اجتماع «أوبك» يحقق للحكومة الجزائرية انتصارًا سياسيًا على المعارضة

واجهت ضغطًا كبيرًا بسبب إجراءات تقشفية في سياق أزمة خانقة

وزير الطاقة الجزائري نورالدين بوطرفة مرحبا بضيوف الدول العربية التي شاركت في اجتماع أوبك الذي احتضنته الجزائر (أ.ف.ب)
وزير الطاقة الجزائري نورالدين بوطرفة مرحبا بضيوف الدول العربية التي شاركت في اجتماع أوبك الذي احتضنته الجزائر (أ.ف.ب)
TT

اجتماع «أوبك» يحقق للحكومة الجزائرية انتصارًا سياسيًا على المعارضة

وزير الطاقة الجزائري نورالدين بوطرفة مرحبا بضيوف الدول العربية التي شاركت في اجتماع أوبك الذي احتضنته الجزائر (أ.ف.ب)
وزير الطاقة الجزائري نورالدين بوطرفة مرحبا بضيوف الدول العربية التي شاركت في اجتماع أوبك الذي احتضنته الجزائر (أ.ف.ب)

تتوقع الأوساط السياسية والإعلامية في الجزائر تخفيف الضغط على الحكومة التي تواجه أزمة اقتصادية خانقة، وذلك بعد اتفاق تخفيض إنتاج النفط الذي توصل إليه أعضاء «أوبك» في اجتماعاتهم الأربعاء الماضي.
وتحدث الإعلام الحكومي على إثر الإعلان عن نتيجة الاجتماع عن «انتصار كبير للدبلوماسية الجزائرية»، في وقت تتعرض فيه حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ عامين لانتقادات شديدة من المعارضة والنقابات، وقطاع من وسائل الإعلام، بسبب «عجزها» عن التعامل مع أزمة شح الموارد المالية بسبب تراجع مداخيل النفط. كما تعرضت لهجومات من كل جانب خلال الأسبوعين الماضيين، بعد الكشف عن قانون الموازنة لعام 2017، الذي يفرض ضرائب ورسوما على المواطنين وترتيبات أخرى، سيتمخض عنها زيادات في المواد الغذائية الأساسية والكهرباء والغاز والوقود.
وجاء اجتماع «منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط» غير الرسمي، في وقته لـ«إنقاذ» فريق حكومي يتخبط في أزمة اجتماعية واقتصادية، ويواجه سخطا بسبب قرارات اتخذها وصفت بـ«غير الشعبية». ويعدَ الاجتماع بمثابة هزيمة سياسية للمعارضة في الداخل، التي استغلت الأزمة الاقتصادية لإضعاف الحكومة وأحزاب الأغلبية الموالية لها، ووظفتها ورقة تحسبا لحملة انتخابات البرلمان التي ستنطلق في أبريل (نيسان) المقبل.
وصرح علي حداد، رئيس «منتدى رؤساء المؤسسات»، التي تضم أشهر أرباب العمل، كلهم يدعمون سياسات الرئيس منذ 17 سنة، بأن «اتفاق الجزائر تم التوصل إليه بفضل السمعة الدبلوماسية للجزائر، التي عرفت دوما كيف تستعمل التحكيم اللازم، وكيف توظف قدراتها التفاوضية الكبيرة من أجل إنجاح المساعي التوافقية».
ويقود حداد ومنظمته مساع أطلقتها الحكومة منذ عام، تتمثل في تنويع الاقتصاد لوقف تبعيته المفرطة للمحروقات. وبذلك فهو يرى أن نتائج اجتماع الأربعاء الماضي، تعد «إنجازا يؤكد أن الجزائر قادرة على الخروج من أزمتها».
وقال حداد في مؤتمر صحافي إن «الاجتماع غير الرسمي لمنظمة أوبك في الجزائر، تحول إلى اجتماع استثنائي، انتهى إلى الاتفاق على تقليص الإنتاج إلى مستوى يتراوح بين 32.5 إلى 33 مليون برميل يوميا». ودعا بنبرة تفاؤل إلى «تطبيق إصلاحات هيكلية لتنويع الاقتصاد الوطني»، وإلى «مراجعة جذرية لمناخ الأعمال من أجل تشجيع المقاولاتية والاستثمار المنتج».
من جهته، قال مصطفى مقيدش نائب رئيس «المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي»، التابع للحكومة للإذاعة العمومية، إن نتائج الاجتماع «تعد ردا قويا على الأطراف المشككة في قدرة الجزائر على اللعب في ساحة الكبار»، وأعطى موالون للحكومة للاجتماع طابعا سياسيا ودبلوماسيا، مفيدا حسب رأيهم للجزائر أولا، قبل أن يكون اقتصاديا مفيدا للدول التي بنت اقتصادها على النفط. وبعبارة أخرى، كان الاجتماع بمثابة «نفحة هواء» قوية لنظام حكم يعاني رأسه، عبد العزيز بوتفليقة، من مرض أثَر على نشاطه بشكل كبير منذ قرابة أربع سنوات.
غير أن قطاعا آخر من الجزائريين يرون أن التفاؤل بـ«قدرة الجزائر على الخروج من النفق» سابق لأوانه. فالطاقة الإنتاجية من النفط، حسبهم، في تراجع من عام لآخر، وبالتالي طاقة التصدير تتضاءل، ما ينعكس ذلك على المداخيل. ويقول المتشائمون إنه حتى لو ارتفع سعر برميل النفط إلى 70 دولارا، فلن تستطيع الحكومة تلبية حاجيات بلد يسكنه 40 مليونا، يفتقد للغذاء وللمواد المصنعة ونصف المصنعة.
وحتى جيش الموظفين والعمال في قطاع الوظيف العمومي، وفي المؤسسة العسكرية والشرطة والدرك، سوف تجد الحكومة في غضون العامين المقبلين، صعوبات كبيرة في تسديد أجورهم الشهرية، ذلك أن التوقعات تشير إلى أن مخزون العملة الصعبة الذي كان 198 مليار دولار مطلع 2014، سيتقهقر ليصل إلى 30 مليار دولار نهاية 2017، لأن وتيرة التصدير المرتفعة بقيت منذ مدة طويلة في حدود 60 مليار دولار سنويا. كما تشير التوقعات إلى أن الاستهلاك الداخلي للطاقة سيتضاعف خلال السنوات العشر المقبلة عندما يصل سكان الجزائر إلى 50 مليونا (40 مليون حاليا).



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.