«العفو الدولية» تحذر القوات الحكومية والميليشيات الشيعية من ارتكاب انتهاكات في الموصل

شيخ عشيرة نافذ لـ«الشرق الأوسط»: «الحشد الشعبي» يستهدف أحياء سكنية في المدينة بالصواريخ

نازحون موصليون يغادرون المدينة. («الشرق الأوسط»)
نازحون موصليون يغادرون المدينة. («الشرق الأوسط»)
TT

«العفو الدولية» تحذر القوات الحكومية والميليشيات الشيعية من ارتكاب انتهاكات في الموصل

نازحون موصليون يغادرون المدينة. («الشرق الأوسط»)
نازحون موصليون يغادرون المدينة. («الشرق الأوسط»)

حذر عدد من زعماء القبائل العربية في العراق في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من مغبة مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران في معركة تحرير الموصل. وقال زعيم التحالف العربي العراقي الشيخ فهران حواس الصديد، أحد شيوخ عشائر شمر: «لا نقبل بأن تتم عملية تحرير المدينة بوجود قوات متحاملة على أهاليها وتتوعدهم بالقتل والثأر من أجل تنفيذ أجندات طائفية». وتابع: «لقد طالبت جهات كثيرة وطالبنا من رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة بعدم زج ميليشيات الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل، لأننا لا نقبل أن يكون أبناؤنا بين سندان (داعش) ومطرقة الميليشيات الطائفية التي قتلت الآلاف من العراقيين في محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار بحجة تحرير المدن من سيطرة التنظيم المتطرف».
وأضاف الصديد: «تتمركز ميليشيات الحشد في مناطق قريبة جدًا من حدود الموصل وهي تقوم الآن بإطلاق الصواريخ وقذائف المدفعية على الأحياء السكنية داخل المدينة وبشكل عشوائي مما تسبب في سقوط العشرات من الضحايا المدنيين». وتابع: «لم تعد لدينا ثقة بأي جهة تمثل القوات الحكومية بعد أن اخترقت تلك الميليشيات قوات الشرطة الاتحادية وقوات النخبة ووصل الاختراق إلى قوات الجيش العراقي الذي وصل إلى مناطق جنوب الموصل وهو يحمل رايات وشعارات طائفية». وأكد الصديد أن «الأهالي في داخل المدينة يقومون بالاتصال بنا بشكل يومي والكل يبدي الخوف من قتلهم من قبل التنظيم الإرهابي الذي سيتأثر بخسارته أمام القوات الحكومية وربما يرتكب مجازر بحق المدنيين قبل تسليمه المدينة، وكذلك الخوف من القوات المحررة التي ستدخل الموصل خصوصًا أن الكثير من عناصر الميليشيات ستدخل المدينة بزي القوات الأمنية على غرار ما حدث من قبل في المدن السنية التي تم تحريرها مثل الفلوجة والصقلاوية وتكريت وغيرها».
إلى ذلك، قال المستشار السياسي لـ«ائتلاف متحدون»، جعفر عبد الكريم حبيب، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حساسية كبيرة بين أهالي نينوى تجاه (الحشد الشعبي) بسبب ما حصل في الأنبار وصلاح الدين والمقدادية في محافظة ديالى، ونخشى أن تتكرر التجربة نفسها في الموصل، ونتمنى أن يكون هناك تفهم من قبل (الحشد الشعبي) لموقفنا هذا، وذلك لأننا لا ننطلق من تفرقة مذهبية عندما نقول لا نريد (الحشد الشعبي)».
وتتقدم الميليشيات الشيعية إلى جانب القوات العراقية باتجاهين؛ من ناحية القيارة جنوب الموصل باتجاه الشورة وحمام العليل ونمرود والقرى الواقعة في طريقها، واتجاه آخر نحو غرب الموصل حتى الوصول إلى قضائي تلعفر والبعاج، لقطع الطريق على «داعش» ولمنع الحصول على إمدادات من سوريا أو الهرب.
أما المحلل السياسي والاستراتيجي الموصلي، علي الربيعي، فيقول إن «وجود عناصر مندسة تنفذ أجندات بين عناصر (الحشد الشعبي) خلقت حالة من عدم الثقة بين أهل الموصل وهذه القوات، وقد اتُفق قبل بدء عملية تحرير الموصل على دور (الحشد الشعبي) فيها، وهذا الدور، وبحسب توجيهات القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي، سيتمثل في اكتفاء هذه القوات بتطويق الموصل عن بعد فقط، وعدم دخول المدينة».
إلى ذلك، حذرت منظمة العفو الدولية أمس من أن الميليشيات الشيعية والقوات الحكومية قامت بعمليات تعذيب واعتقال تسعفي وإعدام بحق آلاف المدنيين الفارين من المناطق الخاضعة لتنظيم داعش، وقالت المنظمة إن التجاوزات وبمعظمها هجمات انتقامية موجهة ضد مشتبه بهم من السنة بالتواطؤ مع التنظيم المتطرف وإن هذه الممارسات يجب ألا تتكرر في الموصل. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن فيليب لوثر، مدير أبحاث الشرق الأوسط في المنظمة، قوله «بعد الفرار من رعب الحرب وطغيان تنظيم داعش، يواجه العرب السنة في العراق هجمات انتقامية وحشية على أيدي ميليشيات وقوات حكومية وتجري معاقبتهم على جرائم ارتكبها التنظيم». وأضاف: «العراق يواجه حاليا تهديدات أمنية فعلية من تنظيم داعش لكن لا يمكن أن يكون هناك مبرر لعمليات إعدام خارج إطار القضاء وعمليات اختفاء قسري وتعذيب أو اعتقال تعسفي». وتابع: «فيما تنطلق معركة استعادة الموصل، من الضروري أن تتخذ السلطات العراقية خطوات لضمان عدم تكرار هذه التجاوزات الشنيعة». وقال لوثر إن «السلطات العراقية التي ساهم عدم تحركها في مواجهة التجاوزات الواسعة النطاق بجو الإفلات من العقاب الحالي، يجب أن تضبط الميليشيات وتوضح أن مثل هذه الانتهاكات الخطيرة لن يتم التسامح معها». وحذر من أن «عدم القيام بذلك سيؤدي إلى استمرار حلقة مفرغة من تجاوزات وقمع وظلم ويثير مخاوف جدية حول سلامة المدنيين الذين لا يزالون في الموصل».
بدورها، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر كافة الأطراف المتحاربة في مدينة الموصل العراقية أمس، إلى تفادي المدنيين والسماح بإجلاء الجرحى. وقال روبرت مارديني، المدير الإقليمي للمنظمة للشرق الأدنى والأوسط، في إفادة صحافية في جنيف، إن اللجنة عززت المراكز الطبية لعلاج أي مصابين جراء الأسلحة الكيماوية. ونقلت عنه وكالة رويترز أن اللجنة تأمل في متابعة علاج من تحتجزهم أو تتحرى عنهم الحكومة العراقية أثناء فرارهم من الموصل.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.