة 100 في المائة يرد الهندي "عندما يتحدث بهذا المنطق فهو بالتالي يتكلم ضدّ قناعاته، لأنه يدرك تماما، أنّ عون ليس هو المفاوض الحقيقي بل حزب الله، مقولة صناعة لبنانية تعني اعتبار حزب الله حزبًا لبنانيًا 100%، لا شكّ أن الجنسية اللبنانية موجودة لدى كل أعضائه، إنّما المشروع السياسي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بما يتناسب وولاية الفقيه، وجعجع يدرك تمامًا المسألة".
وعن مصداقية ما يسمى بحزب الله في تبنيه عون، أجاب "كنت ككثيرين من الذين اعتقدوا بداية أن حزب الله ضدّ عون، فهو يريده حليفًا وليس رئيسًا، فعون بالنسبة للحزب يمثل أولًا :الطرف الذي أراده أن يحول المعادلة اللبنانية من سنيّ_ماروني إلى شيعي_ماروني. وثانيًا فقد عون جرّ قسم من المسيحيين الذين كانوا ضدّ الحزب وإيران وسوريا الاسد ليصبحوا مناصرين، والأمر الثالث أنّ عون قائد مسحيي الشرق المدعومين من جبهة ممانعة بوجه تكفير سني"، حسبما يروج له ما يسمى بحزب الله وإيران.
وينتقد موقف جعجع ومن يعتقد أن عون غيّر مساره فيقول "جعجع لحق بعون تحت سلطة وتسلط حزب الله، إنّها مسألة ميزان قوى وليست خيارًا".
وحول تصوره لمستقبل تعاون حزب الله مع المؤسسات السياسية اللبنانية بعد انتهاء الشغور الرئاسي، ردّ الهندي "حزب الله يريد دولة لبنانية على مقاسه، كما يريد دولة يسيطر عليها، كما أنّه يريد عمل المؤسسات؛ ولكن حسب رغباته، وأن تكون هذه الدولة حامية لوجوده".
وعن وضع المنطقة والمد الإيراني أفاد "تخوض إيران اليوم معركة في المنطقة، من خلال الميليشيات التابعة لها في جميع العالم العربي، من (ميليشيا) الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان والمتمردين الحوثيين في اليمن وفيلق القدس، وتحاول دول الخليج العربي والسعودية صدّ هذه الهجمة وهذا المد الايراني".
وعن رأيه في تعهد الحريري في حال شكّل الحكومة المقبلة باقناع جميع الاطراف اللبنانية بالعودة إلى الوطن والكف عن التدخل في النزاعات الخارجية، قال "لن يتمكن أبدًا من ذلك، فالطرف الأقوى يتحكم بالموازين، ولن يقتنع الحزب بالأمر".
وختم حديثه بقوله إنّ ما يسمى بـ"حزب الله" هو جزء من جمهورية إيران وبشكل أخص هو خليقة الحرس الثوري وخليقة فيلق القدس، وهو يشارك بشكل ولو صغير بتحديد الاولويات. وأكبر دليل على ذلك، ولاء الحزب لولاية الفقيه وإعطائه الأولوية لإيران وليس للبنان، وانخراطه في النزاع السوري وتدخله في اليمن بدعمه للحوثيين وهجومه على دول الخليج خصوصًا على السعودية، وجميع هذه الخيارات لا تدخل في مصلحة لبنان بل تدخل في مصلحة استراتيجية ايرانية.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.