فن الإبرو.. لوحات قوامها البساطة والماء والمواد الطبيعية

نقله التجار المسلمون من آسيا إلى الدولة العثمانية

صناعة لوحات الإبرو - من لوحات الإبرو («الشرق الأوسط»)
صناعة لوحات الإبرو - من لوحات الإبرو («الشرق الأوسط»)
TT

فن الإبرو.. لوحات قوامها البساطة والماء والمواد الطبيعية

صناعة لوحات الإبرو - من لوحات الإبرو («الشرق الأوسط»)
صناعة لوحات الإبرو - من لوحات الإبرو («الشرق الأوسط»)

فن الإبرو، أو ما يعرف في تركيا بالرسم بالماء، هو إبداع تشكيلي يدوي تقليدي آسيوي الأصل، اكتشفه التجار المسلمون منذ أكثر من ألف عام في تركمانستان شمال الصين ونقلوه إلى إيران.
ويقول بعض الخبراء ومنهم أستاذ الخط والإبرو التركي فؤاد باشار إن التجار نقلوا هذا الفن إلى تركيا حيث اهتمت به الدولة العثمانية ومن ثم انتشر في باقي بلدان العالم وبخاصة في أوروبا الغربية.
والإبرو كلمة فارسية تعني الغيوم أو السحاب، وباللغة التركية تعني حاجب العين أو الورق الملون والمجزع، أو الورق والقماش الملون بألوان مختلفة بشكل مموج يشبه حاجب العين، كما تجيء في التركية مرادفا لمعنى الورق أو القماش الملون الذي يستخدم في تغليف الكتب والدفاتر.
وما يميز هذا الفن هو بساطته في كل تفاصيله حيث يحتاج الفنان إلى حوض من الزنك مستطيل الشكل، حوافه ملساء تمكن من انسياب أي ورقة من الحوض دون خدوش، وإلى ماء يخلط بمادة «الخفرة» وهناك من يطلق عليها الكترة وهي مادة تؤخذ من ساق عشبة تعرف باسم عفان ومن أغصانها الكبيرة وتترك المادة السائلة منها حتى تتصلب ثم تطحن لتستعمل في تقوية كثافة الماء.
ويمكن استخدام مواد أخرى بدلا عن «الكترة» مثل «السحلب»، وبذور الكتان، وبذرة السفرجل، وزيت الغار، وغيرها. ويترك المستحضر لمدة 12ساعة ويحرك من فترة إلى أخرى. في نهاية هذه المدة تذوب «الكترة» وتتحول إلى مستحلب لونه قريب من البياض.
بعد هذه العملية تجهز الصبغات في فناجين صغيرة للإبرو. ولهذا الغرض تطحن الصبغات على شكل بودرة، ويجب أن تكون الصبغات من النوع الذي يذوب في الماء ولا يتفكك، ولذلك لا تستخدم الصبغات النباتية والكيميائية.
وتذاب الصبغات في الفناجين بالتحريك وتضاف ملعقتان صغيرتان لكل فنجان من مرارة العجول من أجل إبقاء الصبغة على وجه الفنجان حتى لا تترسب، ثم تفرغ هذه الصبغات على وجه الحوض الذي تم ملؤه بالمستحلب، وتبقى هذه الصبغات على وجه المستحلب على شكل بقع وبعد خلط وتحريك هذه البقع بخشبة تتشكل أشكال ونماذج مبهرة وغريبة، بالإضافة إلى إمكانية عمل أشكال معينة حسب الطلب.
وبعد ذلك توضع الورقة الخاصة علي سطح هذه الأشكال لمدة 5 إلى 10 ثوان، ثم تمسك هذه الورقة من أطرافها وترفع وتقلب بعيدا عن الحوض دون هز أو تحريك.
توضع هذه الورقة في مكان مناسب بحيث يكون الطرف الملون إلى الأعلى. وبذلك تتشكل نماذج عديدة جدا وبألوان كثيرة وجميلة.
ولا يعترف هذا الفن بالأصباغ الكيميائية، إذ تستخلص أصباغه، كما يقول باشار، من الأكاسيد المعدنية الطبيعية من الطين، فتصفى وتطحن لتشكل أصباغا مختلفة. ولتحضير لون ما تخلط كمية من مسحوق اللون ببعض الماء وتسخن حتى يذوب المسحوق تماما ويصبح اللون على شكل رائب ويحفظ في زجاجة مع إضافة مادة الأكسيد إليها ليساعد ذلك في تمدد الصبغ على لوحة الماء أو ما تسمى «تكنة».
والبساطة هي أبرز ميزات هذا الفن وتظهر في جميع أدواته حيث يستعمل فنانوه الفرش المصنوعة من شعر ذيل الحصان، إذ لا تصلح معه الفرش المصنوعة من أي مواد أخرى. كما تستعمل إبر بأشكال متعددة وذات أسنة مختلفة، فهناك «السنبلة» و«الإبرة» و«خطيب الإبرو» و«المشط» وغيرها.
وتساعد هذه الأدوات الفنان على تمديد قطرات الأصباغ التي يلقيها على صفحة لوحته المائية من أجل تأليف أشكال متعددة لسمات لوحات الإبرو، ثم إن نوعية الورق الذي يستخدم في العمل يجب أن تكون ذات قدرة عالية على الامتصاص وخالية من الأحماض، ويمنع استخدام الورق المصقول واللامع.
ويستخدم في لوحات الإبرو ورق يسمى «أجار» ويتكون هذا الورق من خليط من النشادر وبياض البيض حيث يمتص هذا الورق المادة الصمغية مما يسهل عملية الرسم.
يضع الفنان الأصباغ التي سيستعملها في صنع لوحته، ثم يدخل الفرشاة في زجاجة اللون ويهزها قليلا لتقليل كمية الصبغ في الفرشاة ثم يمسك طرفها الخشبي باليد اليمنى ويضع الفرشاة على الإصبع الثاني لليد اليسرى، ويبدأ بالطرق على الإصبع فوق «التكنة» أو لوحة الماء بشكل متأن لرشّ اللون على شكل نقاط، وهذه العملية نفسها تتكرر مع باقي الألوان.
ويشكل فنان الإبرو أرضية لوحته الأولى ثم يضيف إليها قطرات أصباغ أخرى، ويمرر إحدى الإبر على النقطة التي يريد تمديدها على اللوحة لجهتي اليمين والشمال ولأعلى ولأسفل حتى يتم الحصول على الشكل المطلوب وحتى تعبر في النهاية عن ملامح طبيعية مستقاة من حياة الحقول والبساتين على شكل زهرة التوليب والياسمين أو السنبلة أو القرنفل أو غيرها من أشكال الزهور والورد.
وبعد هذه العمليات يضع الفنان ورقة على صفحة لوحته المائية، ثم يرفعها من أطرافها من الحوض بلطف، وتترك لتجفّ حيث يظهر بعدها الشكل المرغوب فيه من فن الإبرو.
ويشتهر الإبرو بتصميمات خاصة به منها الصخري والرخامي والشال والممشط وعش العندليب والمتردد والطاووس.
وتعبر هذه التصاميم عن المدرسة التقليدية في هذا الفن، الذي أصبح هو الآخر يعاني من انعدام الرؤية والجمال، إذ صارت لوحات المدرسة الجديدة للإبرو مثل كابوس النوم، لا يوجد فيها أساس ولا جمال، بل تنعدم فيها الرؤية بحسب قول الفنان فؤاد باشار.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».