تونس: عرض «سرفانتس ـ فلامنكو» في اختتام {مهرجان موسيقات}

رقصات الفلامنكو الإسباني ومزيج من الغناء الغجري

فرقة رقص الفلامنكو الإسبانية
فرقة رقص الفلامنكو الإسبانية
TT

تونس: عرض «سرفانتس ـ فلامنكو» في اختتام {مهرجان موسيقات}

فرقة رقص الفلامنكو الإسبانية
فرقة رقص الفلامنكو الإسبانية

اختتمت الدورة 11 من مهرجان موسيقات 2016 في تونس بفضاء مركز الموسيقى المتوسطية المعروف بقصر النجمة الزهراء، على إيقاعات رقصة الفلامنكو الإسبانية الساحرة من خلال عرض «سرفنتس - فلامنكو». وتضمن العرض ومضات من موسيقى الجاز الأفريقي والتانغو الأرجنتيني، ولمحات مضيئة من الموسيقى الراقصة الأندلسية على غرار «الفاروق» التي تشكل، وفق مختصين في عالم الموسيقى، جزءا من مدونة الفلامنكو.
واعتمد العرض على نصوص الإسباني «ميغوال دي سرفنتس» الخالدة ليكون مزيجا غريبا ولكنه مستحب من الموسيقى الصاخبة والألوان المبهرة، وعرف متابعة عدد مهم من الشغوفين بالاطلاع على موسيقى الشعوب.
وتميز عرض «سرفنتس - فلامنكو»، بمعزوفات البيانو التي رافقتها آلة إيقاعية برفق يصل حد الخيال، ومزيج من الغناء الغجري المليء بالحزن واللوعة والشجن المستوحى من الموروث الإسباني العريق.
وكشف العرض عبر الموسيقى على عدد من الرؤى والدلالات المستمدة من جذور إبداع الفلامنكو، ومن الموسيقى الكلاسيكية المتأثرة بأشكال من موسيقى الجاز القادم من أميركا اللاتينية والمتأتية من الجذور الأفريقية. ورافقت هذا المشهد الرائع لوحات من رقصات الفلامنكو الفردية التي تبهر الناظرين بتناسق حركاتها وأنفة وشدة مؤدي تلك الرقصات التي تبقى عصية على من لا يدرك أسرارها ومن لا يبحر في عالمها.
وبشأن سلسلة العروض التي عرفتها هذه التظاهرة، قال محمد علي الحمامي رئيس لجنة تنظيم مهرجان موسيقات في تصريح إعلامي، إن المهرجان تمكن من استقطاب عدد كبير من المتابعين لألوان زاهية من الموسيقى، وأشار إلى أن بعض العروض تجاوزت طاقة استيعاب قاعة العروض التي لا تزيد عن 250 شخصًا وهو دليل على أهمية هذه العروض وعلى نوعية متابعيها.
وتميزت تظاهرة موسيقات في عشريتها الثانية وعلى مدى نحو أسبوعين من 7 إلى 22 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بباقة من الألوان الموسيقية والنغمات التي جمعت بين السالسا والفادو والفلامنكو وأغاني السول الأفريقية لتؤكد على اختلاف الثقافات وتجذرها من جهة وعلى تكامل اللغة الموسيقية العالمية من جهة ثانية وعلى انفتاحها على كل الشعوب.
وتمت برمجة مجموعة هامة من العروض الموسيقية التي تجمع بدورها ألوانا موسيقية متشبعة تنهل من معين التراث العالمي، ومن بينها ألوان من الموسيقى الهندية والتركية والإيرانية والأفريقية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».