ماذا تعرف عن النرجسية الصحية؟https://aawsat.com/home/article/767121/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B1%D8%AC%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D8%A9%D8%9F
تعد «النرجسية» من المصطلحات سيئة السمعة، ذلك أنها دومًا ما ترتبط في الأذهان بنمط مقيت من الشخصيات، ويعتبرها البعض مرضًا نفسيًا خطيرًا. وحسبما يوضح مقال نشرته مجلة «سيكولوجي توداي»، فإن اضطراب الشخصية النرجسية أمر شديد السلبية بالفعل وتتسم الشخصية المصابة به بسمات كريهة، مثل الغطرسة والولع المفرط بالذات والحاجة المستمرة لإطراء الآخرين والافتقار إلى التعاطف مع الغير. ومع هذا، يشرح المقال أن «النرجسية» في حد ذاتها، على خلاف الاعتقاد الشائع، ليست أمرًا سلبيًا ولا حتى إيجابيًا، وإنما هي سلسلة متصلة تبدأ من طرف صحي وتنتهي عند طرف آخر مرضي. بالنسبة للصورة الصحية من النرجسية، فإنها ترتبط على نحو وثيق بالاعتداد بالذات وتقديرها، لكنها ليست مطابقة تمامًا لهما. في الحقيقة، تتمثل النرجسية الصحية في شعور المرء باللذة والسعادة تجاه جماله، وأسلوب تفكيره وإنجازه لمهمة صعبة على نحو جيد. إنها شعور المرء بسعادة ونشوة تجاه نفسه. ولا تخلو مراحل نمو الإنسان من مرحلة نرجسية يكون من الطبيعي تمامًا خلالها تركز جل اهتمام الإنسان على نفسه. وتبدأ المرحلة النرجسية في النمو من قرابة العامين - ذات العمر الذي يبدأ الإنسان عنده في الحديث. في تلك الفترة، يبدأ الأطفال في استخدام كلمات «أنا» و«لا»، ويتصرفون باستمرار باعتبار أن العالم بأكمله يدور حولهم، دون اهتمام باحتياجات ورغبات الآخرين. في المقابل، نجد أن النرجسية بوجهها الصحي، التي يصفها البعض ببناء «علاقة غرام مع العالم»، أمر يمكن للبالغين الإبقاء عليه، لكن دونما الاعتقاد أن المرء محور الكون. إنها ببساطة شعور الإنسان بالسعادة والجزل حيال ذاته والبصمة التي يتركها على العالم من حوله. وتكمن أهمية النرجسية الصحية في أن شعورك بالسعادة والرضا تجاه ذاتك خير معين لك لاجتياز اللحظات العصيبة والإخفاقات التي قد تواجهها. كما أن شعور المرء بالسعادة تجاه جماله الخارجي يعينه على اجتياز لحظات الإحباط والفشل العاطفي بسلام. وللأسف، يعجز بعض الأشخاص في تنمية شعور بالنرجسية الإيجابية وحب الذات الصحي لديهم، الأمر الذي قد تقف وراءه عوامل مختلفة، منها وجود أبوين شديدي الأنانية يستحوذان على كل اهتمام أطفالهم، على نحو لا يترك للأطفال فرصة لتوجيه بعض الاهتمام لأنفسهم. ومن بين الأسباب المحتملة الأخرى خوف الطفل من التعرض لعقاب أو معاملة عدوانية من المحيطين حال تفوقه بمجال ما، الأمر الذي يدفعه لإخفاء أو كبت تفوقه عمدًا.
بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.
وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».
سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».
وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».
وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.
واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.
وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».
وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».
لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.
ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».
تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.
وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».
العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».
وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.