محاولات علمية لاكتشاف «جين السكري»

عوامل وراثية تدفع بعض الأشخاص لتناول الأطعمة الغنية بالدهون

محاولات علمية لاكتشاف «جين السكري»
TT

محاولات علمية لاكتشاف «جين السكري»

محاولات علمية لاكتشاف «جين السكري»

قال باحثون أميركيون أمس إنهم اكتشفوا نوعًا من الجينات، يسهم في ظهور حالات «مقاومة الجسم للإنسولين» التي تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني لدى البالغين.
ولا يزال العلماء يجهلون الأسباب الكاملة لظهور مثل هذه الحالات التي تقاوم فيها خلايا الجسم استقبال الإنسولين - وهو الهرمون الذي يفرزه البنكرياس، لتسهيل امتصاص الخلايا الدهنية والعضلية للسكر من الدم. وعندها يرتفع مستوى السكر في الدم يصاب الإنسان بمرض السكري.
وتقود قلة امتصاص الخلايا للسكر من الدم بواسطة الإنسولين أيضًا إلى حدوث أمراض في القلب والأوعية الدموية والالتهابات وتكيس المبايض وتشحم الكبد حتى للأشخاص غير المصابين بالسكري.
ودقق باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد وجامعة وسكنسون في الدراسة التي نشرت في مجلة «سيل ريبورتس» المتخصصة بدراسات الخلية، فيما وصفوه بـ«شبكة من العلاقات التي تربط بين هذا الجين والميتوكوندريا، وهي موقع توليد الطاقة في كل خلية، وحالات مقاومة الإنسولين».
وقال جوشوا ناولز الأستاذ المساعد في طب القلب والأوعية الدموية بجامعة ستانفورد المشرف على الدراسة، إن الفريق توسع في فهم العلاقة بين الجين المسمى Nat2 لدى الإنسان مع ظهور حالة مقاومة الإنسولين. إلا أن الفريق درس بعمق عملية تثبيط نشاط لجين مماثل لدى الفئران هو «Nat1»، وهي العملية التي أدت إلى ظهور عجز في عملية الأيض (التمثيل الغائي) وتدني حساسية الجسم للإنسولين وازدياد سكر الدم والدهون الثلاثية. كما ظهر أن تثبيط هذا الجين أدى إلى الإخلال بعمل الميتوكوندريا، وبالتالي إلى تقليل إمدادات الطاقة إلى الخلايا.
وأضاف ناولز أن الفئران التي استبعد منها الجين المذكور شهدت زيادة في الوزن وفي أعداد الخلايا الدهنية، كما شهدت تدهورا في قدراتها على تحويل الدهون إلى طاقة وبطأت حركتها، وازدادت علامات الالتهاب لديها مقارنة بالفئران العادية.
من جهة أخرى، قال باحثون في جامعة كمبردج البريطانية إن بعض الجينات مسؤولة عن تفضيل مذاق الأطعمة الغنية بالدهون لدى بعض الناس، أي أن السبب في توجه هؤلاء الأشخاص إلى تناول الأطعمة الدهنية يعود إلى عوامل وراثية، وهو ما يؤدي إلى البدانة والسمنة. ويطلق على هذا الجين اسم «إم سي 4 آر) (MC4R).
وتعد الطفرات في هذا الجين السبب الوراثي الأكثر شيوعا للبدانة المفرطة في العائلات، حسب الباحثين. ويعتقد أن نحو شخص من بين كل ألف شخص يحمل نسخة معيبة من هذا الجين الذي يتحكم في الجوع والشهية، وكذلك مدى قدرتنا على حرق السعرات الحرارية.
ونقلت قناة «بي بي سي» عن صدف فاروقي، المعدة الرئيسية للدراسة الباحثة بمعهد ويلكوم ترست للأبحاث الطبية وعلوم التمثيل الغذائي في جامعة كمبردج، أن النتائج تشير إلى أن جزءًا من تفضيلنا لأنواع معينة من الغذاء يعود إلى علم الأحياء وليس إرادتنا الحرة. وأضافت: «حتى لو تحكمت بشكل كبير في شكل وطعم الغذاء، يمكن لأدمغتنا أن تتعرف على المحتوى الغذائي».
وعلى صعيد آخر، يقول تحليل جديد إن الأشخاص الذين يشعرون بقلق من فقدان وظائفهم قد يزيد لديهم احتمال الإصابة بالسكري، إذ بالمقارنة مع الأشخاص الذين يشعرون بأمان في وظائفهم فقد زادت حالات الإصابة بالسكري بنسبة 19 في المائة لدى الأشخاص الذين لا يشعرون بأمان وظيفي.
إلا أن الدراسة لم تتمكن من إثبات أن عدم الأمان الوظيفي يسبب السكري. ويمكن أن تدفع الضغوط المرتبطة بالعمل إلى الإفراط في الأكل وتجاوز الحد في القيام بأشكال أخرى من السلوك غير الصحي، كما أن هرمونات التوتر يمكن أن تشجع بشكل مباشر على زيادة الوزن أيضًا. وكل هذه الأمور تسهم في زيادة خطر الإصابة بالسكري.
ونقلت وكالة «رويترز» عن جين فيري كبيرة معدي الدراسة أنه يجب على الأشخاص ألا يقلقوا بشكل كبير من هذه النتائج، لأن هذه الدراسة بحثت في خطر الإصابة بالسكري عبر مجموعة كبيرة من الناس. وقالت: «نحتاج إلى منهج لصحة السكان ولخفض تعرض الناس للشعور بالأمان الوظيفي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».