«الأقصر في زويفيغيم».. أول معرض فني لعائلة مصرية في بلجيكا

فنان الألوان المائية وائل نور يعكس جمال الطبيعة الصعيدية بلوحاته

من أعمال الفنان وائل نور تمثل الطبيعة المصرية في الجنوب - الفنانة يسرا تصور المرأة المصرية بطابع عصري في لوحاتها
من أعمال الفنان وائل نور تمثل الطبيعة المصرية في الجنوب - الفنانة يسرا تصور المرأة المصرية بطابع عصري في لوحاتها
TT

«الأقصر في زويفيغيم».. أول معرض فني لعائلة مصرية في بلجيكا

من أعمال الفنان وائل نور تمثل الطبيعة المصرية في الجنوب - الفنانة يسرا تصور المرأة المصرية بطابع عصري في لوحاتها
من أعمال الفنان وائل نور تمثل الطبيعة المصرية في الجنوب - الفنانة يسرا تصور المرأة المصرية بطابع عصري في لوحاتها

شهدت قاعة «برستيج زويفيغيم» في مدينة زويفيغيم البلجيكية، افتتاح أول معرض فني من نوعه بعنوان» الأقصر في زويفيغيم» لأسرة مصرية هي أسرة الفنان التشكيلي وائل نور (37 سنة) وزوجته الفنانة يسرا حفض (36 سنة) وطفلهما أنس (7سنوات).
وأقيم المعرض الأسبوع الماضي، في إطار التعاون الثقافي المصري البلجيكي وتحت رعاية سفير مصر في بلجيكا إيهاب فوزي، وعمدة مدينة زويفيغيم البلجيكية يوهان روليز.
ويضم المعرض 10 لوحات للفنان وائل نور تمثل الطبيعة المصرية في الجنوب والآثار الفرعونية على ضفاف النيل والحياة الريفية في محافظة الأقصر، بينما تعرض الفنانة يسرا حفض ثلاث لوحات زيتية تمثل المرأة المصرية بأسلوب واقعي حديث.
كما شارك الطفل أنس بلوحتين تعكسان رؤيته الطفولية لمدينته فعبر بألوان مبهجة عن جمالها الريفي ومعالمها السياحية.
وفي كلمته عن المعرض، قال القنصل البلجيكي لقطاع جنوب مصر كريس هويبريكتس: «يسعدني ويشرفني مساعدة صديقي العزيز وائل نور وعائلته بإقامة (معرض الأقصر في زويفيغيم) في بلجيكا. فأنا مؤمن بأنهم فنانون حقيقيون وأعمالهم تلمس قلوبنا وأنا أحترمهم من كل قلبي كمصريين يحبون بلدهم، ويظهرون صورتها للعالم في أفضل وجه»
وشهد المعرض إقبالا كبيرا من عشاق الفن التشكيلي وتحديدا عشاق مصر ومدينة الأقصر، وجاءت فكرته بعد أن وجهت السفارة البلجيكية دعوة للفنان وائل نور لإقامة معرض لأعماله ببلجيكا بعد النجاح الذي حققه معرضه السابق على هامش مهرجان السينما المصرية الأفريقية والذي أقيم بمحافظة الأقصر في مارس (آذار) الماضي. ثم تبلورت الفكرة لدى السيدة Hilde Mahieu المشرفة على قاعة العرض «برستيج زويفيغيم» والداعمة للفنان وأسرته بعد معرفتها بحب الطفل أنس للفن وبراعة أعماله الفنية فدعت لإقامة معرض للعائلة المصرية ليصبح أول معرض لعائلة مصرية ببلجيكا.
لوحات المعرض شديدة الخصوصية تعبر عن الحياة في بر مصر وتحديدا عن معالم مدينة الشمس أو طيبة القديمة، تتجلى فيها مدينة الأقصر ببهائها الفرعوني وبساطة أهلها إلى جانب لوحات تجسد جمال المرأة المصرية الصعيدية وملامحها القوية وأناقتها المستمدة من ملكات الفراعنة.
استطاع الفنان وائل نور أن يفصح بخطوطه الهندسية إلى جانب ضربات فرشاته وإيقاعاتها المتواصلة عبر الألوان والظلال واللعب بالأضواء أن يأخذ المتلقي عبر لوحاته إلى مدينة عمرها آلاف السنين بتلقائية في التعبير وألوان هادئة تجلب للعين الراحة والمتعة، فألوانه تشعر أنها أخذت من الطبيعة قوتها ونقاءها، وهي تتراوح ما بين درجات الأصفر الترابي والرمادي والزيتي. كما استطاعت الفنانة يسرا حفض أن تختزل عبر فن البورتريه طبائع فتيات الأقصر من خلال إتقانها لنحت الوجوه وإظهار الملامح بامتداد الوجوه وكأنها منحوتات تظل عبر أطر اللوحات. فهي فنانة واعدة وسبق أن فازت بجائزة التصوير وجائزة السفارة البلجيكية من خلال مشاركتها بصالون الجنوب الدورة الرابعة.
إلى ذلك حظي المعرض باهتمام من وسائل الإعلام والصحف الكبرى ببلجيكا. وأشارت ريهام سمير، المستشارة بالمكتب السياحي المصري في بلجيكا المشرف على دول منطقة البنلوكس، إلى أن المعرض فرصة للترويج للسياحة في مصر، قائلة: «يتناول المعرض أعمالا مصرية خالصة تظهر جمال الطبيعة المصرية والحياة اليومية وبعض الأماكن الأثرية، الأمر الذي يجتذب بشدة الجمهور البلجيكي المحب بطبعه للفنون والثقافة».
وأضافت: «تسهم مثل هذه المعارض المختلفة الثقافية والفنية في تقديم مصر بصورة مختلفة لم يرها الشعب الأوروبي وخصوصا البلجيكي حيث تسلط الضوء على الرقي الثقافي والإبداع الفني للشخصية المصرية، وهذا المعرض الفني المتميز يسهم في تسليط الضوء على الأقصر على نحو خاص».
تتلمذ الفنان وائل نور والشهير بفنان الألوان المائية، على يد الفنان العالمي الراحل بخيت فراج، الذي يعد آخر جيل الرواد في فن الألوان المائية الكلاسيكية، حيث تتميز لوحات نور بالأسلوب الكلاسيكي الذي يعتمد على الشفافية الشديدة للألوان، وعن سبب تمسكه بالانتماء لمدرسة الألوان المائية، يقول الفنان التشكيلي وائل نور، لـ«الشرق الأوسط»: «الألوان المائية الكلاسيكية تعتبر من أصعب الألوان في استخدامها، ولا بد أن تتسم بالشفافية ولا يحبذ أن تكون معتمة، وتقريبا في مصر حاليا لا يوجد من يستخدمها، لكنني عشقت أسلوب الرسم بها من أستاذي الراحل بخيت فراج فنان الألوان المائية العالمي، وهو مصنف ضمن أفضل الرسامين العالميين بالألوان المائية، كما أنه تلميذ الفنان شفيق رزق وحبيب جورجي من رواد الفن الحديث في مصر». وأشار نور إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يعرض فيها أعماله خارج مصر، إلا أن الكثير من الأجانب المقيمين في مصر متابعون لأعماله ومعارضه التي يقيمها في مدينة الأقصر.
يتناول نور في لوحاته طبيعة صعيد مصر بوجه عام وتحديدا الطبيعة الصامتة وأماكن قد لا يراها السائح العادي في رحلته إلى الأقصر فلا وجود للشخوص في لوحاته إلا فيما ندر وعادة ما تستغرق اللوحات ما بين يوم إلى أسبوع. ويشير إلى أن مكمن الصعوبة في استخدام هذه الألوان أن «الفنان لا يمكنه التعديل في لوحاته وعليه أن يجسد فكرته من أول مرة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».