قصر الحمراء يحتل المرتبة الأولى من بين أفضل المعالم في إسبانيا

{الإسلامية} منها تتقدم على {الإسبانية} حسب دليل «لونلي بلانيت»

قصر الحمراء في المرتبة التاسعة حسب دليل {لونلي بلانيت}
قصر الحمراء في المرتبة التاسعة حسب دليل {لونلي بلانيت}
TT

قصر الحمراء يحتل المرتبة الأولى من بين أفضل المعالم في إسبانيا

قصر الحمراء في المرتبة التاسعة حسب دليل {لونلي بلانيت}
قصر الحمراء في المرتبة التاسعة حسب دليل {لونلي بلانيت}

اختار دليل السفر والسياحة الذي صدر أخيرًا عن مؤسسة «لونلي بلانيت» (Lonely Plannet) 500 من المناطق الأكثر أهمية في العالم لزيارتها، وقد احتل «قصر الحمراء» المرتبة الأولى من بين أهم المعالم في إسبانيا، حيث جاء في المرتبة التاسعة، حسب دليل «لونلي بلانيت»، متقدمًا على «لا ساغارادا فاميليا» الضخمة في برشلونة التي احتلت المرتبة 16، وهي الكاتدرائية التي قام بتخطيطها أنتونيو غاودي، ولا يزال العمل مستمرًا فيها، ومن المتوقع إكمال بنائها بين عامي 2020 و2040.
وجاء مسجد قرطبة في المرتبة 73، أي أنه يتقدم على متحف البرادو ذائع الصيت في مدريد، الذي جاء ترتيبه 233، وهو المتحف الذي يضم أكثر من 7 آلاف لوحة وأكثر من ثمانية آلاف رسم، ونحو ألفي تمثال، ويحتوي أيضًا على قطع أثرية وميداليات وقطع فنية محفورة وأسلحة ونقود وصور وتخطيطات يبلغ مجموعها أكثر من 27 ألف قطعة.
ويأتي «الكاثار دي سبيا» (قصر إشبيلية) العربي رقم 235، وهو القصر الذي بناه المسلمون في مدينة إشبيلية، واعتبرته «اليونيسكو» عام 1987 من جملة التراث العالمي الذي تجب المحافظة عليه. وبذلك تكون المعالم الإسلامية (قصر إشبيلية مع قصر الحمراء ومسجد قرطبة) قد تقدمت على باقي المعالم الإسبانية، وهي «بيكوس دي أوروبا» (قمم أوروبا) التي حملت رقم 273، وهي القمم الجبلية التي تقع شمال إسبانيا، ثم متحف غوغنهايم للفن الحديث في مدينة بلباو، شمال إسبانيا، رقم 318، ومتحف دالي في بلدة فيغيراس، في إقليم كاتالونيا، شمال إسبانيا، برقم 361، ويحتوي على نحو ألف وخمسمائة قطعة فنية من تراث الفنان سلفادور دالي. ويأتي بعده متحف بيكاسو في برشلونة رقم 371، ويضم أكثر من 4 آلاف لوحة للفنان بابلو بيكاسو، ثم كاتدرائية سانتياغو دي كومبوستيلا، الواقعة في مدينة كورونيا (شمال غرب) رقم 383، وتأتي بعدها قناة سكوبيا (شقوبية) رقم 439، وتعود إلى القرن الثاني للميلاد، وأخيرًا ملعب «كامب نو» لكرة القدم في برشلونة رقم 470.
وكما هو معروف، فإن قصر الحمراء بناه العرب في مدينة غرناطة، حتى إذا ما سقطت مملكة غرناطة بيد الإسبان عام 1492 تحول إلى قصر للملكة إيزابيل وزوجها فرناندو. والقصر يعكس قمة ما وصل إليه الفن الإسلامي في عصره الذهبي، وتحول بمرور الزمن إلى رمز لمدينة غرناطة، ويزوره حاليًا أكثر من مليوني سائح سنويًا، ولا تزال حتى اليوم الكتابات العربية منقوشة على جدرانه ظاهرة للعيان، ومنها ما قاله الشاعر ابن زمرك في وصف القصر:
بهِ القبةُ الغرَّاءُ قلّ نظيرُها
ترَى الحسنَ فيها مُسْتكنًا وبادِيا
تمُدُّ لها الجوْزَاءُ كفَّ مُصَافحٍ
ويدنو لها بدْرُ السماءِ مُناجيا
أما مسجد قرطبة فهو غابة من الأعمدة، وقد تحول إلى كنيسة بعد سقوط إشبيلية بيد الإسبان عام 1236، ويمثل اليوم رمز مدينة قرطبة، وزاره عام 2015 أكثر من مليون ونصف المليون سائح.
يشار إلى أن المرتبة الأولى، حسب تصنيف دليل «لونلي بلانيت» كانت من حصة معابد انغور في كمبوديا التي تعود لدولة الخمير في القرون الوسطى، وجاء في المرتبة الثانية الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا، ثم في المرتبة الثالثة آثار «ماتشو بيتشو» في بيرو التي يعود تاريخها إلى ما قبل القرن الخامس عشر الميلادي، وفي المرتبة الرابعة سور الصين الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس قبل الميلاد، ثم تاج محل في الهند في المرتبة الخامسة، والسادس جراند كانيون في الولايات المتحدة، ثم السابع كوليسيو (المدرج اليوناني) المبني في القرن الأول الميلادي في روما، والثامن شلالات أجوازو بين الأرجنتين والبرازيل، وفي المرتبة التاسعة قصر الحمراء في غرناطة. ومن المناطق الأخرى التي وردت في هذا الدليل أيضًا آيا صوفيا في إسطنبول وسانتوريني في اليونان والمتحف البريطاني في لندن والبتراء في الأردن.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».