مصر ترفض اتهامها بإثارة الاضطرابات في إثيوبيا

أديس أبابا عرضت فيديو لمؤتمر جبهة محظورة في القاهرة بحضور نشطاء مصريين

مصر ترفض اتهامها بإثارة الاضطرابات في إثيوبيا
TT

مصر ترفض اتهامها بإثارة الاضطرابات في إثيوبيا

مصر ترفض اتهامها بإثارة الاضطرابات في إثيوبيا

نفت مصر مجددا تورطها في أعمال العنف التي شهدتها إثيوبيا مؤخرا، بينما دافع رئيس الوزراء الإثيوبي هايل ماريام دسالن عن قرار حكومته بفرض قانون حالة الطوارئ، بعد ما وصفه بـ«الخطر الذي يحيط بالبلاد والذي يهدد السلام والاستقرار والأمن الذي كانت تنعم به إثيوبيا لفترة طويلة».
وأثار شريط فيديو متداول على شبكة الإنترنت، مخاوف من تعرض العلاقات المصرية الإثيوبية لهزة عنيفة، حيث يظهر شخص يتحدث باللهجة المصرية مع تجمع يعتقد أنه من المنتمين لعرقية الأورومو في إثيوبيا.
وعرض التلفزيون الإثيوبي مقطع فيديو لاجتماع معارضين من الأورومو في مصر، أظهر شخصا يدعى محمد عبد النعيم، رئيس منظمة حقوقية أهلية تحت اسم «الوطنية المتحدة لحقوق الإنسان»، أثناء مشاركته في احتفالية «يوم جيش تحرير أورومو»، التي نظمتها الجالية الأورومية بالقاهرة قبل عدة أشهر. وتحدث عبد النعيم، في الاحتفالية، قائلاً إن «أورومو ومصر إيد واحدة.. تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر».
وقتل الأحد الماضي أكثر من 50 شخصا بمنطقة أوروميا عندما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية لتفريق متظاهرين، وأعلنت الحكومة الإثيوبية فرض حالة الطوارئ في البلاد.
وأوضح جيتاتشو رضا المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية في مؤتمر صحافي أمس أن عناصر أجنبية تسلح وتدرب وتمول مجموعات تلقي أديس أبابا عليها بمسؤولية اندلاع موجة من الاضطرابات، وأضاف: «هناك دول متورطة بشكل مباشر في تسليح تلك العناصر وتمويلها وتدريبها».
وللمرة الأولى، اتهمت إثيوبيا أمس وبشكل رسمي «عناصر» في إريتريا ومصر ودول أخرى بالوقوف وراء موجة من الاحتجاجات العنيفة تتعلق بالاستيلاء على أراض وبأوضاع حقوق الإنسان والتي دفعت الحكومة لإعلان حالة الطوارئ في البلاد، بعد أكثر من عام من الاضطرابات في منطقتي أوروميا وأمهرة بالقرب من العاصمة أديس أبابا.
وقال جيتاتشو رضا في مؤتمر صحافي «هناك دول متورطة بشكل مباشر في تسليح تلك العناصر وتمويلها وتدريبها». وأضاف أن المتورطين في الأمر ربما لم يحصلوا على تأييد رسمي من حكومات بلادهم. وأوضح أن حالة الطوارئ ومدتها ستة أشهر أعلنت لتحسين التنسيق بين قوات الأمن في مواجهة «العناصر» التي تنوي استهداف المدنيين والبنية التحتية والاستثمارات الخاصة. وذكر المتحدث الإثيوبي بالاسم إريتريا التي لها نزاع حدودي قديم مع إثيوبيا ومصر التي لها نزاع مع أديس أبابا بشأن اقتسام الحقوق المائية في نهر النيل بوصفهما مصدرين لدعم «العصابات المسلحة». لكنه قال إن من المحتمل أن هذا الدعم لم يأت من «أطراف رسمية».
في المقابل أعاد المستشار أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية التأكيد على احترام مصر الكامل للسيادة الإثيوبية وعدم تدخلها في شؤونها الداخلية.
وأضاف في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، تعليقا على الاتهامات الإثيوبية، بشأن وجود أدلة على تقديم مصر الدعم المادي والتدريب للمعارضة المسلحة الإثيوبية، أن اتصالات رفيعة المستوى تتم حاليا بين البلدين للتأكيد على أهمية الحفاظ على الزخم الإيجابي والمكتسبات التي تحققت في العلاقات الثنائية خلال الفترة الماضية، وضرورة اليقظة أمام أي محاولات تستهدف الإضرار بالعلاقات الأخوية بين حكومتي وشعبي مصر وإثيوبيا.
وأشار إلى أن الاتصالات الحالية تعكس إدراكا مشتركا لخصوصية العلاقة بين البلدين والمصالح والمصير المشترك بينهما.
وكانت أديس أبابا قد أعلنت أن وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية، السفير تايي سيلاسي قد استدعى السفير المصري لدى إثيوبيا، أبو بكر حفني يوم الأربعاء الماضي لمناقشة القضايا المتعلقة بالوضع الراهن في إثيوبيا والعلاقات بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الوزارة إن الجانبين تبادلا كذلك وجهات النظر حول القضايا ذات الصلة بتقرير تناقلته بعض وسائل الإعلام المصرية.
ولفت إلى أنه رغم الجهود على كافة المستويات الحكومية لتعزيز العلاقات، فإن بعض وسائل الإعلام المصرية توفر تقارير غير دقيقة بشأن سد النهضة الإثيوبي قد تؤثر على العلاقة بين البلدين.
من جانبه، اعتبر رئيس الحكومة الإثيوبية دسالن في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإثيوبية أن القوى المناوئة للسلام التي لا تريد للبلاد إلا خرابا ودمارا تتحرك في البلاد بدعم قوي من الخارج وأن هذه المشاكل الأمنية تحتاج إلى حل سريع.
وأضاف: «إن المجلس تأكد أن السلام والأمن في البلاد في خطر بفعل المجموعات التي نظمت نفسها من أجل الخراب والدمار بدعم من الخارج وأنها تعمل ليلا ونهارا من أجل أعمال الشغب وخلق الكراهية بين الشعوب والقوميات داخل البلاد». ولفت إلى أن الحكومة قد تيقنت أنه من الصعب حل هذه المشاكل ومنع أعمال الخراب المنظمة من خلال أنشطة رجال الأمن والشرطة بنفس الطريقة العادية، علما بأن قوات الأمن بذلت ولا تزال تبذل قصارى جهدها من أجل حل المشاكل. وقال إنه «نظرا لأن أعمال الشغب التي يقوم بها المخربون والمناوئون للسلام بدأت تتسرب إلى الشعوب والقوميات الإثيوبية بحيث تفتح أبوابا للحروب الأهلية، اضطرت الحكومة لإعلان حالة الطوارئ».
من جهته، قال المدعي الفيدرالي الإثيوبي، الذي كشف أمس عن قائمة التدابير التي سيتم اتخاذها خلال حالة الطوارئ، إن حكومته لا تعتزم فرض حظر التجول في الوقت الراهن، رغم أن القانون يسمح بذلك.
ويتهم الكثير من سكان إقليم أوروميا - وهي منطقة محورية في توجه إثيوبيا الصناعي - الحكومة بالاستيلاء على أراضيهم مقابل تعويضات هزيلة قبل بيعها لشركات غالبا ما تكون تابعة لمستثمرين أجانب مقابل مبالغ ضخمة.
ويشكون أيضا من معاناتهم للحصول على عمل حتى في المصانع التي تقام على أراض كانوا يملكونها هم أو عائلاتهم في السابق.
والشعور بالإحباط من سوء معاملة الحكومة المركزية متجذر في منطقتي أوروميا وأمهرة، حيث تنتشر المصانع الجديدة ومزارع الزهور المملوكة لأجانب، حيث يشكل سكان المنطقتين أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 99 مليون نسمة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.