«حرب باردة» جديدة بين واشنطن وموسكو

«سي آي إيه» تدرس خيارات للرد على الاختراقات «السيبرانية» الروسية

«حرب باردة» جديدة بين واشنطن وموسكو
TT

«حرب باردة» جديدة بين واشنطن وموسكو

«حرب باردة» جديدة بين واشنطن وموسكو

تعرضت الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي لموجة هائلة من الهجمات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، وخلال يوم الجمعة الماضي شهدت مواقع أميركية شهيرة، مثل «أمازون» و«تويتر» و«نتفليكس» و«رديت» و«اتسلي»، إضافة إلى مواقع لصحف مثل «نيويورك تايمز» و«بوسطن غلوب» إلى أضرار نتيجة اختراق مواقعها، وتم إغلاق المواقع والخدمات في كافة أنحاء الساحل الشرقي للولايات المتحدة. من ناحية أخرى، كانت روسيا قد استأنفت خطط التطور التقني مع مجيء الرئيس فلاديمير بوتين إلى السلطة في عام 2000، بعد سنوات من التراجع التقني أمام الغرب. ويومها، اتخذ القرار بإعادة تفعيل هذا الجانب، رغم أن التطور التكنولوجي كان قائمًا في سنوات الحرب الباردة، حيث شهدت تنافسًا تقنيًا مع الولايات المتحدة الأميركية، وتحديدًا في مجال الصواريخ الجو فضائية.
الجانب السياسي للهجمات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، وتحديدًا طموحات موسكو السياسية والأمنية، تعزز بعدما تسربت خلال الأسابيع والشهور الماضية «الإيميلات» الخاصة بكبار الشخصيات الأميركية، وشملت المراسلات الإلكترونية جون بوديستا، مدير حملة المرشحة الرئاسية الديمقراطية هيلاري كلينتون، ووزير الخارجية الأسبق كولن باول، وكذلك تسريب للبريد الإلكتروني لرئيسة لجنة الحزب الديمقراطي ديبي واسرمان شولتز؛ ما دفعها إلى الاستقالة، وهذا إضافة إلى تحذيرات من هجمات إلكترونية روسية لمواقع سجلات الناخبين الأميركيين في ولايات عدة. وأخيرًا، مع تصريحات المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب حول «تلاعب محتمل» في نتائج الانتخابات، يخشى المسؤولون من تعرض الناخبين لعمليات خداع وتضليل.

المشهد.. أميركيًا
يقول خبراء أمنيون في شركة إنترنت ترافيك كومباني Internet traffic company، إن الهجمات الأخيرة كانت جيدة التخطيط والتنفيذ، وجاءت من عشرات الملايين من عناوين الإنترنت في وقت واحد، ويوجه هؤلاء أصابع الاتهام صراحة إلى دول مثل روسيا والصين اللتين، كما يقولون، تعملان على تطوير قدرات لشن حرب إلكترونية متقدمة ضد الولايات المتحدة والغرب.
في هذا السياق، انتقد كل من نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، ومدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر ووزير الأمن الداخلي جيه جونسون، روسيا علانية، واتهموها بالوقوف وراء هذه «الاختراقات لشبكة الإنترنت». ومن ثم هددت الإدارة الأميركية بالرد على الاختراقات الإنترنتية أو «السيبرانية» الروسية، وقال مسؤولون في الاستخبارات الأميركية لشبكة «إن بي سي نيوز» الإخبارية التلفزيونية، إن إدارة الرئيس باراك أوباما «تفكر في شن هجوم سري سيبراني لم يسبق له مثيل ضد روسيا ردًا على الشكوك في اختراق روسي لمواقع سجلات الانتخابات الأميركية».
وحسب التقارير طلبت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) من مسؤولين حاليين وسابقين وضع مقترحات وخيارات للبيت الأبيض من أجل شن عملية «سيبرانية» سرية واسعة النطاق تهدف إلى إحراج قيادات الكرملين. كذلك تشير المصادر الاستخباراتية إلى أن خطة وضعت بالفعل وتحددت فيها الأهداف وجرى وضع التحضيرات. ويشير محللون في هذا الإطار إلى أن «سي آي إيه» ترغب في التصعيد، وتتحضر حقًا لعمل «سيبراني» كبير، و«بعض الخيارات تشمل تسريبا لوثائق خاصة للرئيس الروسي فلاديمير يوتين».
من جهة ثانية، يقول نيكولاس ويفر، أحد كبار الباحثين في معهد علوم الحاسب الدولية بجامعة كاليفورنيا، بيركلي «إن الإعلان عن الاختراقات من قبل وكالة الاستخبارات المركزية إما يعني أن الوكالة تريد الضغط على إدارة الرئيس أوباما للحصول على موافقته في تصعيد الحرب الإلكترونية ضد روسيا، أو أن الأمر كله خدعة.. وكل ما تسعى الوكالة إليه هو محاولة تخويف روسيا، وإلا فأين كل عباقرة ووكالات الأمن القومي؟»، ويتابع ويفر «لو أقررنا بهذه الاختراقات، فهل الرد بتسريب وثائق خاصة ببوتين ستجعله يخاف ويتوقف عن شن مزيد من الهجمات الإلكترونية؟ بالطبع لا، بل إن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن التوترات بين القوتين ستتزايد عبر الإنترنت».
من جانبه، يشير جيمس ستافريديس، المسؤول العسكري السابق في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، إلى أنه يتوجب على الولايات المتحدة «تجميع أدلة ضد روسيا والكشف عن أسماء المسؤولين الروس الذي سمحوا بهذه الهجمات الإلكترونية ضد الولايات المتحدة بما يضع موسكو في وضع محرج». وبينما اقترح بعض الخبراء استخدام تقنيات إلكترونية لفضح الرئيس الروسي والكشف عن ممتلكاته المالية في الخارج، رأى آخرون أن هذه الخطوات يمكن أن تفاقم الأزمة المتصاعدة أكثر بين واشنطن وموسكو.

التحدي الروسي الجدي
وحول الأزمة المتفاقمة يعلق البروفسور ديفيد ستابلس، مدير مركز العلوم الأمنية بجامعة سيتي – لندن، بأن الاستخبارات الروسية «قررت منذ سنوات جعل الحرب الإلكترونية أولوية دفاعية وطنية وباتت بارعة على نحو متزايد في شن الهجمات (السيبرانية)..».. ويتابع ستابلس إن «روسيا قررت منذ عام 2007 أن حرب المعلومات هي المحور الرئيسي لكسب أي نزاع في العالم، وبالتالي، قررت ضخ استثمارات عسكرية لرفع القدرة والتكنولوجيا، واليوم غدت روسيا موطنًا لأفضل المتسللين والقراصنة الإلكترونيين في العالم، خلال فترة عشر سنوات فقط ها هي روسيا مستعدة لخوض حرب إلكترونية مع الولايات المتحدة».
في هذه الأثناء، هناك البعد الاقتصادي؛ إذ يحذر الخبراء من حرب إلكترونية ضد الاقتصاد الأميركي، إذ يبلغ حجم «الاقتصاد الجديد عبر الإنترنت» أكثر من تريليون دولار، ومن دون شبكة الإنترنت فإن أعدادًا كبيرة من الشركات قد لا تظل قادرة على العمل بشكل طبيعي، وهنا تتزايد المخاوف فعليًا من اختراقات للبنوك والأنظمة المالية وشبكات أسواق المال.
كذلك امتدت المخاوف إلى الجانب العسكري، وحذر النائب الجمهوري دنكان هنتر، عن ولاية كاليفورنيا، وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» من تنفيذ خطتها لتقديم خدمة الإنترنت منخفض التكلفة للجنود الأميركيين في أماكن مثل العراق وأفغانستان، وحذر هنتر الذي عمل ضابط مشاة بالبحرية الأميركية في العراق وأفغانستان من المخاطر الأمنية في هذا الصدد؛ إذ قال: «يمكن أن تتعرض القوات الأميركية المقاتلة المنتشرة هناك لسرقة المعلومات الشخصية عبر شبكة إنترنت غير محمية يسيطر عليها دول معادية». وطالب سياسي آخر هو النائب ادم سيف، كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، بالإحجام عن أي خطوة تستفز روسيا وتؤدي إلى مزيد من التصعيد، وشدد «لا أريد اتخاذ أي خطوة تؤدي إلى مزيد من التصعيد تدفع روسيا على الأرجح إلى نشر رسائل بريد إلكتروني ووثائق مزورة لا يمكن دحضها بسهولة خلال الأسبوعين المقبلين قبل الانتخابات الرئاسية».
وبينما أشار السيناتور الجمهوري كوري غاردنر، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية والأمن السيبراني الدولي في مجلس الشيوخ، أنه يعتزم تقديم تشريع لفرض عقوبات على روسيا، يقول فرانكلن رايدر، مدير مركز أمن الإنترنت بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية: «جيد أن تفكر إدارة أوباما بجدية في كيفية الرد على العدوان الروسي للفضاء الإلكتروني، لكن لا بد من وضع استراتيجية جيدة للرد، وأن يكون الرد هادئا باستخدام الكثير من الأدوات مثل هجوم سيبراني مضاد وفرض عقوبات وزيادة الدعم لدول حليفة وصديقة تتعرض لهجمات من روسيا وهكذا». وأضاف غاردنر «يجب ألا يكون الرد هجمة مضادة لمرة واحدة، وإنما يجب على الولايات المتحدة وضع خطة أكثر انتظامًا بالتوازي مع العمل لحماية الأسرار وأنظمة الاستخبارات، ولا ينبغي أن تكون الولايات المتحدة وحدها في هذا الجهد، بل يجب التنسيق مع الحلفاء والشركاء الآخرين المتضررين من العمليات الإلكترونية».

.. والمشهد روسيًا
في هذه الأثناء، في موسكو ينفي الجانب الروسي على المستوى الرسمي ضلوع أجهزة استخباراته بها، ويذكر أن وسائل إعلام عالمية نقلت في الأسبوع الأخير من أكتوبر (تشرين الأول) معلومات عن اختراق «قرصان إنترنت» أميركي لقبه «شوت» الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية، إلا أن ماريا زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية أكدت أن الموقع الرسمي للوزارة يعمل ولم يتعرض لأي هجمات إلكترونية، مرجحة أن الحديث ربما يدور عن الموقع القديم للوزارة. ولم يكن الحديث عن اختراق الصفحة الرسمية للخارجية الروسية سوى صفحة من صفحات مواجهة بدأت سريعا بالتزامن مع انطلاق الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة صيف العام الحالي. كما اشتكت الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات في الرياضة ممن قالت إنهم «قراصنة إنترنت» من روسيا يقفون خلف عملية نشر قوائم بأسماء الرياضيين الذين يتناولون منشطات بموافقة من الوكالة.
وعلى الرغم من نفي روسيا في كل حالات الاختراق مسؤوليتها عن تلك الهجمات، وتأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حديث لوكالة «بلومبيرغ» بأن «روسيا على المستوى الحكومي لم تقم يوما بمثل هذا العمل».
ويرى فلاديمير بروتير، الخبير الروسي من المعهد الدولي للدراسات الإنسانية – السياسية، أن الرد الذي توعدت به الولايات المتحدة روسيا سيكون موجها بصورة رئيسية على تقييد وصول روسيا إلى الفضاء الإلكتروني، مرجحا أن «الولايات المتحدة ستستغل إمكاناتها لحجب تلك الإمكانات والمخدمات التي تستخدمها روسيا في العالم الإلكتروني»، وموضحا أن «روسيا كثيرا ما تستخدم قدرات ونطاقات اتصالات معينة في الفضاء الإلكتروني العالمي لحل بعض المسائل، بما في ذلك لتسهيل حركة مرور بعض العمليات المالية الاقتصادية وغيرها. وسيتم حجب جزء (قسم) من تلك الإمكانات والقدرات»، حسب قول الخبير بروتير.

المواجهة ليست جديدة
أما الخبير الروسي رومان روماتشيوف، المدير العام لوكالة تقنيات التجسس (بي - تيكنو)، فيلفت إلى أن «الدول العصرية تستخدم في الواقع قراصنة الإنترنت أكثر فأكثر كأداة للتأثير في السياسة»، ويؤكد انطلاقا من تلك الرؤية أن المواجهة الإلكترونية بين روسيا والولايات المتحدة بدأت منذ وقت بعيد. ويعتقد روماتشيوف، أن مؤسسات السلطة الروسية ليست مهددة؛ لأنها حسب قوله «لا تحتفظ بأي معلومات سرية على مواقعها»، موضحا أن هذا الأمر يعكس السياسة التي تتبعها روسيا بشكل عام في هذا المجال؛ ولذلك «لا تنشر المؤسسات الحكومية سوى الأخبار».
إلا أن خطورة الدخول في مواجهة إلكترونية لا تقتصر على مسألة كشف الرسائل ومحاولة الوصول لأسرار الحكومات، ولعل خير توضيح لمدى جدية تلك المواجهة يعكسه بدقة قرار حلف شمال الأطلسي «ناتو» عام 2016 اعتبار الفضاء الإلكتروني رسميا بأنه «ساحة مواجهة» محتملة، علما بأن الحلف كان في السابق يطلق هذا الوصف فقط على البر والبحر والأجواء والفضاء. وكانت الولايات المتحدة أول من نظر إلى الفضاء الإلكتروني بأنه ساحة مواجهة، وذلك ضمن نص استراتيجية اعتمدتها عام 2011 حول النشاط في ذلك الفضاء، وتمنح فيه لنفسها الحق بالرد على «الأعمال التخريبية في الفضاء الإلكتروني» بكل الوسائل المتاحة. وفي نهاية العام ذاته، اعتمدت وزارة الدفاع الروسية عقيدة مشابهة للاستراتيجية الأميركية. وما زال العالم يذكر حتى الآن العبارة التي استخدمها جون هامر، نائب وزير الدفاع الأميركي عام 1997، في عهد بيل كلينتون، حين تعطلت محطة كهرباء في سان فرانسيسكو وبقي 125 ألف مواطن دون كهرباء يوما بأكمله؛ إذ أطلق هامر حينها لأول مرة تعبير «بيل هاربر إلكترونية» في إشارة منه إلى خطورة الهجمات عبر الفضاء الإلكتروني، ومحذرا من الأعمال التي يمكن القيام بها بواسطة التقنيات الإلكترونية التي كانت تعتبر حينها حديثة العهد نوعا ما.

توقع التصعيد
ويبدو أن المواجهة في الفضاء الإلكتروني وخطورة استخدام الرقميات بشكل عام لأغراض غير قانونية واختراقها للتجسس أو تحويلها إلى أجهزة تنصت، تتجه نحو التصعيد الأمر الذي سيفرض على القوى المعنية ودول العالم ككل العمل على صياغة معاهدات واتفاقيات لضبط تلك المواجهة على غرار المعاهدات في المجال النووي وغيرها من معاهدات حظر الأسلحة. وكانت روسيا قد عرضت عام 1999 على الأمم المتحدة مشروع قرار «الإنجازات في مجال المعلومات والاتصالات في سياق الأمن الدولي»، وتم حينها اعتماد القرار بالإجماع. وفي عام 2011 عرضت الدبلوماسية الروسية نص معاهدة بعنوان «حول ضمان الأمن المعلوماتي العالمي»، تحدد فيها معايير تنظيم استخدام الإنترنت مع أخذ التحديات السياسية، والإجرامية والإرهابية بالحسبان، وتدعو المعاهدة إلى «عدم السماح باستخدام تقنيات الاتصالات في أعمال عدائية». إلا أن الولايات المتحدة اعتبرت تلك المعاهدة المقترحة «غير واقعية»، وأنها لن تكون فاعلة في مسألة الفضاء الإلكتروني، بينما رأت فيما الدعوة بتعميم مبادئ عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول ومنح الحكومات المحلية صلاحيات واسعة في الفضاء الإلكتروني بأنها «محاولة لترسيخ الرقابة وتحكم الدول بالشبكة العنكبوتية المحلية». وكانت هناك مبادرات أخرى في هذا المجال عبر الأمم المتحدة وآلياتها، إلا أنه لا يوجد حتى الآن معاهدة واضحة أو معايير متوافق عليها لتنظيم النشاط في الفضاء الإلكتروني والحفاظ عليه بعيدا عن المواجهات.
في هذه الأثناء، يبدو أن بقاء الوضع ضمن معايير ضبط أمر يناسب القوى الكبرى التي تراهن على الاستفادة من الهجمات الإلكترونية لإضعاف قوى «العدو». وحسب الاستراتيجية الإلكترونية الأميركية المعتمدة عام 2015، يأمل العسكريون الأميركيون أن تسمح لهم القدرات الهجومية عبر الفضاء الإلكتروني بشل مراكز قيادة «العدو» وحرمانه من القدرة على استخدام أسلحته. وتراهن دول أخرى بما في ذلك روسيا على الاستفادة من سلاح الهجمات عبر الفضاء الإلكتروني. كما لا يمكن تجاهل الأهمية التي تمنحها أجهزة الاستخبارات حول العالم لقدرات الفضاء الإلكتروني، ولا سيما لأغراض التجسس؛ إذ لم تعد تلك المؤسسات مطالبة في كل الحالات لتجنيد عملاء أو إرسال جواسيس للحصول على معلومات محددة، ويكفي توظيف عبقري في هذا المجال لتنفيذ عمليات اختراق تحقق نتائج أفضل من تلك التي يمكن لجاسوس تحقيقها، وبقدر أقل من التكلفة والخسائر.

كابلات الإنترنت
في العاصمة اللبنانية بيروت التقت «الشرق الأوسط» بالمتخصص بشؤون الأمن القومي الروسي محمد سيف الدين، وسألته عن أبعاد الحرب «السيبرانية» الحالية، فقال: إن موسكو «تدرك أن احتمالات المواجهة المباشرة العسكرية المباشرة مع الغرب، ضعيفة جدًا رغم التوتر؛ لأن الطرفين اختبرا أهوال الحرب، وأن لغة الحرب العصرية، تتخطى منطق الحرب العسكرية المباشرة، وهي الدوافع التي جعلتهم يهتمون إلى حد كبير بالحرب السيبرية».
ويضيف سيف الدين: «بحسب الإعلان، ثمة قراصنة روس يستطيعون الدخول إلى أكبر المواقع الإلكترونية الأميركية تحصينًا، ولا يعرف إن كانوا قراصنة أفرادا، أم مدعومين من الحكومة الروسية، لكن ما هو معلن أن مصدره الأراضي الروسية؛ ما يؤكد أن هناك حربًا تدور في هذا المجال». وإذ يؤكد الخبير اللبناني أن الروس لم يستطيعوا فرض توازن في هذا الجانب التقني مع الغرب «حتى اللحظة»، وأن التفوق لصالح الغرب، يشير إلى أن القراصنة الروس «يستطيعون إحداث ضرر على المستوى التقني».
والواضح أن القرصنة الإلكترونية، تعد جانبا من جوانب الحرب السيبرانية بين روسيا والغرب، في ظل وجود منظومة الردع الإلكتروني الروسية المعلنة، التي تُسمى «كاسبرسكي»؛ ما يشير إلى أن الحرب السيبرية، تعمل على مستويين: الهجوم والدفاع. ووفق الاستراتيجية الأمنية الروسية في عام 2009 التي دخلت حيز الأمن في عام 2012: «ورد حرفيا أن هناك ضرورة لإقامة منظومات حماية إلكترونية»، بحسب سيف الدين، وبالتالي، باتت الحرب السيبرانية تشبه منظومات الصواريخ: هجومية ودفاعية. وحققت منظومات الحماية الروسية الإلكترونية، نجاحًا في وقت الاختراقات الإلكترونية الغربية للمنظومة النووية الإيرانية بعد سنوات من اختراقها، قبل أربع سنوات. ويختتم سيف الدين كلامه بالقول: «جزء من المساعدات الروسية لإيران تكون من الجانب التقني، بهدف حماية الداتا الإيرانية من الخروقات الغربية... كوريا الشمالية وإيران تعتمدان على منظومات تقنية روسية للحماية، ولا يعرف ما إذا كانت الدولتان تحصلان على منظومات الحماية الإلكترونية من السوق السوداء أم من الحكومة الروسية مباشرة».
من ناحية ثانية، تحدث الدكتور هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية في بيروت، عن تدشين روسيا في عام 2014 تقنية جديدة للتجسس على كوابل الإنترنت، بإطلاق السفينة «يانتار»، التي دخلت الخدمة في صفوف الجيش الروسي في عام 2015، وتوصف هذه السفينة بأنها مركبة معدة للمحيطات وسفينة ذات أغراض خاصة؛ ما يشير إلى أنها سفينة تجسس، بحسب ما ذكر موقع «هايسوتون» في الإنترنت المتخصص بمتابعة حركة السفن البحرية والغواصات، مشيرًا إلى أنها قد تكون معدة أيضًا لقطع خطوط الاتصالات.
ثم أضاف، أن بداية عمل السفينة كانت قبالة السواحل الكوبية، حيث تمر الكوابل البحرية الناقلة لمعلومات الإنترنت؛ ما يشير إلى أنها أداة تقنية، معدة لجمع المعلومات من موابل الإنترنت التي تصل إلى أميركا، أو تخرج منها إلى العالم. فقد تواجدت السفينة العام الماضي قرب خطوط الإنترنت البحرية قرابة السواحل الكوبية، تلك التي تنقل معظم خطوط الاتصالات العالمية لشبكة الإنترنت؛ الأمر الذي أثار مخاوف مسؤولين أميركيين من احتمال أن تكون روسيا قد خططت لقطع هذه الخطوط أو التجسس عليها.
وتابع جابر، أنه من خلال هذه السفينة، يبدو أن روسيا لا تنوي جمع المعلومات عن الولايات المتحدة فحسب، بل في المناطق التي تطمح روسيا ليكون لها نفوذ فيها. ذلك أن انتهاء مهمتها قبالة السواحل الكوبية، لم يمنع موسكو من نقلها إلى مواقع أخرى، وأهمها منطقة البحر المتوسط. ففي مطلع هذا الشهر، أثارت السفينة الروسية المعدة للتجسس التي تواجدت قبالة السواحل اللبنانية، شبهات حول تنصت على كوابل الإنترنت البحرية التي تمر عبر البحر المتوسط من قبرص إلى لبنان والساحل السوري، وذلك في أحدث تواجد عسكري روسي في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، استبقت وصول حاملة الطائرات الروسية إلى المنطقة.
وأضاف جابر: «الواضح أن روسيا حين دخلت البحر المتوسط والمياه الدافئة بحيث الحشد العسكري بالفرقاطات والسفن، لا يمكن أن تدخلها من غير جمع معلومات متكاملة عن أمن المنطقة بشكل كامل، وهو ما يفسر وجود السفينة هنا... إنها تشبه سفينة ليبرتي الأميركية التي قصفها الإسرائيليون في البحر المتوسط في الستينات، لكن هذه السفينة أكثر تطورًا من سفينة كانت موجودة قبل 50 عامًا، وتحمل أجهزة متطورة لجمع المعلومات وتحليلها، ونقل خلاصات عنها إلى موسكو لتخزينها واستثمارها أيضا».



موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)
لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)
TT

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)
لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ مستوياتها منذ تفكّك الاتحاد السوفياتي السابق، وجرى تقويض كل قنوات الاتصال السياسية والدبلوماسية والأمنية. وحتى «الخط الساخن» الذي طالما عوّل عليه البلدان لمواجهة الظروف الطارئة وتجنّب الانزلاق إلى احتكاكات مقصودة أو غير مقصودة، جرى تجميده كلياً. كانت تلك، وفقاً لمسؤولين روس، أسوأ أربع سنوات في العلاقات، ولقد تحوّلت فيها الولايات المتحدة إلى خصم مباشر، و«شريك رئيس في الحرب الهجينة ضد روسيا». ولم ينعكس التدهور فقط في ملفات أوكرانيا والأمن الاستراتيجي والوضع في أوروبا - وهي القضايا المركزية التي تشغل بال الكرملين - بل أيضاً امتد في تأثيره بعيداً عن الجغرافيا الحيوية لروسيا... ليصل إلى الملفات الإقليمية الساخنة في الشرق الأوسط التي شهدت تصعيداً متواصلاً فاقم تأجيج الأزمة في العلاقات.

بمجرد اتضاح نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بدأ محللون روس في وضع «سيناريوهات» للتقارب مع الإدارة الجمهورية الجديدة في واشنطن. ولطالما كان ينظر في موسكو للرئيس المنتخب دونالد ترمب على أنه «قادر على إعادة تشغيل العلاقات مع موسكو»، والتوصل إلى تسويات أو «صفقات» حول القضايا الأكثر خلافية.

بيد أن الكرملين كان قد خاض تجربة مريرة مع ولاية ترمب الأولى، عندما بدا الرئيس - المتهم بالتعاون سرّاً مع روسيا - عاجزاً عن مواجهة تركة باراك أوباما الثقيلة في العلاقة مع موسكو. لذلك لم ينجح التفاؤل الروسي في حينه، ولا الخطوات المحدودة التي انتهجها ترمب في تحسين العلاقات جدياً، ووضع «سيناريوهات» للتعاون في ملفات دولية أو إقليمية. بل بالعكس من ذلك، فقد واجهت روسيا في ولاية ترمب السابقة أضخم رُزم عقوبات فرضتها واشنطن. ومن ناحية ثانية، فشل الطرفان أيضاً في تحسين شروط التعاون حيال ملفات إقليمية مهمة، فتدهور الوضع حول إيران بعد انسحاب ترمب من الاتفاقية النووية، وتراجع الأخير عن تنفيذ تعهد الانسحاب من سوريا.

ثلاثة أفخاخ

بناءً عليه، بدت موسكو أكثر حذراً هذه المرة وهي تستقبل أنباء فوز ترمب الساحق. وحقاً، تجنّبت تعليق آمال جدية، بانتظار ما ستقدم عليه الإدارة الجديدة من خطوات عملية فور تسلم الرئيس منصبه رسمياً في يناير (كانون الثاني) المقبل.

لكن هذا لم يمنع التوقّعات المتشائمة، التي غلبت على العلاقة، من البروز بشكل مباشر أو غير مباشر. والحال أن موسكو تبدو حالياً ضعيفة الثقة بقدرة «ترمب الجديد» على تجاوز التغيّرات الكبرى التي شهدتها الأوضاع الإقليمية والدولية خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الإطار، أجمل أليكسي بوشكوف، عضو مجلس الشيوخ الروسي وأحد خبراء السياسة المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين، المأزق الذي يواجه ترمب بأنه يشتمل على «ثلاثة أفخاخ صعبة».

الفخ الأول، بطبيعة الحال، هو ملف أوكرانيا: فلقد استثمرت الولايات المتحدة بالفعل الكثير في أوكرانيا لدرجة أنها ما عادت تعرف كيفية الخروج من هذه الأزمة. وهنا لا تتوقف موسكو كثيراً عند الوعود الانتخابية لترمب بإنهاء الحرب في 24 ساعة. ويتساءل بوشكوف: «هل ستتخلى واشنطن عنها مثل أفغانستان؟ لم يعد يمكنها ذلك». أو تكمل ما بدأته الإدارة الديمقراطية؟ عندها... وكما حذّر ترمب بحق، فإن هذا قد يؤدي إلى صراع نووي مع روسيا. تدرك موسكو حجم الصعوبات التي تواجه ترمب في هذا الملف.

أما الفخ الثاني، فهو شرق أوسطي. وهنا - حسب بوشكوف - «لا يمكن لترمب التراجع عن دعم إسرائيل بسبب وجود لوبي قوي جدّاً مؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة. لكنه لا يستطيع دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علناً في كل ما يفعله، لأن هذا يضرّ بمكانة الولايات المتحدة في العالم العربي (...) ولأن المخطط الأميركي لمصالحة إسرائيل مع جيرانها ما زال موضع شك. لقد حاولت الولايات المتحدة إخراج إسرائيل من عزلتها في المنطقة... لكن هذا المدخل لم يعد يعمل. وعلاوة على ذلك: يُصرّ العالم العربي على إقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما ترفضه إسرائيل بشكل قاطع. إذن فهذا أيضًاً فخ».

وأما الفخ الثالث فهو تايوان. ووفقاً لبوشكوف: «من الممكن أن تصبح قضية تايوان فخاً كبيراً للولايات المتحدة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ستدعم أوروبا الأميركيين إذا دخلت الولايات المتحدة في صراع مع الصين؟ لقد قوّضت أوروبا نفسها اقتصادياً بشدة بالفعل بسبب انفصالها عن روسيا. وإذا فتحت أيضاً معركة مع الصين، التي يبلغ حجم تجارة الاتحاد الأوروبي معها تريليون دولار أميركي، فمن المرجح أن ينهار الاقتصاد الأوروبي ببساطة».

قنابل موقوتة

السياسي الروسي يرى أن «الأفخاخ الثلاثة» تمثل قنابل موقوتة بالنسبة إلى دونالد ترمب... مهما كانت طبيعة التركيبة النهائية لفريقه الرئاسي، أو خطواته الأولى على صعيد السياسة الخارجية.

فضلاً عن ذلك، يرى بوشكوف، أن ترمب الذي تعهد بإيلاء القدر الأكبر من الاهتمام للإصلاح الداخلي، سيواجه صعوبة كبرى في إيجاد توازن بين الانكفاء إلى الداخل من أجل تحسين الأداء الاقتصادي ومواجهة الهجرة و«إعادة أميركا عظيمة» بقدراتها واقتصادها ومستوى المعيشة لشعبها، وبين العمل بسرعة لتنفيذ وعود انتخابية بإنهاء حروب وتقليص التوتر في أزمات خارجية. ويضيف متسائلاً: «كيف يمكن أن تكون أميركا عظيمة مجدّداً... وهي تنكفئ في السياسة الدولية؟».

تبدو موسكو حالياً ضعيفة الثقة بقدرة «ترمب الجديد» على تجاوز

التغيّرات الكبرى التي شهدتها الأوضاع الإقليمية والدولية خلال السنوات الأخيرة

تباين حيال التسوية في الشرق الأوسط

لا يبدو أن موسكو تثق كثيراً بقدرة ترمب على لعب دور نشط لإنهاء الحرب على غزة ولبنان، ودفع الإسرائيليين إلى التوصّل لحلول سياسية تعيد الهدوء - ولو نسبياً - إلى الشرق الأوسط.

وهنا، يذكر خبراء أن المدخل الأميركي السابق قام على أساس تعزيز اتفاقات تطبيع وفرض سلام من نوع خاص، لا يؤدي إلى تسوية سياسية حقيقية تنهي العنف في المنطقة وتنزع ذرائعه.

وترمب نفسه أعرب خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى عن نيته التوسط في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكنه أظهر لاحقاً التقارب مع إسرائيل من أجل كسب دعم المانحين الرئيسيين والناخبين الرئيسيين، وخاصة الصهاينة المسيحيين الإيفانجيليين.

بحسب خبراء، هذا الموقف يتوافق مع النهج القائل: «أميركا تفعل ما تريد، وبالتالي أصدقاء أميركا يفعلون ما يريدون». مع الإشارة هنا إلى أن هذا النهج المائل إلى عقد «صفقات» ينصّ على «امتيازات خاصة للحلفاء كدفعة مقابل الأمن». غير أن موسكو ليست مقتنعة بأن هذا المدخل سيعزّز طريق الحلول النهائية للمنطقة.

ومقابل القناعة الروسية بالعودة إلى الآليات التي توافر عليها نوعٌ من الإجماع الدولي، كإحياء «الرباعية الدولية» وتوسيعها بضم بعض الأطراف الإقليمية المهمة (المملكة العربية السعودية ومصر وجامعة الدول العربية)، وأيضاً العودة إلى مبادئ التسوية القائمة على أساس رفض التوسّع الجغرافي للاحتلال، وإعلاء «مبدأ حل الدولتين» ووضع خرائط طريق جديدة بينها «المبادرة العربية للسلام»، فإن مدخل ترمب يقوم على عقد صفقات سريعة للتهدئة، وترك المناطق أمام «برميل بارود» قابل للانفجار مجدداً في أي وقت.

في هذا الإطار لا يتوقّع خبراء روس أن تكون التسوية في الشرق الأوسط بين أولويات الحوار المنتظر مع الإدارة الأميركية الجديدة، بالنظر إلى أن هذا الموضوع فيه تباعد واسع في وجهات النظر، ولا يدخل ضمن الملفات التي قد يكون بوسع الطرفين التوصل إلى صفقات حولها.

وفي الوقت ذاته، ترى موسكو - وفقاً لتحركات محدَّدة برزت في سوريا، ومن خلال حوارات مكثفة أجريت غالباً خلف أبواب مغلقة مع الجانب الإسرائيلي - أن بوسعها لعب دور أساسي في تأكيد دورها بضمان أمن إسرائيل من جهة سوريا وإيران مستقبلاً. وهو ما يعني أن هذا الموضوع قد يكون جزئياً على طاولة حوار روسي - أميركي في وقت لاحق.

تأهب للحوار حول سوريا

في هذه الأثناء، لدى الأوساط الروسية نظرة إيجابية، ولكن حذرة، بشأن احتمالات سحب ترمب القوات الأميركية من سوريا إبان ولاية ترمب الجديدة.

موسكو تتذكر الإرادة الأميركية في الانسحاب من سوريا إبان ولاية ترمب السابقة، لكن يومذاك كان التهديد الإرهابي ما زال نشطاً، والخطوط الفاصلة ومناطق النفوذ لم تكن قد تبلورت بشكل شبه نهائي. لذا يرى خبراء روس أن ترمب عندما يتكلّم عن سحب القوات حالياً فهو ينطلق من واقع ميداني وسياسي جديد. وبالتالي، سيكون حذراً للغاية عند مناقشة هذه المشكلة مجدداً.

أيضاً، ونظراً لوعود ترمب الانتخابية المتكررة، يُرجح أن ترغب واشنطن في سحب قواتها من سوريا، لكن لا يبدو لموسكو أن هذه القضية ستكون مُدرجة على جدول الأعمال ضمن أولويات التحرك الأميركي حالياً.

لقد قوبلت خطط ترمب لسحب القوات في السابق بمقاومة مفتوحة، خاصة من «القيادة الوسطى» الأميركية وشخصيات، مثل بريت ماكغورك، الذي عمل مبعوثاً خاصاً لمكافحة «داعش» حتى أواخر عام 2018، واستقال قبل شهرين من انتهاء فترة ولايته، مباشرة بعد قرار إدارة ترمب سحب القوات من سوريا في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018. بعدها عيّن جو بايدن، الرئيس الأميركي المنتخب، عام 2020، ماكغورك منسقاً لمجلس الأمن القومي الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واكتسبت سياسة واشنطن في سوريا لدعم حزب العمال الكردستاني «وحدات حماية الشعب» زخماً.

حالياً يعود الملف إلى دائرة النقاش، ولقد برز بشكل واضح خلال اجتماعات «جولة آستانة للحوار» التي انعقدت أخيراً. وأكد المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف إلى سوريا في ختام الاجتماعات أن موسكو منفتحة على الحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة فور تشكيلها، لبحث الملفات المتعلقة بسوريا. وقال الدبلوماسي الروسي: «إذا كانت هناك مقترحات، فإن الجانب الروسي منفتح، ونحن على استعداد لمواصلة الاتصالات مع الأميركيين».

وفي هذا المجال، تنطلق موسكو من قناعة بأنه لا يمكن التوصل إلى بعض الحلول الوسط إلا من خلال المفاوضات المباشرة. وهي هنا مستعدة للاستماع إلى وجهات النظر الأخرى، وربما تقديم بعض الضمانات التي تحتاج إليها واشنطن لتسريع عملية الانسحاب ودعم التسوية في سوريا برعاية روسية تضمن مصالح الأخيرة.